أعلن المتحدّث الرسمي باسم «التحالف الدولي» (بقيادة واشنطن)، واين ماروتو، أمس، سقوط ثلاثة صواريخ على قاعدة جوّية في مطار أربيل الدولي، ما أسفر عن مقتل متعاقد أجنبي (ليس أميركياً)، وإصابة 9 آخرين بجروح، بينهم عسكري أميركي. الهجوم الذي وقع ليل الاثنين ــــ الثلاثاء، أعقبته مواقف شاجبة، ولا سيما من طهران، المُتّهمة من قِبَل واشنطن بقيادة هجمات مماثلة. وكانت مجموعةٌ تُدعى «سرايا أولياء الدم» (في إشارة إلى الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس) قد تبنّت العملية، موضحة في بيان أنها «اقتربت من قاعدة الاحتلال (الحرير) في أربيل بمسافة 7 كيلومترات، وتمكّنت من توجيه ضربة قاصمة قوامها 24 صاروخاً أصابت أهدافها بدقّة، بعدما فشلت منظومة CRAM وقذائف الاحتلال في اعتراضها، ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة بآليات ومخازن وطائرات الاحتلال وسقوط العديد من الإصابات في صفوف عناصرهم المحتلة»، مضيفةً إن «القذائف التي سقطت خارج قاعدة الاحتلال، إنما هي قذائف أميركية حاولت اعتراض صواريخنا... وثمّة عمليات نوعية أخرى في العراق والإقليم».إزاء ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أنه «وجّه بفتح تحقيق مشترك بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بشأن الحادث، وإلقاء القبض على المجرمين»، لافتاً في افتتاح الجلسة الحكومية الاعتيادية إلى أن «الحكومة تبذل جهوداً كبيرة من أجل تهدئة الأوضاع في المنطقة، وإبعاد البلاد عن أيّة صراعات». ووصف الرئيس العراقي، برهم صالح، بدوره، الهجوم بـ«التصعيد الخطير والعمل الإرهابي الإجرامي»، في موقف مساوق لأربيل، التي دانت على لسان رئيس حكومتها مسرور بارزاني، الهجوم، فيما حمّل الحزب الحاكم (الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني) المسؤولية عنه لـ«مجموعة ضالّة خارجة عن القانون متخفّية تحت عباءة الحشد الشعبي وبإمكاناته وامتيازاته ولباسه». وتعهّد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من جهته، بـ«محاسبة المسؤولين»، مشيراً في تغريدة إلى أنه «تواصَل مع رئيس حكومة إقليم كردستان، وأكّد الدعم الأميركي الكامل لإجراء تحقيق».
ثمّة اعتقاد لدى جهات متعدّدة بأنّ المجموعات الجديدة ليست سوى «واجهة» لفصائل المقاومة


في خلفية العملية، التي تثير في الشكل والتوقيت مجموعة من الأسئلة، يمكن الإشارة إلى ما يأتي:
1- ثمّة اعتقاد لدى جهات متعدّدة، داخل العراق وخارجه، بأن «سرايا أولياء الدم» وغيرها من المجموعات ليست سوى «واجهة» لفصائل المقاومة المطالِبة بانسحاب القوات الأجنبية من البلاد. وبحسب الجهات المذكورة، فإن تلك الفصائل تستثمر «تضارب» وجهات النظر الإيرانية في مقاربة الملفّ العراقي، فيما يعتقد آخرون أنها تعمل وفق استراتيجية إيرانية قائمة على «ترهيب واشنطن تارة، وترغيبها تارة أخرى».
2- جاء الهجوم بعد شهرين من الهدوء النسبي، الذي أُريد منه سحب ذرائع أيّ عدوان قد يقوده الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ضدّ طهران وحلفائها. ومع احتمال فشل المفاوضات الأميركية ــــ الإيرانية في ظلّ الإدارة الجديدة، ثمّة من يُرجّح عودة العمليات ضدّ مصالح واشنطن، ليس في العراق فحسب، بل في الإقليم أيضاً. كذلك، تُقرأ في العملية «رسالة ضغط على أربيل لتُصوّب الأخيرة بعض قراراتها».
3- الإحجام الأميركي عن الردّ، إلى الآن، يثير تساؤلاً عمّا إذا كانت واشنطن «تُراكم» الهجمات للردّ عليها دفعة واحدة، أم أن لديها مقاربة جديدة للملفّ العراقي، بما فيه الهجمات الصاروخية على مصالحها؟ حتى الآن، ما من إجابة واضحة لدى بغداد، التي تٌفضّل الانتظار والمراقبة.
4- إعلان «أولياء الدم» إصابة أهدافها بدقّة يرسم علامة استفهام حول ما إذا كانت فصائل المقاومة، بمعزل عن مسمّياتها، قد دخلت زمن استخدام «الأسلحة الدقيقة» (كما توعّد منذ أشهر الأمين العام لـ«حركة النجباء» أكرم الكعبي)، وهو ما يعني الانتقال إلى مرحلة مختلفة ومتقدّمة من الصراع.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا