بغداد | تبدأ، اليوم، الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأميركية والعراق، والتي تُعتبر الأولى في عهد الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، بعد جولتَين اثنتَين في ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، خلال عام 2020، الأولى في العاشر والحادي عشر من حزيران/ يونيو الماضي، عبر دائرة تلفزيونية مغلَقة، والثانية في التاسع عشر والعشرين من آب/ أغسطس، خلال زيارة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، لواشنطن. وبحسب مصادر دبلوماسية عراقية تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن جدول أعمال جولة الحوار الثالثة سيتضمّن محاور اقتصادية متّصلة بتشكيل فريق مشترك بين البلدين لتتبُّع "الأموال المُهرَّبة" إلى خارج حدود بلاد الرافدين، فضلاً عن إمكانية "معاقبة" بعض المسؤولين العراقيين الهاربين إلى خارج البلاد مِمَّن ثَبُتت عليهم اتّهامات باختلاس أموال. وتضيف المصادر نفسها أن المحاور السياسية ستنحصر في مناقشة دعم حكومة الكاظمي في قضية إتمام الانتخابات المبكرة في موعدها المُحدَّد، بالإضافة إلى الجوانب الأمنية التي تحتاج إليها بغداد من دعم وتأهيل وتدريب للقوات الأمنية الرسمية.وعلى رغم جهوزية الوفد العراقي لخوض غمار الجولة الثالثة، إلّا أنه لم يَأخذ على محمل الجدّ المناورة القانونية المتعلّقة بمسألة سحْب القوات الأجنبية من العراق، بموجب قرار مجلس النواب المُصوَّت عليه في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2020، والذي لا يترتّب أيّ أثر قانوني عليه بوصف قضية الوجود الأميركي أمْراً تنفيذياً معنيّةً به الحكومة فقط. وبموجب ذلك، تصاعَدت مطالبات "تحالُف الفتح" بزعامة هادي العامري، والذي يضمّ القوى الداعمة لـ"الحشد الشعبي"، للمفاوِض العراقي، بعدم التنازل عن تطبيق قرار جلاء تلك القوات، في موقف متماهٍ مع موقف فصائل المقاومة، والذي كان عبّر عنه الأمين العام لـ"عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، بتشديده على ضرورة تفكيك قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، وقاعدة الحرير في مدينة أربيل في إقليم كردستان، وتحذيره من أن العمليات الحالية ضدّ الاحتلال الأميركي "ستستمرّ وستزداد كمّاً ونوعاً"، في رفض استباقي لأيّ مناورة تستهدف إدامة الوجود الأميركي.
مزاج مُمثّلي بعض المناطق المُحرّرة يدفع باتجاه إبقاء القوات الأميركية


وعشيّة بدء الجولة الثالثة من الحوار الاستراتيجي، تَطرح مصادر سياسية متناغمة مع توجُّهات "الفتح" سلسلة تساؤلات أبرزها: هل القوات الأميركية موجودة في العراق بناءً على اتفاقية غير معلَنة بين بغداد وواشنطن، أم بناءً على طلب بغداد عبر رسالة وزيرَي الخارجية الأسبقَين إبراهيم الجعفري (2014 – 2018) وهوشيار زيباري (2004 – 2014) إلى مجلس الأمن؟ وإذا كان وجودها على أساس رسالتَي الجعفري وزيباري، فلماذا تتفاوض بغداد مع واشنطن إذن؟ وإذا كانت الرسالة مُوجَّهة إلى مجلس الأمن، أليس من المفروض توجيه رسالة مماثلة من الخارجية العراقية إلى المجلس تُطالب بسحب القوات؟ تساؤلات تنتظر، إلى جانب أخرى، الإجابة عليها في يوم الحوار الاستراتيجي، تحت طائلة تصعيد فصائل المقاومة استهداف المصالح الأميركية في بغداد والمحافظات، خصوصاً أن واشنطن ألزمت نفسها في عام 2020 بجدولة انسحابها من العراق على مدار 3 سنوات فقط.
لكن "تحالف القوى العراقية"، بزعامة محمد الحلبوسي، لا يزال ينظر إلى الوجود الأميركي على أنه "أمر ضروري" في الوقت الراهن. وبحسب مصادر مطّلعة من داخل التحالف تحدّثت إلى "الأخبار"، فإن "مزاج مُمثّلي بعض المناطق المُحرّرة يدفع باتجاه إبقاء القوات الأميركية خوفاً من تصاعُد العمليات الإرهابية، لكن باطن هذا المزاج قد يدفع أحياناً نحو مواجهة مسلّحة للتخلُّص من الحشود المتمركزة في تلك المناطق، في حين تنظر جبهة الإنقاذ والتنمية التي يقودها أسامة النجيفي إلى جولة الحوار الثالثة على أنها فرصة سانحة للوفد العراقي للطلب من واشنطن زيادة دعم القوات الأمنية وتعضيد جروح الوضع الاقتصادي، وهو ما سيدفع، بحسبه، في اتّجاه إنجاح إجراء الانتخابات المبكرة".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا