(1)
أستغرب تدلّي الأقراط النحاسية الجميلة
من أذني امرأةٍ تهوى الأغنيات الرّديئة.

(2)

أفرد تلك الأغنية وأطويها
أفردها
وأطويها
أفرد...
متى تناسب مقاسي الجديد؟

(3)

«أغنية»
مفردة لا تنتهي صلاحيتها
عكس «وطن»
التي علّمتنا كيف نشعر بالخجل من نصٍّ جيّدٍ
أو سيّءٍ كهذا.

(4)

أودّ أن أتكلّم عن الأغنيات
من دون أن أبكيك على صدرها.
ثمّ لماذا أبكيك
وأنا سعيدة معك؟
الأغنيات تدير دفّة المشاعر على هواها.

(5)

سأتوقّف عن سماع الموسيقى
حالما تبدأ تلك الطفلة بركل بطني.

(6)

-ماذا لو كانت صبيّاً؟
-أستسلم حتّى للأغنيات الهابطة،
المهمّ أن أخفت هدير الطائرات.

(7)

-ماذا لو لم تطرق الأجنّة باب رحمك؟
-هذا أفضل من إنجاب قتَلة.

(8)

هنالك قاتلٌ - على الأقلّ - في العالم
يشاركني حبّ تلك الأغنية.
ما عقوبة ذلك؟

(9)

لو كان صوتي جميلاً
لوهبته لأمّ الحرب
...
هدهدي لها أرجوكِ
هدهدي لها.

(10)

كي أزور حلب
ماذا أستقلّ
غير الأغنيات؟

(11)

مثل من شيّد حول حياته سواتر رملية
ثم تمشّى فوقها،
هكذا احتميت من رصاص الخيبات.

(12)

السّاعة الرملية
مثل كيسين متعانقين من خيشٍ شفّاف
أقلبهما
كي أصدّ العدو الأزلي
«الوقت»

(13)

قلاعٌ رمليّة كثيرة
شيدناها في صغرنا على الشواطئ
لم تستطع الدفاع عن نفسها.
بيوتنا التي من البيتون «المسلَّح» أيضاً.

(14)

الشّبّان يدفنون صديقهم برمل الشاطئ
كَبروفة طريفة.

(15)

أقبض على كمشة رمل
أباعد بين أصابعي قليلاً، وَ..
.. عفواً كنت أتحدث عن الأصدقاء.

(16)

الرّمل، الرّملة، الرّمال
مفردات دخلت في أسماء مدن وأحياء تسرّبت منّا
تماماً مثل جاراتها
الحجر، الحجارة.. إلخ

(17)

كلّ الأسماك على الرّمال تكون ميتة
هكذا واسى الغرقى بعضهم بعضاً.

(18)

في صغري كنت أجد
ظاهرة زحف الكثبان الرملية شعريّةً جدّاً،
كبرت وعلمت أنها تسبّب الكوارث،
صرت أجدها شعريّةً أكثر.

(19)

بعد كلِّ ما جرى
فكرة السراب صارت مبتذلة
ولا تثير العطش.

(20)

أستطيع أن أمشي على الرمال
أستطيع حتى أن أشقّها بعصاي
ليس من العدل أن يقيّم الماءُ الأنبياء.

(21)

مرّةً وحيدةً دخلت مقبرة
كان فيها عددٌ كبيرٌ من الصّلبان
لمستُ أحدها
ذاك المتدلّي من عنقي.

(22)

أحبّ المشي فوق الأوراق اليابسة
أستمتع بطقطقتها تحت قدميّ
هل تجلب جثثنا مثل تلك المتعة للحشرات؟

(23)

أستغرب أن يموت أناسٌ
في طقسٍ ليس جنائزيّاً.
لقد أفسدتني الأفلام حقّاً.

(24)

أتفرّس في الصّور المعلّقة في صدور المنازل
دوماً تنوي أن تقول شيئاً.
لم تكن تبدو كذلك
قبل تسلّل الشرائط السّود
إلى زواياها.

(25)

اصطحبَ معهُ إلى الحرب
صورةً مبتسمة
لامرأةٍ تنتظره وتنتحب.

(26)

كان يراسلها من هاتفه الذّكي حين قتلته رصاصةٌ،
وأطلقت قلباً صغيراً أحمرَ على شاشتها.
لم تعلم أنّه كان قلباً حقيقيّاً أكثر ممّا يجب.

(27)

كي تردّ عليهم
صاروا ينادونها:
يا «لا أحد».
مذ دفنوا اسمها
الموشوم على يده.
* كاتبة سورية تصدر قريباً باكورتها الروائية «وادي قنديل» (حصلت على منحة مؤسسة «المورد الثقافي الانتاجية» لعام 2015) عن «دار المتوسط».