تمخّض المؤتمر السنوي لحزب العمّال عن خطّة طموحة ومثيرة للجدل، تتمثّل في منح العمّال والموظّفين حصّة ملكية صغيرة في الشركات التي يعملون فيها. والاقتراح الذي يُفترض أن يمنح العمّال عائداً يصل إلى 500 جنيه إسترليني كحدّ أقصى سنوياً، واجه - من دون أي مفاجأة - انتقادات من قادة قطاع الأعمال والشركات. فوفق مديرة اتحاد الصناعة البريطاني كارولين فيربيرن، يدقّ هذا الاقتراح ناقوس الخطر في مجال الإدارة في بريطانيا وحول العالم. ووفقاً للمخطّط، ستصبح الشركات تدريجاً مملوكة جزئياً من موظّفيها وعمّالها (بمعدل 1% سنوياً وصولاً إلى 10% كأقصى حدّ). وفي نهاية المطاف، سيحوّل «صندوق الملكية الشاملة» الشركات إلى أماكن عمل على طراز جون لويس، إذ يُمنح الموظّفون سلطات تصويت على قرارات الشركة. وغالباً ما يكون الخفض المقترح لقيمة الأسهم أقل من الحركة اليومية في البيئة العالمية المتقلّبة اليوم.
من الحجج المطروحة لدعم توسيع تملّك الموظّفين للأسهم في الشركات، أنه يساعد في معالجة تزايد عدم المساواة في الثروة (الأعلى مرّتين من عدم المساواة في الدخل)، ويمنح الموظّفين والعمّال حصّة مباشرة في الشركات التي يعملون فيها. وقد طال انتظار السياسات المخصّصة لمعالجة التركيز المتزايد للثروة، التي يُعَدّ جزء كبير منها غير مكتسب، والتي من شأنها أن تساعد في إعادة التوازن إلى اقتصاد طالما كان الثقل فيه لمجالس الإدارة.
ولكن، هل الخطّة، التي صاغها جون ماكدونيل، هي الطريقة الأفضل لتوزيع ملكية رأس المال ومكاسبه في المجتمع؟ الإجابة هي كلا. فالخطّة تنطبق فقط على الشركات التي تضمّ أكثر من 250 موظّفاً، والعديد منها يطبّق أصلاً بعض أشكال مساهمة الموظّفين. وكما أكّد ماكدونيل، ستفيد خطّته 11% من الموظّفين فقط، وستستثني شرائح واسعة من القوّة العاملة، من ضمنها الأدنى أجراً والأقلّ أماناً والمستقلّين وموظّفي الشركات الصغيرة والعاملين في القطاع العامّ. ومع السقف المُحدّد بـ500 جنيه استرليني للموظّف (شركات كبيرة عدّة تدفع أكثر بكثير من ذلك)، فإن جزءاً صغيراً من العائدات التي ستذهب إلى الصندوق الموجود في الشركة ستذهب إلى العمّال، بينما حصة الأسد ستكون من نصيب وزارة الخزانة. ويبدو ذلك كجرعة كبيرة من مركزية الدولة القديمة الطراز. وكما جادل بعض النّقاد، يمكن اعتبار ذلك أيضاً بمثابة ضريبة خفية جديدة صُمِّمت لتمويل خدمات عامة أوسع، وليس طريقة لتحويل الاقتصاد.
ولكن في المقابل، يمكن اعتماد مقاربة بديلة وأكثر شمولية لتحقيق مزيد من الانتشار في ملكية رأس المال، تقوم على دفع حصّة سنوية من عائدات الأسهم لصندوق ثروة مخصّص للمواطنين الذين يملكونه بالتساوي، ويديره مجلس أمناء مستقلّ عن الدولة، ويقدّم للمرّة الأولى حصّة كاملة للمواطنين في الاقتصاد.
وعلى الرغم من أن تراجع قيمة الأسهم تبقى ممكنة في هذه الحالة، ولكن المجتمع ككلّ سيستفيد بالتساوي وستقوم الدولة بدور الميسّر بدلاً من الطرف. ومن شأن هذه المقاربة أن تترك أثراً كبيراً على توزيع الثروة الوطنية مع عائدات سنوية من الصندوق تدفع لكلّ المواطنين، وليس فقط للموظّفين المحظوظين في الشركات الكبرى التي تحقّق أرباحاً طائلة. وسيكون ذلك سبيلاً لبناء صندوق مملوك جماعياً على نموذج صندوق ألاسكا السيادي الدائم. فهذا الصندوق المموّل من عائدات النفط يدفع حصّة سنوية لكلّ المواطنين (بمعدّل 1100 دولار للشخص) ويساعد في تحويل ألاسكا إلى واحدة من أكثر الولايات المتّحدة تحقيقاً للمساواة.
وكما أظهرت دراسة جرت أخيراً، فإن هذه المقاربة من شأنها بناء صندوق سيتحوّل إلى جزء مهم جدّاً من الاقتصاد الوطني، وسيكون أيضاً قوّة نافذة لتحقيق المساواة. ومع استفادة الجميع من الصندوق، سيكون من الصعب على الشركات مهاجمته، علماً أن جزءاً منها منحاز إلى الدعوة إلى اقتصاد أكثر شمولية.
للمرّة الأولى، سيكون لكلّ المواطنين حصّة مباشرة ومتساوية في النجاح الاقتصادي، حيث يجمع الصندوق تلقائياً جزءاً متنامياً من مكاسب النشاط الاقتصادي، ويوزّعها بالتساوي من خلال حصّة منتظمة من العائدات. وسيقوم الصندوق بدور القوة المضادة لعدم المساواة المتزايدة العابرة للأجيال، من خلال ضمان حصول كلّ المواطنين عبر الأجيال على حصّة متنامية من الثروة الوطنية. وإذا ما جرت إدارة الصندوق بشفافية وبشكل مستقلّ عن الدولة، فإنه سيقدّم أداة جديدة للديموقراطية الاقتصادية وإصلاحاً جزئياً لرأسمالية الشركات وعقداً اجتماعياً جديداً بين المواطن والدولة والسوق بمعايير القرن الحادي والعشرين.

ستيوارت لانسلي، عضو زائر في جامعة بريستول. ومؤلّف كتاب «اقتصاد المشاركة: كيف تستطيع صناديق الثروة الاجتماعية أن تقلّل عدم المساواة وتساعد في إعادة التوازن إلى الحسابات المالية؟»، بوليسي برس، 2016. وهو المؤلّف المشارك (مع جوانا ماك) لكتاب «بريطانيا المُعدمة: صعود الفقر الجماعي»، وانوورلد، 2015، ومؤلف كتاب «ثمن عدم المساواة»، غيبسون سكوير، 2011.

* The London School of Economics and Political Science
* ترجمة: لمياء الساحلي