في كلّ عام، أعود إلى تقرير Credit Suisse عن الثروة العالمية للحصول على أحدث المعلومات المتعلّقة بمستوى اللامساواة في توزيع ثروات الأسر على مستوى العالم. في العام الماضي، وجد الخبراء الاقتصاديون في البنك أن الـ 1% الأغنى من أصحاب الثروات الشخصية على مستوى العالم يمتلكون أكثر من 50% من الثروات الشخصية في العالم، وهي نسبة ارتفعت من 45% قبل عشر سنوات. وفي الولايات المتحدة الأميركية، يمتلك أغنى ثلاثة أشخاص – بيل غيتس وجيف بيزوس ووارن بافيت – ثروة توازي ما يمتلكه نصف سكان الولايات المتحدة، أو 160 مليون شخص.يظهر التقرير الصادر هذا العام بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام. يقيس Credit Suisse الثروة الشخصية من خلال قيمة الممتلكات والأصول المالية التي يمتلكها البالغون بعد خصم الديون المترتبة عليهم. خلال 12 شهراً وحتى منتصف عام 2018، ارتفع مجمل الثروة العالمية بنحو 14 تريليون دولار، وصولاً إلى 317 تريليون دولار، وهو ما يشكّل معدّل نموّ بنسبة 4.6%. لقد كان ذلك كافياً لتجاوز النموّ السكاني، إذ نمت ثروة كلّ فرد بالغ بنسبة 3.2%، ما رفع متوسّط الثروة العالمية إلى 63.100 دولار لكل فرد بالغ، وهو رقم قياسي (ولكن يجدر التذكير بأن هذا الرقم هو بالقيمة الاسمية للدولار قبل التضخّم).

مجدّداً، تتصدّر كلّ من سويسرا (530.240 دولار أميركي)، أستراليا (411.060 دولاراً)، والولايات المتحدة (403.970 دولاراً) أعلى الجدول لناحية ثروة كلّ شخص بالغ. بينما ترتيب متوسّط الثروة لكل شخص بالغ فيختلف قليلاً لصالح البلدان التي تنخفض فيها مستويات عدم المساواة في توزيع الثروة. في هذا العام، تخطّت أستراليا (191،450 دولاراً) سويسرا (183،340 دولاراً) إلى المركز الأوّل. وبات لأستراليا حالياً أعلى متوسّط ثروة لكلّ شخص بالغ في العالم.
تشير التقارير إلى أن أصحاب الثروات الكبرى يستفيدون أكثر من الزيادة المحقّقة في الثروة المالية (الأسهم والسندات والنقد وغيرها)، ما يؤدي إلى ارتفاع اللامساواة في الثروة في كلّ أنحاء العالم. في المقابل، منذ نهاية الكساد العظيم، لم يرتفع المعدّل الوسطي للثروة، في حين أنه انخفض في بلدان عدّة.
لكن في خلال الاثني عشر شهراً الماضية، استقرت اللامساواة في توزيع الثروة. هناك 3.2 مليار بالغ يمتلكون ثروة بأقلّ من 10 آلاف دولار. ما يعني أن 64% من مجمل البالغين يمتلكون 1.9% من الثروة العالمية. في المقابل، 42 مليون مليونير، يشكّلون أقلّ من 1% من البالغين، يمتلكون نحو 45% من الثروة. تحلّ الصين راهناً في المرتبة الثانية فيما يتعلّق بعدد المليونيرات (من بعد الولايات المتحدة وقبل اليابان)، وأيضاً في المرتبة الثانية (قبل ألمانيا) بعدد الأفراد أصحاب الثروات المرتفعة.
في هرم الثروة العالمي، هناك 3.2 مليار بالغ (64%) يمتلكون 1.9% فقط من الثروة العالمية. ونحو 1.3 مليار بالغ آخر (27%) يمتلكون 14% من الثروة الشخصية العالمية. و430 مليون بالغ (حوالى 9%) يمتلكون 39% من الثروة. ويبقى في أعلى الهرم، 42 مليون بالغ فقط (0.8%) مع ثروة ضخمة بنسبة 45% من مجمل الثروة العالمية.
نحو 30% من البالغين في البلدان الغنية هم في الشريحة الأدنى للثروة بسبب خسائر أعمالهم أو البطالة. لكن في المقابل، يقبع أكثر من 90% من السكّان البالغين في الهند وأفريقيا ضمن هذه الشريحة. وفي بعض البلدان المنخفضة الدخل في أفريقيا، تقترب نسبة هذه الشريحة من السكان من 100%!

