بغداد | متسلّحة ببيانها الوزاري، وغطاء سياسي من مختلف الأحزاب والقوى، أطلقت الحكومة العراقية عملية أمنية في العاصمة بغداد ومدينة البصرة (جنوب) لضبط ما يُسمّى «السلاح المنفلت»، وتعقّب قتلة الناشطين والصحافيين، وملاحقة مروّجي المخدرات، وغيرهم من المطلوبين. وتشارك في العملية أفواجٌ من «جهاز مكافحة الإرهاب» ومن قوات الجيش و«لواء المشاة البحري» و«حرس الحدود»، إلى جانب قطعات تابعة لوزارة الداخلية. وأكد وزير الداخلية، عثمان الغانمي، تصميم الحكومة على «فرض هيبة الدولة وإنفاذ القانون»، واصفاً العملية الجارية حالياً بـ«الواجب الوطني». وقال الغانمي، في بيان، إن «ما تقوم به الأجهزة الأمنية من عمليات استباقية لإلقاء القبض على المطلوبين وضبط الأسلحة غير المرخصة ستكون له نتائج إيجابية في الشارع العراقي».وكان سبق العملية بيان صادر عن «خلية الإعلام الأمني»، حذّر من الاستخدام الخطير للأسلحة المتوسّطة والخفيفة في النزاعات العشائرية في منطقة الحسينية شرق بغداد، والذي أسفر عن إزهاق أرواح الأبرياء، منبّهاً إلى أن «الدولة وأجهزتها الأمنية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدّي الواضح لسلطة القانون، ومن واجباتها الأساسية حماية مواطنيها والحفاظ على أمنهم...»، خاتماً بالقول إنه «ومن أجل فرض القانون وتعزيز الأمن، شرعت قواتنا الأمنية بتفتيش المنطقة، ونزع أنواع الأسلحة من المواطنين ومصادرتها وفقاً للقانون ولفرض الأمن والاستقرار فيها...».
تؤكد مصادر الكاظمي أنه ليس في وارد «تكرار حادثة البوعيثة»


ولئن عُدّ ما جرى في الحسينية السبب المباشر لإطلاق العملية، فقد بدا واضحاً - في خلال الأيام الماضية - عزم الحكومة على إطلاق حملة مماثلة لضبط الانفلات الأمني جنوباً، والمنذر بوقوع مواجهات أهلية مسلّحة، خصوصاً في ظلّ مؤشّرين خطيرين:
1- دعوة شرائح شبابية غاضبة على أركان الطبقة السياسية إلى التسلّح، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لـ«حراك تشرين الأول/ أكتوبر»، واستمرار مسلسل الاستهداف المجهول للصحافيين والناشطين. وفي مقابل تلك الدعوات، سعى رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، إلى تأمين غطاء سياسي لعملية أمنية تنزع فتيل التفجير، وهو ما تُرجم بالبيان الصادر عن زعيم «تحالف الفتح» (تجمّع الكتل المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي») هادي العامري، والداعي إلى «فرض هيبة الدولة وضبط السلاح المنفلت».
2- حقيقة أن أيّ مواجهة مسلّحة في العراق، وبمعزل عن أسبابها وحجمها، ستخلق «كرة ثلج» يصعب إيقافها، في ظلّ ثقافة اجتماعية تميل إلى تغليب العنف، وتأزّم سياسي - اقتصادي يمكن أن يدفع نحو تفجير الأوضاع. إزاء ذلك، بدأ بعض الدوائر المقرّبة من الكاظمي، مبكراً، التلميح إلى أن «رئيس الوزراء سيطلق حملات على سلاح العشائر والفصائل المنفلتة ورؤوس الفساد...». وهو ما لا يمكن عزله عن تطلّع الرجل إلى ملء رصيده بـ»إنجازات» يمكن أن تُعبّد له الطريق إلى ولاية ثانية.
وفيما تفيد المعلومات بأن العملية ستستمرّ حتى تحقيق أهدافها، يبدو أن الخطوات الحكومية الأخيرة أثارت «حماسة» معظم المعادين للفصائل الموالية لطهران بهدف وضعها في سلّة واحدة مع المستهدَفين بالإجراءات الأمنية. لكن مصادر الكاظمي تؤكد أنه ليس في وارد «تكرار حادثة البوعيثة»، وإن كان لا يمانع ضرب ما يسمّى «الفصائل المُغرّدة خارج السرب»، متسلّحاً في ذلك بما يقول إنه تأييد له في دوائر القرار في طهران، خصوصاً قبيل إجراء الانتخابات النيابية المبكرة (منتصف 2021).



استهدافٌ جديد للتحالف الأميركي
أعلنت «خلية الإعلام الأمني»، في بيان أول من أمس، انفجار عبوة ناسفة استهدفت عجلة لشركة نقل عراقية متعاقدة مع قوات «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن، على الطريق السريع الرابط بين منطقتَي البياع والشعلة، شمال غرب العاصمة بغداد. وأضاف البيان أن الانفجار أدّى إلى إصابة شرطي من القوة المرافقة ومواطن صودف وجوده هناك. ويُعدّ هذا الانفجار الثالث من نوعه في أقلّ من أسبوع، وواحداً من سلسلة رسائل يبدو أن فصائل المقاومة العراقية تُوجّهها إلى الاحتلال الأميركي، بهدف تسريع انسحابه من البلاد، خصوصاً أن من شأن هذا التكتيك المتّبع حالياً، والذي لن يكون محصوراً في مناطق بعينها، إرباك القوات الأميركية والمتعاقدين معها. ويوم أمس، أفيد عن سقوط ثلاثة صواريخ من نوع «كاتيوشا» على مطار بغداد الدولي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا