بغداد | استمرّ التوتّر، أمس، على الساحة العراقية، مع انتشار القوى الأمنية في شوارع بغداد وعدد من المدن الأخرى التي انتقلت إليها الاحتجاجات على نتائج الانتخابات، في تصعيد يُتوقّع أن يستمرّ، ضدّ ما يرى المحتجون أنه عمليات تزوير واسعة النطاق أدّت إلى ما حصل من تراجع للأذرع السياسية لفصائل «الحشد الشعبي». ونشر الجيش العراقي قوّاته في كلّ أنحاء البلاد عشيّة التظاهرات التي تزامنت مع الاحتفال بذكرى المولد النبوي، في ظلّ حديث يُنقل عن رئيس «تحالف الفتح» هادي العامري، من أنه غير مقتنع بنتائج الانتخابات ولن يقبل بها، وهو عازم على استرداد «حقّ» الذين قال إنه جرى «تزوير النتائج» لإسقاطهم. وشارك رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، بدوره، في الدعوة إلى التظاهر، على رغم أن «ائتلاف دولة القانون» الذي يترأّسه حَقّق تقدّماً كبيراً في الانتخابات، رافعاً حصّته من 23 عضواً في المجلس المكوّن من 329 مقعداً، إلى 35 عضواً. وكانت خرجت تظاهرات شارك فيها العشرات في بغداد والبصرة مساء أوّل من أمس، ضدّ مفوضية الانتخابات والنتائج المعلنة، فيما أغلق المشاركون فيها بعض الطرق وأشعلوا إطارات السيارات. وجرى قطع الطريق الدولية بين كركوك وبغداد عند منطقة الحسينية، كما أغلق محتجّون «ساحة عدن» في بغداد، وقطع آخرون طريق بابل - المحمودية جنوب العاصمة.
وبدت لافتة، في خضمّ ذلك، دعوة «كتائب حزب الله» إلى محاكمة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها مصطفى الكاظمي، وتوعّدها بتصعيد الأمور إلى «ما لا تُحمد عقباه» إن لم يتمّ العمل في أسرع وقت على «إعادة حقوق» الناخبين ومرشّحيهم. ووصف المتحدّث باسم الكتائب أبو علي العسكري، ما حصل في الانتخابات بأنه «أكبر عملية احتيال وخداع على الشعب العراقي»، مضيفاً أنه «تبعاً لذلك، يجب محاكمة الكاظمي على ما قام به من أفعال، وآخرها الخيانة الكبرى التي ارتكبها بالتواطؤ مع الأعداء لتزوير الانتخابات». وأشار العسكري، في بيان، إلى أن «كتائب حزب الله» في العراق تؤيّد حق التظاهر السلمي»، مشدّداً على أن «على الأجهزة الأمنية حماية المتظاهرين».
في المقابل، كان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الذي فاز بأكبر كتلة برلمانية بحصوله على 72 مقعداً، قد أعلن قبوله نتائج الانتخابات، وأصدر بياناً وقّعه باسم «المقاوم مقتدى الصدر» ضَمّنه 7 نقاط للتعامل مع الأميركيين. واعتبر أن على الولايات المتحدة أن تتعامل مع الحكومة العراقية بالمثل دبلوماسياً، أي دولة مع دولة كاملة السيادة، داعياً إلى إجراء «حوار جادّ وفعّال» بشأن بقاء قوّاتها ومعسكراتها في العراق. وأكّد أن ثورات العراقيين وتظاهراتهم «شأن داخلي»، ولا يعنيها من قريب أو بعيد، مضيفاً أن على واشنطن «إبعاد العراق أرضاً وجواً وبحراً وشعباً عن صراعاتها الإقليمية أيّاً كانت». وقال: «نحن عراقيون لا شرقيون ولا غربيون، ونريد العيش بسلام، وكلّ من يعارض ذلك فلنا ردّ مناسب». وخلص إلى أن العراق سيتعامل مع الولايات المتحدة وفقاً للشروط والمحدّدات السابقة، «وإلا فلا يمكن أن نرضخ للضغوط والتبعية»، محذّراً من أنه في حال عدم تحقّق ذلك، فسيتمّ اعتبار أميركا «دولة معادية للعراق ولا تريد له الاستقلال والسيادة والاستقرار».