تاريخ الاقتصاد اللبناني، منذ الاستقلال، لم يكن سوى جنّة لأصحاب المال المرضي عنهم. معيار الاستمرار والتطوّر في العمل الفردي والتجاري لم يكن يوماً التفوّق في البناء والتطوير والريادة، بل القرب من مراكز القرار، من أصحاب السلطة والمال. هؤلاء هم القاضمون على المصالح الرئيسَة والوكالات ورأس المال، والمتحكمون في مسارات السياسة والاقتصاد والاجتماع. هكذا أراده المؤسسون الأوائل أمثال ميشال شيحا؛ واحة يرتاع بها هؤلاء كيفما شاؤوا ويحافظون على مصالحهم كيفما ارتأوا. كان الانتداب والاستقلال ورجاله حماتهم مع انطلاقة عمليات المصاهرة بين المال والسياسة. صحيح أنه لم يكن بمقدور ميشال شيحا الوصول إلى رئاسة الجمهورية كونه كان من الأقليات، لكن كانت له اليد الطولى في كتابة الدستور، والتأثير بالسياسة الداخلية عبر صهره بشارة الخوري (أول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال) ومن يقترحهم عليه لتولي مناصب عامة في الدولة.استمرّ تحكّم هؤلاء بمسارات لبنان حتى مطلع السبعينيات. ظهر المال الفلسطيني منافساً لهم، ثم تبعه مال الجمهوريات الملكية الذي انهمر على أشباه الأحزاب والميليشيات التي أدارت البلاد بفعل السلاح والجريمة لنحو عقدين. ومع اتفاق الطائف، أتى اللبنانيون من أثرياء النفط للاستثمار في لبنان، ما أسهم في إعلاء شأن عائلات محدّدة بفعل الثروة والنفوذ السياسي والصفقات العمومية، فانضمت هذه العائلات إلى لائحة المتحكّمين بالبلاد أصلاً من دون أي تغيير اجتماعي.
وبرغم كل ما يتردد عن أن اللبناني يمتاز بمبادرته الفردية، لكنّ اللبنانيين الذين استثمروا في لبنان واستمروا لأجيال خارج منظومة العائلات، كانوا معدودين ونجاحاتهم محدودة؛ طوال الفترة الماضية، لم يوجّه المتحكمون بالسلطة النقدية وبالمصارف، الرساميل نحو تمويل القطاعات الإنتاجية، بل نحو التمويل الاستهلاكي للأفراد عبر قروض استهلاكية (بطاقات مصرفية، قروض شخصية، وقروض سيارات، الخ). غالباً، كان هذا النوع من التمويل يصبّ في مصالح المتحكمين ووكالاتهم. وما خصّص لتمويل المبادرين الشباب والمشاريع الصغيرة في القطاعات كافة، تركَّز في قطاع الخدمات (مطاعم، نوادٍ ليلية)، وكان نادراً في قطاعَي الصناعة والزراعة. اقتصر الأمر على برامج محددة مموّلة من البنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار، (مشروع كفالات للقروض الصغيرة والمتوسطة مثالاً)، في ظل لا رقابة على المشاريع المنفذة وضرورة وجود ضمانة عقارية، ما يتنافى مع الهدف الأساسي بتقديم كفالة مصرفية بناءً لدراسة الجدوى الاقتصادية. وبالتالي أسهم الأمر بشكل محدود واقتصر على الأقدر وليس على الأجدر.

أنجل بوليغان ــ المكسيك

إسهام التعليم المموّل من بعثات دينية وسفارات أجنبية، بين نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، تركّز في أقضية محدّدة (جبل لبنان). ثم تبعه المال القادم من الخليج العربي (تأسيس المقاصد في بيروت). كما أن مال الاغتراب مع الاستقلال بداية، ثم في فترة الخمسينيات، أسهم في تطوير الحركة العمرانية وفي إنشاء مدارس ومهنيات (الكلية العاملية) ساهمت مباشرة في التطوّر الثقافي والاجتماعي والعلمي لأبناء مناطق جديدة (أبناء الجنوب والنبطية). كما أن البعثات الأجنبية إلى الاتحاد السوفياتي، طوال فترة الستينيات والسبعينيات ساهمت مساهمة كبرى في تعليم أبناء طبقة معينة. هؤلاء عادوا إلى لبنان وعملوا في قطاعَيه الخاص والعام (أطباء، مهندسون وأساتذة جامعيون).
