من أجل فهم أفضل لأزمة السيولة في لبنان في عام 1966، يجب النظر إلى أزمة الائتمان المصرفي الأميركي في العام نفسه. ففي ذلك العام، شهدت الولايات المتحدة انخفاضاً غير متوقّع في القروض المصرفية نتيجة للقرار المفاجئ الذي أصدره مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في 10 أيار/ مايو 1966 للتحكّم في احتياطي المصارف والحدّ من نموها.تبعاً لهذا الانكماش النقدي، انخفضت القروض المصرفية الأميركية، إلّا أن حجم الأوراق التجارية (Effets de Commerce) الصادرة عن الشركات الأميركية ارتفع، فلجأت هذه الشركات إلى أداة تمويلية بديلة من القروض المصرفية القصيرة الأجل.

أنقر على الرسم البياني لتكبيره


أنقر على الرسم البياني لتكبيره


أنقر على الرسم البياني لتكبيره


أنقر على الرسم البياني لتكبيره


تُعدّ أزمة قروض عام 1966 واحدة من أهمّ الأزمات النقدية في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ ارتفع حجم الأوراق التجارية الصادرة في شكل ملحوظ في النصف الثاني من عام 1966 والأسابيع الأولى من عام 1967. ويعود ذلك إلى أن الشركات الأميركية لم تعد قادرة على التموّل من المصارف التي تتعامل معها، فلجأت إلى تمويل حاجاتها عبر إصدار أوراق تجارية مُستحقّة للمورّدين والدائنين. خلال أزمة 1966، اضطر كثير من المدينين الذين يعتمدون بشكل رئيسي على القروض المصرفية القصيرة الأجل إلى التحوّل إلى سوق الأوراق التجارية. نتيجة ذلك، ارتفع معدّل النمو السنوي للأوراق التجارية الأميركية من 7.8% في عام 1965 إلى 46.6% في عام 1966. شهدت هذه الفترة في الولايات المتحدة الأميركية تحوّلاً كبيراً من التمويل المصرفي إلى التمويل من الأوراق التجارية.
استمرّ معدّل أسعار الفائدة الأميركية بالارتفاع حتى تشرين الثاني من عام 1966، حين وصل إلى ذروته مُسجّلاً نسبة 5.75%، قبل أن يبدأ بالتراجع. ويعود ارتفاع معدّل الفائدة الأميركية بين كانون الأوّل/ ديسمبر 1965 ونيسان/ أبريل 1966 إلى ظهور العلامات الأولى للانكماش النقدي (أزمة القروض وبالتالي كمّية النقد)، كما يعود، ولو في شكل أقلّ، إلى زيادة الدين العام الأميركي لتمويل حرب فييتنام.
لم تنحصر آثار الأزمة النقدية في عام 1966 بما رتّبته على الاقتصاد الأميركي ومصادر تمويل المؤسّسات الأميركية، بل انسحبت أيضاً على الاقتصاد اللبناني الصغير والمفتوح والذي يتبع سعر صرف عائماً.
بينما اعتمدت معظم بلدان العالم في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي نظام سعر صرف ثابت، تبنّى الاقتصاد اللبناني نظام سعر صرف عائم. كانت أولويات السياسة المالية قبل عام 1975 تحقيق التوازن في الموازنة وفوائض فيها. إلّا أن السياسة النقدية كانت غير واضحة، فاقتصرت تدخّلات السلطات على بيع العملات أحياناً أو شرائها، إذ كان سعر الصرف يتحدّد وفقاً للعرض والطلب.
عرف لبنان في الخمسينيات نمواً استثنائياً، تقطّع لأشهر عدّة خلال عام 1958، إلّا أنه عاود الارتفاع بعد حلّ الأزمة وانتخاب الجنرال فؤاد شهاب على رأس الدولة. وفي حين كانت الدول الصناعية الكبرى تقيّد حركة رؤوس الأموال وتدفّقات رأس المال، كان المستثمرون اللبنانيون والأجانب قادرين على تحويل أموالهم بحرّية من لبنان وإليه. ووجد البترودولار، الذي ارتفع نتيجة لزيادة الإنتاج، ملجأً له في لبنان. كما اختار آلاف الطلاب ورجال الأعمال والصحافيين العرب والغربيين لبنان كمكان رئيسي للعيش وممارسة أنشطتهم المهنية. وكذلك فعلت شركات النفط العربية والغربية التي اتخذت من بيروت مقرّاً رئيسياً لها. وبالتالي أصبح لبنان بلداً سياحياً بامتياز، ومركزاً دولياً للتجارة والإبداع الفكري. وأدى قانون السرّية المصرفية الكلّية، الذي أقرّه البرلمان اللبناني في عام 1956، دوراً في تعزيز مكانة بيروت المالية من خلال جذب المزيد من الودائع والاستثمارات الأجنبية. امتدّت آثار النمو المُحقّق في الخمسينيات إلى الستينيات، فأنشئ مصرف لبنان في عام 1964، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي … وارتفعت الودائع المصرفية وتدفّقات رأس المال والاستثمارات الجديدة.
هذه الظروف التي حكمت الاقتصاد اللبناني كانت مؤاتية جدّاً للتأثر بالأزمة النقدية الأميركية في عام 1966، والتي كان لها آثار سلبية على النمو الاقتصادي وأسعار الفائدة، كما على هيكلية التبادل التجاري وسعر الصرف. إلّا أن الوضع الاقتصادي تحسّن في ما بعد، على الرغم من آثار أزمة عام 1966 وإفلاس بنك إنترا والحرب العربية الإسرائيلية في حزيران/ يونيو 1967، وعادت التدفّقات النقدية والاستثمارات إلى البلد.

