أنا حاولت، وما زلت أحاول، أن أقدم الواقع الفلسطيني الذي يمثل بنظري الواقع العربي كله. أقدم نماذجه البشرية بشكل واقعي، بلا هالات ولا أوهام ولا تصنُّع حتى يرى الناس فيها أنفسهم فيتعلموا، أو على الأقل يتساءلوا. لهذا عمدت إلى أن تكون شخصياتي واقعية وأرضية ومن لحم ودم، والناس حين يقرأونها يسارعون إلى وضعها في سياق حقيقي كما لو كانوا يعرفون تلك الشخصيات معرفة حميمة. شخصياتي، حتى التي جسدتها منذ السبعينيات وما بعد، ما زالت تعيش في مخيلة الكثيرين من القراء. هؤلاء ما زالوا أحياءً في المخيلة لأنهم من الواقع، يعيشون زمن الاحتلال والهزائم، وأيضاً البطولات الفردية والثورات الجماعية، وتخبط الأبطال في زمن النحس.سحر خليفة
(روائية فلسطينية)



مما رتبته عليّ أحكام الزمان أن أستغني اليوم عما يقارب نصف ما في مكتبتي من الكتب، ولا سيما الروايات والمسرحيات والدواوين الشعرية والكتب السياسية والإعلامية، وكل ما فيها من مجلات ثقافية عراقية وسورية ولبنانية ومصرية وغيرها، وهذا أمر مؤلم!
فلي مع هذه الكتب والمجلات حكايات وذكريات: متى اشتريتها وكيف؟ وماذا استوقفني فيها عند قراءتها، وماذا تعلمت منها؟ ثم يأخذني حنين إلى سنوات، بل عقود من الزمن، مرت عليّ وأنا أجمعها وأحرص عليها، ومرت عليها وهي رهينة خزانات تتبدل وتتطور وتزداد من حقبة إلى أخرى.
إنها فصل طويل من حياة عشتها بحلوها ومرها، وعاشتها معي وهي عائلة تنمو وتزدهر، ثم يحيا منها ما يحيا، ويموت منها ما يموت.
كتب، مئات الكتب، علمتني وأثرتني، وبات علي اليوم أن أتخلص منها كما يتخلص المرء من حمل ثقيل، فيا له جور ويا له من عقوق!
سامي مهدي
(شاعر عراقي)



بسبب الحصار (العقوبات الدولية على العراق في التسعينيات)، ولأنني شاب وعليّ أن أعمل، ولأنني أدركت سريعاً أن الثقافة والكتابة والكتب والأقلام والألوان والرسم وووو هي أشياء ما توكل خبز... دخلت إلى «سوق العمل» الحضاري من أوسع أبوابه!
ما تركت شيئاً يعتب علي... من معمل «السمسمية» إلى بيع الجرائد إلى معامل سحب النحاس في حافظ القاضي (علي رستم شاهد عليّ).
غصت في عالم «هادي العتاك» إلى الرقبة، ثم "ارتقيت" قليلاً، فعملت مصححاً لغوياً في الصحف، ثم أتقنت الطباعة على الآلة الكاتبة بالطريقة القياسية، بعشرة أصابع، من خلال دورة في معهد وشهادة ومن هاي السوالف.
صرت طبّاعاً، ونضّدت العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، ثم أتقنت التصميم الطباعي، وصرت منفذاً في الصحف، ثم مصمماً طباعياً في مطابع تجارية. (سلام الطائي شاهد علي)
أنا ابن القاع ولم أشعر في يوم ما بأنني «ارتقيت» فعلاً، بالمعنى الاجتماعي أو الطبقي، ولم أنظر أبداً إلى أي مهنة على أنها أكثر شرفاً ورفعة من مهن أخرى، أو أنها تحدد قيمة الشخص. لقد صادفت فلاسفة يبيعون الشاي. وتعلمت من عمال في كافتريات، أشياء لم أكن أعرفها.
قبل سنة تقريباً وخلال سفرة أخبرت صديقاً التقيته بأنني تعبت من عالم الصحافة، لأنها كتابة تمتص رحيق الكتابة الإبداعية التي احتاجها. قال لي: وماذا ستفعل؟
قلت له: حتى لو أصنع جنبر لبيع حب عين الشمس، ما عندي مشكلة.
قال لي: أي... بس لازم تلبس قناع حتى محد يعرفك... وياخذون سيلفي وياك وأنت بهذا الوضع!
أحمد سعداوي
(روائي عراقي)