وبفعل الاعتداءات الإسرائيلية منذ السبعينيات والثمانينيات، هاجرت اليد العاملة الماهرة إلى الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا حيث استقرت ولم تعد إلا لقضاء الصيف.
في هذا الوقت، كانت العائلات المتحكّمة مستمرة في مواصلة تحقيق الثروات ومضاعفتها في مقابل مبادرين رياديين حاولوا فكّ القيود ونجحوا في ميادين جديدة، إلا أنهم كانوا من غير المرضي عنهم. لم يكونوا سوى وقود في بناء مؤسّسات ناجحة. في البداية عملوا تحت رقابة أمراء السلطة ثم تحت رقابة وتسلّط أمراء الحرب - أصحاب الأمر في فترة الحرب والسلم المصطنع في ما بعدها - الذين تحكّموا في أصولهم وثرواتهم. لكن سرعان ما استسلم المبادرون بعدما جرت السيطرة على مؤسساتهم، وقضمت حقوقهم على يد الدولة ورجالها. أصبح بناة تلك المؤسسات رماداً منثوراً، فهاجر منهم البعض، ومات البعض الآخر بحسرة على جنى عمره. اليوم ها هو التاريخ يعيد نفسه!
لبنان وطن المعايير المزدوجة وقضم الحقوق. الأمثلة عديدة في كل وقت وحين. كأن التجارب ما تلبث أن تعيد نفسها. بعضها متدارك، وقصصهم معروفة نتيجة نجاحات أصحابها الكبيرة والتي لا مجال لإخفائها، أو التغاضي عنها - رغم رغبة أصحاب الأمر في تشويه صورتهم - إلا أن قصص المئات وربما الآلاف غيرهم ما زالت خافية عن العيان والجمهور بسبب غياب أصحابها، أو خوفهم، أو عدم رغبتهم بالبوح عما آلت إليه أوضاعهم. كما قد تكون ناتجة عن هجرتهم، وضياع أي رابط مع البلد الذي بنوا فيه أول لبنة من لبنات العمر.

■ يوسف بيدس أنشأ أهم مصرف في الشرق الأوسط في عام 1951: بنك انترا
في عام 1965، أي بعد 14 عاماً، بلغت قيمة ودائعه 756 مليون ليرة. (كانت قيمة الدولار الأميركي ثلاث ليرات في حينه، أي إن الـ756 مليون ليرة كانت تساوي 252 مليون دولار. وبنتيجة التضخم السنوي للدولار بمعدل 3.9%، فإن القدرة الشرائية للدولار في ذلك الوقت أهمّ من اليوم، فمليون دولار واحد في عام 1965 يساوي في عام 2020 ما يزيد عن 8 ملايين دولار. بأسعار اليوم، فإن قيمة ودائعه تفوق ملياري دولار؛ وبالمقارنة مع أغنى رجل في العالم في عام 1966، رائد صناعة النفط الأميركية بول غيتي J. Paul Getty الذي قُدرت ثروته في حينه بنحو 1.2 مليار دولار، ندرك قيمة إنترا وحجم الثروة التي كان يديرها هذا المصرف، فضلاً عن امتلاكه 4 مصارف تابعة في لبنان وعدداً من المصارف في الخارج (بنك الشماس – نيجيريا)، و48 شركة محليّة ودولية، (في لبنان: طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية، ستوديوهات بعلبك، مطبعة الشرق الأوسط للتصدير، شركة التلفزيون اللبنانية، شركة الترابة اللبنانية، شركة راديو أوريان، شركة الملاحة البحرية اللبنانية، الشركة العقارية والمالية لمرفأ بيروت… وفي فرنسا: شركة أحواض بناء السفن دي لاسيوتا…)، وامتلاكه عقارات في نيويورك وباريس وعواصم أخرى. ورغم الإفلاس المصطنع وقضم الحقوق، والفساد، والسرقات، والتوظيفات الزبائنية، ما زالت أصول انترا تدرّ الملايين على الدولة اللبنانية لغاية يومنا هذا.
