بغداد | في ظلّ فشل البرلمان، حتى الآن، في إقرار القانون الانتخابي الجديد، جدّدت «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) انتقاد تسويف الكتل النيابية، مُكرّرة دعوتها إلى بلورة «قانون عادل ومنصف»، يعيد «ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية». وفي هذا الإطار، قال البيان إن «أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة، وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي، الرجوع إلى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة، بعد تشريع قانون منصف لها، وتشكيل مفوضية مستقلة لإجرائها»، مضيفاً إن «الملاحظ تعرقُل إقرار قانون الانتخابات، وتفاقم الخلاف بشأن بعض مواده الرئيسية». وفيما شدّدت «المرجعية» على ضرورة الإسراع في إقراره، كان بارزاً تحديدها معايير قبوله، بأن يكون «منسجماً مع تطلّعات الناخبين، ويرعى حرمة أصواتهم، ولا يسمح بالالتفاف عليها»، وتحذيرها من أن «إقرار قانونٍ لا يكون بهذه المواصفات لن يساعد على تجاوز الأزمة».في هذا الوقت، تستمرّ الاجتماعات لتسوية الفقرات الخلافية في القانون، وعلى رأسها المادة 15 التي تمثل جوهر النظام الجديد، لناحية آلية احتساب الأصوات واعتماد توزيع المقاعد والقاسم الانتخابي والتصويت، فيما تتعلق المادة 16 بآلية «الكوتا النسائية» وكيفية احتسابها وفق الدستور، أي بنسبة 25 بالمئة. وكان البرلمان قد صوّت، في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، على المواد العشر الأولى منه، إلا أن الخلافات السياسية حالت دون استكمال التصويت، لتُرفع الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل، الواقع فيه 23 كانون الأول/ ديسمبر الجاري. وعلى الرغم من أن «اللجنة القانونية» قدّمت 6 مقترحات حول المادة 15 لتلافي أيّ إشكال، إلا أنها جميعها لم تلاقِ استحسان الأطراف المعترضة، ما دفع برئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، إلى غلق «قاعة المؤتمرات الصحافية»، ومنع النوّاب من الإدلاء بأيّ تصريح، بعدما لزموا القاعة كاسرين بذلك نصاب الجلسة.
تستمرّ الاجتماعات لتسوية الفقرات الخلافية في القانون، وعلى رأسها المادة 15


كذلك، يكشف النائب عن «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، شيروان دبرداني، أن «كتلاً سياسية (أبرزها «ائتلاف دولة القانون»، «تحالف القوى العراقية»، «النهج الوطني»، «الديموقراطي الكردستاني»، و«الحكمة») قدّمت أكثر من 6 مقترحات نيابية لحلّ معضلة المادة 15، ولتسهيل عملية إمرار المشروع الجديد»، موضحاً في حديثه إلى «الأخبار» أن أبرز ما تضمّنته المقترحات هو:
1- اعتماد الدوائر المتعددة على مستوى القضاء
2- اعتماد الدوائر المتعددة على مستوى المحافظة
3- اعتماد عدد مقاعد البرلمان وتوزيعها على 320 دائرة انتخابية
4- أن تكون المحافظة دائرة واحدة، ويتم العمل بنظام «سانت ليغو 1.7» (الذي أُجريت الانتخابات الأخيرة في أيار/ مايو 2018 وفقه)
5- اللجوء إلى خيار 60% قوائم منفردة، و40% قوائم حزبية
6- اعتماد النظام السويدي الانتخابي، القائم على أساس النسب المئوية
أما المادة 16، فيلفت دبرداني إلى أنها «غير خلافية»، لأنها تتحدث عن «الكوتا النسائية»، ولا يحق للبرلمان التصويت عليها «ما لم يتمّ تحديد ملامح النظام الانتخابي المحدّد في المادة 15 من المشروع الجديد»، مشيراً إلى أن «القوى السياسية الصغيرة، ومنها الأقليات، تتخوّف من إقصاء حقوقها في المناطق المتنازعة، إذا تم اللجوء إلى خيارات الدوائر المتعددة الصغيرة، وهذا ما قد يفقد المكوّنات الصغيرة مقاعدها في مناطق كبيرة تتمتع فيها بجمهور بسيط».
بدورها، تجزم مصادر سياسية مطلعة، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «الكتل اتفقت على إمرار القانون يوم الاثنين المقبل، وفق نظام الدوائر المتعدّدة على مستوى القضاء، وحق ترشيح فردي بنسبة 100%». وتبيّن المصادر أن اعتماد القضاء كدوائر انتخابية قد يجعل عملية الاقتراع «صعبة»، وخاصة أن عدد الأقضية المعتمدة في العراق 163 قضاءً، 122 منها فقط مسجّلة لدى وزارة التخطيط، وهذا يعني وجود 41 قضاءً غير مسجل، فضلاً عن أن بعض الأقضية لا تتجاوز عتبة سكانها الـ 100 ألف نسمة، ما يدفع باتجاه دمجها ببعض الأقضية المجاورة لرفع العتبة المنصوص عليها دستورياً.



مواد أُسقطت من القانون
يثير قانون الانتخابات الجديد، المكوّن من 50 مادة، والذي شرع البرلمان في مناقشة موادّه قبل شهر تقريباً، خلافات بين الكتل السياسية. ووفقاً لمصادر برلمانية تحدثت إلى «الأخبار»، فإن «القوى الكردية أرادت نظاماً يعتمد على المحافظة دائرة انتخابية واحدة، واعتماد نظام سانت ليغو»، في وقت نادت فيه «القوى السنية» بخيار «أعلى الأصوات، لكن بدائرة انتخابية واحدة لكلّ محافظة». وتضيف المصادر إن «القوى السُنّية اعترضت على مقترح إلغاء انتخابات الخارج، لأن عدد المقترعين خارج العراق ليس بالقليل، فضلاً عن اشتراطها إتمام عودة النازحين واعتماد البطاقة البيومترية التي تضمّ بصمة الناخب وصورته، وليس الإلكترونية التي لا تتضمّن أيّاً منهما خوفاً من التزوير». وفي خضمّ الجدل القائم، أُسقطت من قانون الانتخابات المادة 9، التي استثنت الوزراء والرؤساء من الترشيح، وحصرت المنع بالقوى الأمنية وأعضاء المفوضية وأجهزة السلك القضائي، كون الدستور يمنح حق الترشيح لأيّ عراقي يتمتع بالأهلية. أما شرط الجنسية المزدوجة، فقد أُسقط هو الآخر لمعارضته من قِبَل بعض القوى، التي رفضت مقترح إسقاط الجنسية عن العضو الفائز بمقعد في البرلمان بعد تأديته اليمين الدستورية.
(الأخبار)