«الحياة الثانية» لجوزيه ساراماغو

  • 0
  • ض
  • ض

ترك لنا خوسيه ساراماغو (1922 ــ 2010) روايات توّجته كأحد أكثر الأصوات فرادةً في الرواية المعاصرة. صاحب «نوبل للآداب» (1998) جعل أعماله مسرحاً لتلك العوالم الفانتازية المسكونة بالتاريخ والعصور القديمة، التي كان يخمدها بواقعية مليئة بتفاصيل الحياة اليومية وروتينها. السياسة رافقت تجربة الكاتب الشيوعي وتداخلت مع مناخات أعماله. استطاع أن يزعج صندوق النقد الدولي كما الكنيسة الكاثوليكية حين وصف النصّ المقدس بأنه «دليل للعادات السيئة»، منجزاً سيرة معدّلة للمسيح في «الإنجيل بحسب المسيح» (1991، ومتهكّماً على قصة آدم وحواء في «قابيل» (2009). كالمتاهات، نسج روايات تجريبية بطبقات متعددة مفتوحة دائماً على مرجعيات تاريخية وفلسفية وسيكولوجية وسياسية، من دون أن يفقد تلك اللمعة الفطرية التي تشبه الحكمة الشعبية المتناقلة على الأفواه كما في «العمى» (1995)، و«كل الأسماء» (1997) و«الكهف» (2000). ولعل التوصيف الأحلى لأسلوبه الكتابي الحر والزئبقي، جاء على لسان الناقد الأميركي جون ميشود «تبدو رواياته كما لو أنها لا تخرج من راوٍ واحد، بل من مجموعة من الرجال المسنين الأذكياء والثرثارين الذين يتقاذفون الأحاديث على ميناء لشبونة وهم يدخنون السجائر». وفيما سيطرت الرواية على تجربته الإبداعية، غاب شعره ومقالاته، وتحديداً مسرحه، عن القراء. «أنا لست كاتباً مسرحياً» كان يقول، رغم أنه ترك خمس مسرحيات هي «ليلة» (1979) و«ماذا يمكنني أن أفعل بهذا الكتاب؟» (1980) و«الحياة الثانية لفرنسيس الأسيزي» (1987) و«القداس الأسود» (1993) و«دون جيوفاني» (2005). في خطوة لإحياء هذه التجربة مجدداً، بعدما بقي أغلبها أسير اللغة البرتغالية طوال تلك السنين، بدأت «دار ألفاغوارا» بنقل هذه الأعمال إلى اللغة الإسبانية. ستصدر المسرحيات الخمس ضمن مجلد واحد في إسبانيا في نهاية هذه السنة، وفي المكسيك بداية العام المقبل، على أن تكون البداية ربما لنقلها إلى اللغات العالمية الأخرى.

0 تعليق

التعليقات