هذه العناصر، بما فيها آثار انتقال الأزمة النقدية الأميركية في لبنان، ليست مفهومة في شكل واضح في الأدبيات الاقتصادية. فغالباً ما يشير الاقتصاديون والمحلّلون إلى أزمة عام 1966، عبر نسبها إلى إفلاس بنك إنترا في خريف ذلك العام. إلّا أن منطقهم التحليلي لا يذهب أبعد من ذلك. في الواقع، يعود إفلاس بنك إنترا بحدّ كبير إلى أزمة الركود الأميركي في عام 1966 التي رفعت أسعار الفائدة الدولية.
بما أن الاقتصاد الأميركي كبير للغاية، فإن ارتفاع سعر الفائدة في الولايات المتّحدة أدّى إلى ارتفاع معدّل الفائدة الدولية. وبالتالي، بعيد ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية ارتفعت أيضاً أسعار الفائدة في لبنان. وتعزى هذه الزيادة في شكل رئيسي إلى انخراط الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد العالمي (سعر صرف عائم، حركة رؤوس الأموال داخلة وخارجة، إلخ.).
يظهر الرسم البياني الأول أن أسعار الفائدة في لبنان بدأت في الارتفاع منذ حزيران/ يونيو 1966، أي بعد وقوع الأزمة في الولايات المتّحدة في أيار/ مايو 1966. في سعر صرف عائم، يمرّ شهر في العادة قبل أن ترتفع أسعار الفائدة العالمية وتستجيب للتغيّرات في سعر الفائدة في الولايات المتّحدة.
في البداية، تصدّت أسعار الفائدة في لبنان «جزئياً» للأزمة النقدية الأميركية، ويعود ذلك إلى السيولة الإضافية المُتاحة للمصارف اللبنانية. ومع ذلك، بعد بضعة أشهر، تسبّب ارتفاع سعر الفائدة العالمية في خروج رؤوس الأموال، والتسبّب بأزمة سيولة في البلاد، بما أدّى إلى إفلاس أكبر مصرف في المنطقة، بالإضافة إلى عشرة مصارف أخرى.

