أنقر على الرسم البياني لتكبيره
عند التصنيف حسب القطاعات، وجد المصرف الأميركي بأن كل قطاع من القطاعات العشرة التي يتألف منها الاقتصاد، يُظهر تباطؤاً في نمو الأرباح، بعدما كان النمو في عام 2021 في أعلى مستوياته منذ عقود عدة. ورغم أن أربعة قطاعات فقط شهدت انكماشاً منذ بداية العام الحالي، ورغم أن طفرة الأرباح في عام 2021 كانت واسعة النطاق في جميع القطاعات، إلا أنه يتضح من البيانات أن الجزء الأكبر من مكاسب الأرباح كانت في قطاع الطاقة والمواد الخام والغذاء.
في الماضي، أسست مؤشّراً لقياس أرباح الشركات العالمية على أساس نموّها السنوي في خمس دول نسبة إلى الناتج المحلّي لكل دولة (الولايات المتحدة واليابان والصين وألمانيا والمملكة المتحدة). المجموعة المحتسبة في هذا المقياس أصغر من تلك التي جمعها الاقتصاديون في «جي بي مورغان». هم يتتبعون أرباح الشركات الأكبر من 29 دولة. هذا يبدو أفضل، ولكن هناك بعض المحاذير الجدية لمقياس «جي بي مورغان». أولاً، يعتمد المقياس على الأرباح المُبلغ عنها في حسابات الشركة، التي دائماً ما تبالغ في أرباحها المعلنة. بينما يعتمد مقياسي على مؤشرات حكومية وطنية أكثر دقّة للأرباح. وثانياً، يقيس المصرف الأميركي التغير في تلك الأرباح بمتوسط متحرك لأربعة فصول سابقة، وليس على أساس سنوي لكل فصل. يميل هذا إلى جعل التغييرات لأعلى ولأسفل مبالغ فيها.
تظهر أشياء عدة من مقارنة النمو في أرباح الشركات. أولاً، إن توقف نموّ أرباح الشركات العالمية، جاء حتى قبل اندلاع جائحة كورونا والإغلاقات وانهيار التجارة الدولية، حيث ظهر تراجع في الأرباح بنسبة 2.1% في الفصل الرابع من عام 2019. ثانياً، أدّى الانتعاش الضخم في عام 2021، الذي بلغ ذروته عند 54.4% في الفصل الثاني من عام 2021، إلى تباطؤ سريع في الأرباح في عام 2022، حيث بلغ 6.2% فقط في النصف الأول من عام 2022.
بالنظر إلى الاختلافات في الأرقام بين النموذجين، إلا أنهما يظهران اتجاهاً مماثلاً. والاتجاه يُظهر أنه كان هناك ازدهار في الأرباح بعد الركود المصغر في عام 2016، ثم انخفاض في عام 2019، وكان هذا الانخفاض يُنذر بتراجع جديد في الاستثمار والناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الرئيسية، ثم شهدت الأرباح انخفاضاً بسبب الجائحة. بعد ذلك يأتي التعافي في عام 2021، وهو يظهر أكثر اعتدالاً في بياناتي مقارنةً ببيانات «جي بي مورغان». أما النصف الأول من عام 2022 فيظهر تراجعاً في كلا النموذجين.
تُظهر معطيات كلا النموذجين ما خلص إليه «جي بي مورغان»، «الأرباح العالمية التراكمية منذ بداية الجائحة لا تزال منخفضة بنسبة تزيد عن 20% مقارنة مع ما كانت عليه قبل الجائحة». والآن بدأ نموّ الأرباح في الاضمحلال. يتوقع المصرف «أن تتراجع قوة تحديد الأسعار التي تمتلكها الشركات، خصوصاً في مجال الطاقة، بينما من غير المرجح أن تنخفض الضغوط التي تشكلها الأجور بالسرعة نفسها. إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة، ستنخفض هوامش الربح، ما يضعف مستوى الأرباح الإجمالية». ما أسميته في الماضي، «مقص الركود» (ارتفاع أسعار الفائدة وهبوط الأرباح)، بدأ في الإغلاق.
الأرباح العالمية التراكمية منذ بداية الجائحة لا تزال منخفضة بنسبة تزيد عن 20% مقارنة مع ما كانت عليه قبل الجائحة
لماذا يعتبر تتبع التغير في أرباح القطاع الرأسمالي عالمياً مهماً؟ كما ذكرت سابقاً، فإن الأرباح هي القوة الدافعة للاستثمار الرأسمالي، وبالتالي العمالة ونمو الدخل. إذا انخفضت ربحية الاستثمار الرأسمالي وأدّت في النهاية إلى انخفاض إجمالي الأرباح، فهذا هو أقوى مؤشّر على حدوث ركود وشيك في الإنتاج الرأسمالي. إن العلاقة الوثيقة (إذا كانت متأخرة) بين الأرباح والاستثمار مثبتة جيداً من خلال العديد من الدراسات.
من المؤكد أن «جي بي مورغان» مقتنع بالعلاقة بين الأرباح والاستثمار، حيث يقود الأول الثاني: «نتوقع أن يتباطأ نموّ أرباح الشركات أكثر في الفصول القادمة. هذا الضعف سيؤثر سلباً على النفقات الرأسمالية للأعمال».
*نُشر هذا التقرير على مدونة مايكل روبرتس الخاصّة، thenextrecession.wordpress.com، في 14 أيلول 2022