17 عاماً والعراق يفتقد بنية صحّية «مقبولة»، من شأنها أن «تضبط نوعاً ما» إيقاع المواجهة مع جائحة «كورونا»، المتزامنة مع أزمة اقتصادية كبرى ترزح تحتها البلاد، متمثّلة بانهيار أسعار النفط عالميّاً، وانتهاج موازنة أقرب إلى أن تكون «موازنة طوارئ» تُقرّ بشكل شهري، مع إيلاء أهمّية قصوى لـ«رواتب موظفي القطاع العام»، التي تبلغ قيمتها 6.5 مليارات دولار شهريّاً.في هذا الإطار، أكّد المستشار المالي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، مظهر محمد صالح، وجود «لجنة عليا مختصة لإعادة الهندسة المالية العامّة في العراق»، كاشفاً عن اقتراض الحكومة من المصارف الحكوميّة الثلاثة لتأمين رواتب الشهر الجاري. وفي تصريح، قال إن «حصيلة الإيرادات لشهر أيّار/ مايو الجاري، بلغت أقل من 2 تريليون دينار (1.6 مليار دولار أميركي تقريباً)، في وقت ثمّة حاجة فيه إلى أكثر من خمسة تريليونات دينار فقط لتأمين الرواتب (4.1 مليارات دولار أميركي تقريباً)، عدا عن مصروفات الدولة الأخرى»، موضحاً أن «الإيرادات غير النفطية قليلة جدّاً، حيث تبلغ حوالى 100 مليار دينار شهريّاً (83 مليون دولار أميركي تقريباً)». وفيما أشار إلى «وجود آلية معيّنة لتأمين الرواتب فقط»، أكّد صالح «وجود معضلة كبيرة في كيفية تأمين رواتب شهر حزيران/ يونيو المقبل، ولا سيّما أن الإيرادات النفطية لشهر أيّار/ مايو ضعيفة جدّاً»، خاتماً حديثه بأن فريق الكاظمي يعمل على إقرار «إصلاح مالي يتضمّن إعادة النظر بالرواتب العالية، وفي الوقت عينه يسعى إلى حماية صغار الموظفين الذين يتقاضون رواتب قليلة، مع إمكانية رفعها».
وفي محاولة أخرى للبحث عن حلول للخروج من الأزمة الماليّة، أوفد الكاظمي، أمس، وزير المالية علي عبد الأمير علّاوي، إلى السعودية لبحث الملف الاقتصادي بين البلدين. وقال المكتب الإعلامي للكاظمي، في بيان، إن «علّاوي توجه إلى المملكة السعودية مبعوثاً من رئيس الوزراء لمناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية في المنطقة وتشجيع الاستثمار».
هذا المشهد القاتم، المقرون بمحاولات «نهوض» خجولة، زاده تعقيداً أمس تحذير «خلية الأزمة» البرلمانية الخاصّة بمتابعة الجائحة، من انهيار النظام الصحّي في البلاد، خلال الأيام الـ 10 المقبلة، جرّاء تزايد الإصابات بالوباء. وقال مقرّر الخلية جواد الموسوي، في بيان، إن «النظام الصحّي في العراق سيشهد انهياراً خلال الأيام الــ 10 المقبلة، إن لم تتخذ الجهات المعنيّة إجراءات صارمة لمواجهة جائحة كورونا»، واصفاً «الحجر المناطقي بالأكذوبة... فهو لم يحقّق نتائج على أرض الواقع، وهذا ما رصدناه خلال جولاتنا الميدانية في العاصمة بغداد»، مطالباً السكّان بـ«الالتزام بإجراءات الوقاية الصحية في ظل ازدياد أعداد المصابين، ما ينذر بخطر كبير قد ينهار بسببه النظام الصحي بأكمله، فتخرج الأمور عن السيطرة، وخاصّة في بغداد».
أمّا الحكومة، ورغم محاولاتها قبل يومين استيعاب هذا الانهيار بالإعلان عن فرض حظر تجوال شامل في عموم البلاد، لمدّة أسبوع اعتباراً من الأحد، يشمل «عطلة عيد الفطر»، للحد من تفشّي الوباء وعزل 6 مناطق رئيسية داخل العاصمة على خلفية تسجيل إصابات متزايدة فيها، فإنها، وفق مصادر معنيّة، تأسف من «حالة الاستهتار الشعبي، وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية». هذه الأزمة ليست «صحّية» فقط، وفق تعبير المصادر، بل «انعكاساتها سياسية بامتياز، لأن فشل الحكومة في هذا التحدّي سيكون جزءاً من أي خطاب يدعو إلى إسقاطها». وفي السياق، سجّلت وزارة الصحة أمس 113 حالة جديدة، و3 وفيات بـ«كورونا»، ما يرفع إجمالي الإصابات إلى 3724، توفي منهم 134، وتعافى 2438.