أزمة السيولة
إن توزيع الودائع المصرفية بين عدد كبير من المصارف هو إحدى السمات الرئيسية للنظام المالي اللبناني في الستينيات. بين عامي 1950 و1964، ارتفع عدد المصارف من 11 إلى 79 مصرفاً، وهو ما أدّى إلى تقييد الودائع في المؤسّسات المصرفية، فعدد قليل منها فقط تخطّى مجمل ودائعها الـ 100 مليون ليرة، وذلك على الرغم من أن ميزة القطاع المصرفي اللبناني كانت بحجم ودائعه التي كانت ترتفع باطراد.
لكن مؤسّسة مالية واحدة شكّلت استثناءً لهذه القاعدة وهي بنك إنترا. إستحوذ البنك في عام 1965 بمفرده على ربع الودائع في لبنان. وبين عامي 1955 و1965، تجاوز معدّل نمو الودائع السنوي لإنترا الـ 40% مقارنة مع 26% للمصارف الأخرى. وفي عام 1965، وصل مجمل قيمة الودائع في بنك إنترا إلى 756 مليون ليرة. ونظراً إلى صغر السوق المحلّية وحاجاتها مقارنة مع الودائع الموجودة بتصرّف المصرف، حوّل إنترا استثماراته إلى الأسواق الخارجية.


في ستينيات القرن الماضي، كانت حركة خروج الرساميل ودخولها سريعة وحسّاسة لارتباطها بمعدّلات الفائدة في السوق، وهو ما جعل معظم الودائع قصيرة الأجل. إن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، الذي بدأ في الولايات المتّحدة وامتدّ إلى المملكة المتّحدة (خوفاً من خروج الرساميل من بريطانيا إلى الولايات المتّحدة)، أثّر في شكل كبير على النظام المالي اللبناني وأدّى إلى خروج رساميل وودائع من لبنان إلى الأسواق التي توفّر عوائد أعلى. لهذا السبب حدثت أزمة السيولة في عام 1966.
أدّى انتقال الأزمة النقدية الأميركية إلى لبنان إلى ارتفاع معدّل الفائدة اللبنانية، إلّا أن ذلك لم يكن كافياً لإقناع المستثمرين بالحفاظ على كامل ودائعهم في لبنان. أكثر ما سمح لارتفاع الفائدة الخارجية بالتأثير على حركة الرساميل في لبنان، هو أن المصرف المركزي لم يكن يملك في حينها الأدوات القانونية اللازمة لرفع معدّل الفائدة الداخلية (عمليات السوق المفتوحة كانت ممنوعة بموجب القانون)، كما لم يكن لدى المصرف المركزي أدوات مالية للتدخّل في السوق نظراً إلى صغر حجم احتياطي النقد الأجنبي لديه وعدم امتلاكه أوراق دين.
عندما بدأت أسعار الفائدة بالارتفاع في الخارج، انخفضت السيولة بسبب تدفّق الرساميل والودائع إلى الخارج سعياً لتحقيق عائد أعلى. وازداد الوضع تعقيداً عندما توقف بنك إنترا في تشرين الأول/ أكتوبر 1966 عن الدفع للمودعين لديه.
في مقارنة بين أسعار الفائدة في لبنان وأسعار الفائدة الأجنبية، فضّل العملاء الاستثمار في الأوراق المالية الخارجية، وخصوصاً الأميركية. وهكذا، وجدت السيولة النقدية طريقاً لها نحو الودائع المصرفية الخارجية بدل الأصول الداخلية. وهو ما فاقم آثار الأزمة الأميركية وأزمة السيولة في البلاد.
بعد أزمة السيولة الناتجة من الصدمة النقدية الأميركية، انخفض عدد المصارف العاملة في لبنان من 94 مصرفاً نهاية عام 1966 إلى 74 مصرفاً في عام 1970. كما أدت عوامل داخلية عدّة دوراً في تفاقم أزمة السيولة في البلاد، ومن ضمنها الهامش بين استحقاقات القروض التي كانت متوسّطة وطويلة الأمد واستحقاقات الودائع التي كانت بغالبيتها قصيرة الأمد، إضافة إلى تفشّي الشائعات التي ساهمت في انتشار الأزمة وتأثيرها على المدّخرات الصغيرة.

أزمة إنترا
بدءاً من الأوّل من آب/ أغسطس 1966، تجاوزت المبالغ اليومية المسحوبة من إنترا المبالغ المودعة لديه. وهو ما أدّى إلى انخفاض الودائع، التي زادت من حدّتها بعد أسابيع من الشائعات التي روّجت عن أزمة في المصرف. فسحبت مصارف محلّية وأجنبية ودائعها التي بلغت نحو 18 مليون ليرة لبنانية، ومن ثمّ سحب صغار المودعين نحو 52 مليون ليرة بين 3 و14 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1966.
في هذه الأثناء، ووسط ارتفاع أسعار الفائدة في الخارج، بدأ زبائن المصارف اللبنانية بتحويل جزء من أصولهم إلى المصارف الأميركية والبريطانية. وبما أن إنترا كان المصرف الأكبر في المنطقة، وبما أن الشائعات استمرّت في التداول، فإن عمليات السحب من فروعه كانت أكبر من عمليات السحب في المصارف الأخرى.


في 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر، طلبت إدارة إنترا المساعدة من المصرف المركزي، الذي منحها تسهيلات بقيمة 15 مليون ليرة خلال سنة بفوائد بنسبة 7%. وفي المقابل، قدّم المصرف ضمانات حقيقية لمصرف لبنان.
بعد هذه الاتفاقية، بدأ إنترا بدفع الودائع، إلّا أن مبلغ الـ 15 مليوناً نفد، فطلب المصرف دعماً إضافياً بقيمة 8 ملايين ليرة، لكن مصرف لبنان رفض طلبه. في غضون ذلك، حاولت إدارة إنترا نقل بعض من ودائعها في نيويورك إلى لبنان، إلّا أن استمرار ارتفاع معدّلات الفائدة في الولايات المتّحدة دفع كبار المودعين الأميركيين إلى سحب جزء كبير من ودائعهم من المصرف لتوظيفها في مؤسّسات مالية أخرى. وجد إنترا نفسه في وضع صعب جداً، وأعلن توقّفه عن الدفع في 15 تشرين الأوّل/ أكتوبر 1966، فانتشرت الأزمة بين المصارف الأخرى.
السبب الرئيسي لإفلاس إنترا هو الانتقال الدولي للصدمة النقدية الأميركية إلى لبنان في عام 1966. كما أدت عوامل أخرى داخلية دوراً في مفاقمة الأزمة وزيادة الصعوبات المالية على المصرف، إضافة إلى سوء توزيع القروض والودائع وفقاً لمواعيد استحقاقها، فضلاً عن امتناع المصرف المركزي عن منح إنترا مبلغ 43 مليون ليرة لسدّ عجزه.

آثار الصدمة النقدية الأميركية على الدخل القومي اللبناني
تسبّبت الأزمة الائتمانية في أميركا في انخفاض الدخل القومي اللبناني. بعد الأزمة في أميركا وأزمة السيولة في عام 1966، انخفض إجمالي القروض الممنوحة للبنانيين بنسبة 4.5%. في بلد مثل لبنان، حيث يرتبط النشاط الاقتصادي ارتباطاً وثيقاً بالقروض المصرفية، فإن القروض الممنوحة تعكس إلى حدّ كبير النشاط الاقتصادي. لكن النمو السلبي البالغ 0.5% في عام 1967، بسبب انتقال الأزمة الائتمانية إلى الاقتصاد اللبناني، لم يدم طويلاً. وبمجرّد اختفاء آثار هذه الأزمة على لبنان، عاد النمو إلى مساره التصاعدي وسجّل الدخل القومي في عام 1968 زيادة بنسبة 12%.
كان القطاع المصرفي الذي يمثّل 35% من الدخل القومي الأكثر تأثراً بالأزمة في أميركا. فعلى الرغم من تدهور الميزان التجاري اللبناني مع الولايات المتّحدة، في الأشهر التي تلت أزمة 1966، إلّا أن دوره وتأثيره على انتقال الأزمة النقدية في أميركا بقي متواضعاً. أوّلاً، لأن تأثيره على الحساب الجاري اللبناني كان طفيفاً. وثانياً، لأن الصادرات اللبنانية لم تكن تمثّل سوى ربع الواردات، ولم يكن من الممكن أن تؤثر بالأساس على الدخل القومي الذي يعتمد بشكل رئيسي على الخدمات، وخصوصاً في القطاعين المصرفي والمالي. إن القناة الرئيسية لانتقال الأزمة في أميركا هي سعر الفائدة الدولية التي تسبّبت في انخفاض الإنتاج المحلي.


