نلتقي بعضَ الأشخاص كأنّنا داخل مكتبة حيّة، أو أمام كُتُب مفتوحة على أجمل صفحاتها. هكذا أشعر كلّما التقيتُ المستعرب الفرنسي أندريه ميكيل...التقيته، المرّة الأولى، في "مكتبة فرنسا الوطنية" يوم كان مديراً لها. ثمّ، لاحقاً، في "الكوليج دو فرانس" حول "ألف ليلة وليلة". وكان من حُسن حظّ شهرزاد أن ينقل فِتنتَها إلى اللغة الفرنسية كلّ من أندريه ميكيل وجمال الدين بن شيخ، من خلال ترجمة مُتقَنة صدرت منذ عشر سنوات عن دار "غاليمار"، ضمن سلسلة "لابلياد"، وهي تشكّل محطّة بارزة في ترجمات "الليالي" منذ ترجمة أنطوان غالان في القرن الثامن عشر...
يقترب أندريه ميكيل من السابعة والثمانين حاضِرَ الذّهن والذاكرة، "متنبّهاً إلى كلّ ثانية تمضي"، كما أسَرَّ لي أمس. كأنَّ كلّ لحظة يعيشها الآن هي بداية حياة جديدة، لكنّها الحياة التي لا تُحسَب بعدد السنين...
عيسى مخلوف
(شاعر وكاتب لبناني)

هل تعرف صانع اليرقات الصغيرة في أرواح الخطّائين؟
خذني إلى بيته
أريد أن أموت هناك
بعيداً عن الندم الذي يطاردني
لأني أحببت بعض الشرور
كأن لمعت عيناي حين مات الثور في الحلبة
وتدحرج الدم في النخب
هل تعرف ما هو النحول؟
إنه المخلب الذي يعصف في عظامك
حين تفكّر بالسرّة التي نام فيها لسانك
وفي ليلة عذاب كبيرة
تصبح إبرة من لهاث
تخز البيوت والشوارع
إن كنت لا تعرف كل هذا
فلماذا تقول إنك شاعر؟
ولماذا تقول إنك تحبّني؟
سمر دياب
(شاعرة لبنانية)

أن أشتم عينيك الباذختين المدللتين، وأشعل حريقاً صغيراً على عتبة بابك لأحظى باستغاثتك، ثم أقطع مبتهجاً حبل غسيلك، أن أسبّ سيارتك الوقحة، وأحرّض أطفال الحارة على ثقب اطاراتها بحجة أنك لا تقاطعين البضائع الاسرائيلية، وأن أكسر زجاجها بنفسي بالقرب من ليلة هياج جسدي، أن أسخر من طريقتك المضحكة في التدخين، وفي الضحك مع صاحب محطة البنزين ذي الأسنان الامامية المرعبة، وأن أتوسل ليديك أن تتضامنا معي لترتخيا فجأة وأنت تشربين الشاي الساخن ليندلق على ركبتك، تلك هي طريقتي في حبك.
زياد خداش
(كاتب فلسطيني)

النبتة الحزينة، الوحيدة في الكون ذلك الشاعر
وهو يخاطب الغيم والريح.
ويستيقظ في اخر الليل مثل راية الارض
هناك في القلب رمح وزهرة كلاهما غابة
المطر وأبي وابن اوی والصغير انا
جميعاً نسمع موسيقا الافلاك.
الأم بتلويحة من يدها تغرق في البحيرة
هكذا كنت وديعة في خزائن الليل.
زاهر الغافري
(شاعر عُماني)