يتراوح النطاق الوسطي في هرم الثروة العالمية بين 10 آلاف و100 ألف دولار، وهو يتضمّن نحو 1.3 مليار بالغ ونسبة عالية ممّا يسمى بالطبقة المتوسطة في بلدان عدّة. ويبلغ متوسط ثروة هذه المجموعة نحو 33.100 دولار. لقد نمت الثروة في هذا النطاق بنحو 300 مليون دولار خلال العام الماضي، وهناك تفسير واحد لذلك: الصين (مع وجود 48% من البالغين فيها ضمن هذا النطاق). لقد سمح نموّ الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي الهائل ومستويات المعيشة لمئات الملايين من الصينيين بتكديس قدر من الثروة الشخصية. وهو ما ليس متوافراً في أي مكان آخر: «التباين بين عدد المقيمين في الصين (641 مليون، 59% من الصينيين البالغين) والهند (73 مليون، 8.6% من البالغين الهنود) لافت بشكل خاص».
تشكل الطبقات العليا في هرم الثروة – والتي تضمّ الأفراد الذين تزيد قيمة ثرواتهم الصافية عن 100 ألف دولار لكلّ بالغ – نحو 9.5% فقط من مجمل البالغين. لذلك إذا كان لديك ثروة بقيمة 100 ألف دولار أو أكثر من الممتلكات والأصول المالية (بعد خصم الدين)، فأنت تنتمي إلى شريحة الـ 10% الأغنى في العالم. كيف يمكن ذلك؟ لأن كلّ من هم أدنى منك، وخصوصاً الثلثين في الطبقات السفلى، ليس لديهم أي ثروة للتحدّث عنها إطلاقاً.
تتركّز شريحة الـ 10% الأغنى في «عالم الشمال»، مع وجود 79% من البالغين ضمنها في هذه البلدان. تستضيف أوروبا وحدها 156 مليون بالغ من ضمن الـ 10% الأغنى (33% من مجمل هذه الشريحة)، وهو ما يشكّل تقريباً ضعف العدد الموجود في الصين (81 مليوناً). ومع ذلك، هناك خمسة ملايين بالغ فقط من ضمن هذه المجموعة (1.1% من المجمل العالمي) يقيمون في الهند، وثلاثة ملايين فقط (0.6%) في أفريقيا.

إلى ذلك، يوجد في الولايات المتحدة حتى الآن العدد الأكبر من المليونيرات: 17.3 مليون أو 41% من المجمل العالمي. فيما تجاوز عدد المليونيرات في الصين مثيله في اليابان وبلغ 3.4 مليون (8.2% من المجمل العالمي) مقارنة مع 2.8 مليون (6.6%) لليابان.
من ثمّ هناك الفاحشي الثراء. في منتصف عام 2018، قدّر التقرير وجود 42 مليون بالغ تتراوح ثرواتهم بين مليون دولار و50 مليون دولار. فيما الغالبية العظمى منهم (37.1 مليون بالغ) يمتلكون ثروات تتراوح بين 1 و5 ملايين دولار أميركي. وهناك فقط 149.890 بالغًا في كلّ أنحاء العالم، يمتلكون ثروة صافية تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار أميركي. ومن بين هؤلاء، يوجد 50.230 بالغ مع ثروات لا تقلّ عن 100 مليون دولار. ونحو 4.390 بالغ لديهم أصول صافية تزيد عن 500 مليون دولار. معظم هؤلاء الناس يسكنون في الولايات المتحدة. لكن إذا استمرّت الصين في التوسّع، ستتوسّع معها الشريحة الوسطى من أصحاب الثروات أيضاً. في حين يبدو أن عدد «فاحشي الثراء» سيرتفع خلال السنوات الخمس المقبلة أيضاً، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.
أمّا في أسفل الهرم، فمن المتوقّع أن ينخفض عدد البالغين الذين لديهم ثروة تقلّ عن 10 آلاف دولار، من 64% إلى 61%، ويعود ذلك في شكل رئيسي إلى زيادة معدّلات التضخّم وتوسّع الصين. في حين، هناك ما يقارب ثلثي البالغين في العالم لا يمتلكون أي ثروة شخصية تستحق الذكر. ولن يكون هناك أي تغيير فيها.

Michael Roberts Blog *

* ترجمة: فيفيان عقيقي