منذ عام 1967، بدأ انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار يؤثّر على الصادرات الوطنية، التي ارتفعت بسبب انخفاض قيمة العملة. وعلى الرغم من تدهور ميزان رأس المال اللبناني في أعقاب الصدمة النقدية الأميركية، التي دفعت أسعار الفائدة الدولية صعوداً، إلّا أن الصادرات ارتفعت بشكل ملحوظ منذ عام 1967، حيث بدأ انخفاض سعر صرف الليرة في أداء دوره. فالانخفاض في حساب رأس المال قابله انخفاض في عجز الحساب الجاري، من 342 مليوناً إلى 51 مليون ليرة بين عامي 1966 و1970. لقد انخفض فائض ميزان المدفوعات في عام 1966 نتيجة للصدمة الائتمانية الأميركية وتحوّل إلى عجز في عام 1967. وهذا التراجع يفسّر انخفاض التدفّقات الرأسمالية (من 464 إلى 122 مليون ليرة بين عامي 1965 و1966). ومع ذلك، ارتفع رصيد ميزان المدفوعات مرّة أخرى في عام 1968 بنحو 178 مليون ليرة، وصولاً إلى 176 مليون ليرة، وذلك بعدما سجّل في عام 1967 عجزاً بنحو 1.7 مليون ليرة.

ردّ فعل الليرة اللبنانية مقابل الدولار بعد الصدمة النقدية الأميركية
تسبّب ارتفاع أسعار الفائدة العالمية في خروج الرساميل والضغط على الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي. ففي أعقاب الصدمة النقدية الأميركية، التي أدّت إلى ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية والدولية، ولما لم يكن لدى البنك المركزي الوسائل ولا الإرادة للتدخّل في سوق الصرف الأجنبي لدعم العملة الوطنية، انخفضت قيمة الليرة، وارتفع سعر الصرف من 3.11 ليرات للدولار في أواخر نيسان/ أبريل 1966 إلى 3.20 في شهر أيلول/ سبتمبر 1966.
في غياب أزمة اقتصادية محلّية أو صدمة نقدية في لبنان (جاءت أزمة السيولة وإفلاس إنترا في نهاية أيلول/ سبتمبر 1966)، انخفض سعر الصرف تحت تأثير الصدمة النقدية الأميركية، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة الدولية وارتفاع الفائدة المحلّية بشكل جزئي كما رأينا، بحيث تضاعفت تدفّقات رؤوس الأموال إلى الخارج وارتفع سعر الصرف.
أدّت صدمة عام 1966 إلى تعطيل النمو لأشهر عدّة. كما أدّت إلى أزمة السيولة في البلاد، وأسهمت في إفلاس أكبر بنك وفي الذعر المصرفي الذي أعقب ذلك. كما أدّت إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتدفّقات رأس المال إلى الخارج، وارتفاع معدّل التذبذب في سعر الصرف. لكن لبنان سرعان ما وجد الطريق للخروج من المأزق ووضع حدّاً للأزمة: عادت الودائع وتحسّن الميزان التجاري بعد ذلك، وواصل الدخل القومي تقدّمه.

* خبير اقتصادي ومالي