بغداد | إثر الجلسة البرلمانيّة العراقية الأخيرة، التي عُقدت السبت الماضي، باتت الحكومة الاتحاديّة برئاسة مصطفى الكاظمي مكتملة، بعدما مُنح المرشحون للحقائب السبع الشاغرة «ثقة» الكتل النيابيّة. لم يطرأ أي تعديل على القائمة التي قدّمها الكاظمي إلى رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، قبل أيّام: فؤاد حسين وزيراً للخارجية رغم «التحفّظات» الخجولة، وإحسان عبد الجبار للنفط، وحسن حمادي للثقافة وللسياحة، وإيفان فائق للهجرة والمهجرين، وعلاء عبيد للتجارة، ومحمد كريم صالح للزراعة، وسالار محمد للعدل. كما خوّل البرلمان رئيس الحكومة استحداث حقيبة جديدة لوزارة دولة ستمنح للتركمان.مشهد دفع الكاظمي إلى القول إن «استكمال الكابينة الوزارية بتصويت مجلس النواب على الأسماء التي قدمناها هو دافع إضافي لتنفيذ المنهاج الوزاري، والإيفاء باستحقاقات المرحلة والتزام وعودنا أمام شعبنا»، ليؤكّد لاحقاً، خلال الجلسة الاستثنائيّة لمجلس الوزراء، أن حكومته «وضعت الخطط لتجاوز التحديات الكبيرة في الجانب المالي وجائحة كورونا وانهيار أسعار النفط». وبينما قال إن «سوء النظام الإداري عرقل العديد من المشاريع»، أكد أنه «بعد إكمال الكابينة نبدأ الخطوات العملية كفريق واحد لتجاوز التحديات».
ويُسجّل للكاظمي أنّه، مقارنة بالحكومات السابقة، استطاع أن يملأ مختلف الشواغر في مدّة قياسيّة، لكن ثمة من يسأل عن آلية أو كيفيّة هذا «الملء»، وهل رضخ الكاظمي في نهاية المطاف لـ«المحاصصة» الحزبية ــــ الطائفيّة، مساهماً مرّةً أخرى في تعزيزها؟ الإجابة هنا، ومن مصدر سياسيٍ بارز، تشي بأن الرجل «مضطرّ» الى أن يراعي التوازنات الداخليّة، وخاصّة أن حكومته ليست بالتكنوقراط المستقل، وإنما مطعّمة بوجوهٍ سياسيّة، بل هي «إنقاذيّة أوّلاً، وانتقاليّة ثانياً، وأمر واقع ثالثاً». ولا يستبعد المصدر، في حديث إلى «الأخبار»، رضوخ الكاظمي لبعض الضغوط، لكنّه استطاع أخيراً أن «يملأ الشواغر في وقت قياسيّ... يجب منحه بعض الوقت قبل الحُكم على أدائه، وخصوصاً أن الأزمات التي يمرّ بها العراق استثنائيّة، وتفرض صبراً استثنائيّاً».
ثمة نظريّات أن العامري قد يتولّى مهمة رئيس «هيئة الحشد» بدلاً من الفيّاض


على خطّ موازٍ، جاءت لافتة استقالة زعيم «تحالف الفتح» (تكتّل برلمانيّ يضم الكتل المؤيّدة لـ«الحشد الشعبي»)، هادي العامري، من البرلمان، وتعيينه القيادي في «منظمة بدر» عبد الكريم يونس عيلان (أبو مريم الأنصاري) بديلاً منه، في مخالفة قانونيّة صريحة، فأي تحرّك من هذا القبيل يعدّ من صلاحيّات «المفوضيّة العليا المستقلة للانتخابات». خطوة العامري قد تكون مقدّمة لمفاجآت «ثقيلة»، أبرزها انفراط عقد «الفتح»، كما ينقل أكثر من مصدر تحدّث إلى «الأخبار» أن قادة «الفتح» أعربوا غير مرّة عن استيائهم من أداء الرجل، وقد نقلوا ذلك إلى «الدوائر الإقليميّة المعنيّة».
هذه «النظريّة» توازيها نظريّات أخرى تشي بأن العامري قد يتولّى مهمة رئيس «هيئة الحشد» بدلاً من فالح الفيّاض قريباً، وهذا ما نفاه أكثر من قياديّ في «الحشد». كذلك، سرى حديثٌ أن «بدر» في صدد إعادة ترتيب «بيتها الداخلي»، ولهذا تنحّى العامري الساعي الى أن يكون واحداً من زعامات «البيت الشيعي» بعيداً من أي منصب نيابيّ، بوصفه مرشّحاً «دائماً» لرئاسة الوزراء. في زحمة النظريّات، تحافظ «نظريّة» انفراط عقد «الفتح» على أسهمها العالية جراء التباين الواسع في الآراء بين مكوّنات التحالف. وتُرجم ذلك غير مرّة في استحقاقات مختلفة؛ كان آخرها أثناء تأليف الكاظمي حكومته. هذه «النظريّة» إن تحقّقت، ستصبّ في مصلحة «التيّار الصدري» وزعيمه مقتدى الصدر الذي سيجيد استثمار ذلك جيّداً، فلن يلقى كتلة وازنة تقابله، وهذا ما له تداعيات على المشهد السياسي ككل.