كيف ساهمت السياسة في إفلاس بنك انترا؟ حاجته إلى سيولة مؤقّتة رفضها مصرف لبنان والحكومة في حينه. بل عمل الطرفان على دعم رغبة الزبائن في إشاعة أجواء تعثّر المصرف، وأُصدرت مذكرة توقيف بحق مساهميه وأبرزهم بيدس الذي أصبح مطارداً في العالم هارباً من وجه العدالة إلى أن توفي في سويسرا.
بإفلاسه، خرج لاعب قوي من السوق المالية اللبنانية والعربية، وتضعضعت الثقة في القطاع المالي الداخلي، فانخفض عدد المصارف الوطنية في لبنان من 55 مصرفاً عام 1965 إلى 38 عام 1969 ثم إلى 25 مصرفاً عام 1974. بعدها استحوذت المصارف الأجنبية على حصّة سوقية وازنة في لبنان والدول العربية على حساب المصرف اللبناني، ما سهّل خروج الرساميل العربية من لبنان إلى عواصم مالية عربية ”قيد التصنيع“، وعواصم دولية.

■ منير أبو حيدر، أسّس شركة طيران عبر المتوسط TMA في عام 1953
الشركة تخصصت بالشحن الجوّي وانطلقت أعمالها بطائرة صغيرة مستأجرة ماركة Avro York وبسعة لا تزيد عن كونتينر واحد. انطلقت الشركة من خلال عقود نقل البضائع أسبوعياً إلى الظهران (السعودية)، ثم تطورّ عملها بعد عقود مع شركات مختلفة وصولاً إلى إيران. عندها استأجرت الشركة طائرات إضافية وشحنت كلّ أنواع السلع شرقاً وغرباً إلى أن تمكنت من شراء طائراتها الخاصة. بعد 15 عاماً على التأسيس، أصبحت TMA تطير إلى بلدان الشرق الأوسط وأوروبا، الهند، اليابان، وغيرها. وفي عام 1967 أصبحت طاقة شركته 50 مليون طن - ميل، واشترت طائرتي بوينغ، وأصبح دخلها السنوي 15 مليون دولار.
في مطلع السبعينيات، أصبحت شركة بوحيدر في المركز الرابع عالمياً في مجال الشحن الجوي، قبل أن تراكم الخسائر بسبب تداعيات الحرب الأهلية اللبنانية. طلب بوحيدر مساعدة مادية من الحكومة للبقاء والاستمرار، إلا أن طلبه رُفض، فاضطر إلى بيع شركته والهجرة. وللمفارقة، انبرت الحكومة إلى مساعدة الشركة الجديدة التي دفعت خمسة أضعاف الثمن المطلوب للحصول على TMA.

■ جميل سعيد. هي قصّة رجل أعمال لبناني ولد في سيراليون - أفريقيا لأب لبناني وأم أفريقية
تطوّر عمله هناك ليمتلك أكبر شركة لتجارة الألماس بالتضامن مع الحكومة. وأسّس شركة أخرى لصيد السمك تسيطر على كلّ العمليات البحرية في تلك البلاد. في مطلع التسعينيات رغب في العودة إلى لبنان بعد انتهاء الحرب الأهلية لتأسيس أعمال متعدّدة في الجنوب لكنه خسر جزءاً كبيراً من استثماراته في لبنان وعاد إلى أفريقيا بكفّي حنين.
هذه بعض الأمثلة الفردية عن لبنانيين استثمروا في لبنان وكان مصير استثماراتهم الهجرة. في المقابل، إن الأشخاص الذين قضموا حقوقهم عاشوا متنعّمين في لبنان محميين بقوة طوائفهم ورجالاتها وتلك العائلات.
الأمثلة الجماعية في إفقار شعوب وطوائف بأكملها قد لا تتكرر كثيراً، وقد تندر عالمياً، إلا أنها حدثت في لبنان أخيراً. تقدّر ودائع الجنوبيين في المصارف اللبنانية بأكثر من خمسين مليار دولار. هذه المبالغ كانت حصيلة تعب سنين، ونتاج استثمارات في دول شتى من الأميركيتين، والبلدان الخليجية وخصوصاً في الدول الأفريقية التي هاجروا إليها منذ بداية القرن التاسع عشر.
شكّلت المصارف اللبنانية عاملاً جاذباً لودائع هؤلاء بسبب ضعف الخدمات المالية في البلدان التي عملوا فيها، واللااستقرار السياسي، والفوائد المرتفعة محلياً. كانت المخاطر تقتصر على خضّات، إنما ليس لقضم حقوق المودعين وجنى عمرهم. بدأ الأمر بسياسة سُمّيت الهندسات المالية التي تقضي بجذب الدولارات من الخارج وإيداعها في لبنان بالليرة المثبتة رسمياً، قبل أن يقرر مصرف لبنان في آب - أيلول 2019 وقف دعم الليرة وتركها تنهار بما بدا أشبه بسرقة مباشرة ومتعمدة لثروات المواطنين. في ذلك الوقت، توقف الدعم عن السلع الرئيسَة فوقف المواطنون طوابير على محطات الوقود وصولاً إلى الثورة الشعبية العارمة في 17 تشرين الأول 2019. يومها أُغلقت المصارف نحو ثلاثة أسابيع، وفرضت قيوداً على حرية حركة الرساميل. عملت المصارف على تقطير ودائع غالبية المودعين، بينما فتحت التحويلات على مصراعيها للمودعين المرضي عنهم. هكذا هربت مليارات الدولارات إلى دول شتى وحُفظت قيمة ثرواتهم.
وفي ضوء توقف الحكومة اللبنانية عن سداد ديونها (آذار 2020) وإقرار حكومة حسان دياب خطة اقتصادية وضعتها بالتعاون مع المستشار المالي لازار، تنادت جمعية مصارف لبنان إلى رفض الخطة ووضع خطة مقابلة (أيار 2020) من أبرز ما تضمنته إنشاء صندوق سداد الديون الحكومية توضع فيه كل أملاك الدولة اللبنانية (الاتصالات، أراضٍ ومشاعات، الأصول العقارية، حقوق الاستغلال، الامتيازات "الواجهة البحرية في لبنان"...) بقيمة مقدّرة بأربعين مليار دولار. وطلبت أن يُصدر الصندوق، بقيمة موازية، أوراق مالية لحامله ذات أمد طويل محمية من المخاطر ومقوّمة بالدولار وليس بالعملة الوطنية، مقابل تسوية نهائية لديون مصرف لبنان على الحكومة، على أن تهتم الدولة في خدماتها الأساسية (الدور الكلاسيكي للدولة).
تطوّرت المحادثات بعد ذلك، من إخضاع الصندوق لإدارة مصرف لبنان، إلى وضعه تحت إدارة مشتركة من المصارف ومصرف لبنان. وفي حال تخلّف الصندوق عن إدارته بالشكل المطلوب لتحصيل الإيرادات تصبح ملكيته للمصارف الخاصة عوضاً عن ديونها للدولة اللبنانية (الديون بالليرة اللبنانية والتي ترغب المصارف بقبضها بالدولار وتقويمها بأصول بالدولار الأميركي لا الليرة - عملة القرض والسداد). لذا، نتيجة فساد غالبية من في السلطتين التشريعية والتنفيذية المدعومين من تكتل العائلات الأوحد الحاكم الأساسي والمالك للأصول الخاصة، ها هي أصول جديدة ستنضم إلى لائحة أصوله ويتم القبض عليها في أسوأ طرح يشهده العالم. سرقة لا مثيل لها، وأخطر ما يحضّر حالياً.
كانت المخاطر تقتصر على خضّات، إنما ليس لقضم حقوق المودعين وجنى عمرهم. بدأ الأمر بسياسة سُمّيت الهندسات المالية التي تقضي بجذب الدولارات من الخارج وإيداعها في لبنان بالليرة المثبتة رسمياً، قبل أن يقرر مصرف لبنان في آب - أيلول 2019 وقف دعم الليرة وتركها تنهار بما بدا أشبه بسرقة مباشرة ومتعمّدة لثروات المواطنين


في المقابل تُترك الدولة لمصيرها هي وموظفوها، ولإنفاقها على خدماتها ومنها النفقات الصحية والتعليمية، في ظل اللارقابة على الإيرادات الجمركية ولا الضريبية والتي تندر أن تصل كاملة إليها خاصة مع الفساد والتهرب الضريبي والانهيار المالي - النقدي - الاقتصادي. هذا الانهيار أدّى إلى إفلاس شركات وانخفاض أرباح من لم يفلس وتدهور إيرادات أصحاب المهن الحرة. هذا يعني أن إيرادات الخزينة من الضرائب ستنخفض هي أيضاً. وعلى الجانب الآخر، يبقى هناك سؤال: كيف تسدّد الدولة أموال اليوروبوند (القروض بالعملات الأجنبية للجهات الأجنبية)؟ ما موقفها التفاوضي مع أولئك في ظل انخفاض حجم أصولها، وانخفاض إيراداتها؟ ألا يجب محاسبة المصارف الخاصة على فشلها في تنويع استثماراتها، وإدارة أموال مودعيها في موازاة البحث عن سبل لتقويم أوضاعها؟ من يحفظ قيمة أصول الدولة لجميع المواطنين؟ من يضمن حقوقهم في أن تكون دولة قادرة على تأمين خدمات صحية وتعليمية ذات جودة عالية؟ دولة قادرة على الإنفاق الاستثماري الرأسمالي في قطاعات شتى؟
ما مصير المودعين الذين وثقوا بوجود هيئات رقابية (مباشرة: لجنة الرقابة على المصارف ومصرف لبنان، وغير مباشرة: وزارتا المالية والاقتصاد)؟ فهي لم تكن تقوم بدورها طيلة السنوات السابقة وتركت أموال المودعين لقمة سائغة للمصارف وجشعهم. ما كمية الذلّ التي شعر بها المودعون وهم يترجون المصارف للحصول على إيداعاتهم بينما السلطة خافتة ومصرف لبنان استقال عن أداء دوره واستكان للمصارف؟ ما مصير الودائع وبأي عملة ستقوّم بما أن المصارف تريد تقويم ديونها بالدولار؟ هل ستقوّم إيداعات المودعين بقيمة الإيداع أم بما أصبحت عليه بفعل الانهيار وبالتالي مراكمة أرباح لفئة على حساب جمهور المودعين؟ لِم لا يزال السعر الرسمي هو 1500 ليرة لكل دولار أميركي، أليس لحفظ قيمة الدين العام؟ وبالتالي لمصلحة المصارف؟ من يضمن مصالح المودعين، جميع المودعين؟ ما مصير المواطنين بينما دولتهم تتنازل عن أحقيتها في أصولها لمصلحة فئة منهم أقدر أن تضمن مصالحها من غيرها؟ هل لبنان وطن لجميع أبنائه؟
صحيح أن التجارب منذ ما قبل الاستقلال إلى أمسنا غير مشجّعة على الإطلاق في الإيمان بوجود دولة قادرة وفاعلة تضمن حقوق جميع المواطنين أينما استقروا على الأرض اللبنانية - ما عدا تجربة فؤاد شهاب اليتيمة - إلا أنه من غير المنطقي، أن نرى استكانة الدولة لسلطة أصحاب الأمر من قبل، ومن بعد «تجار الهيكل». استكانة لتلك العائلات المتحكمة في الأصول وأصحاب المصارف الكبرى ومئات الوكالات، وبالتالي ننتقل من جمهورية لبنان إلى جمهوريات العائلات المتحكّمة، فنصبح عبيداً لها!

*باحث ومستشار اقتصادي

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا