ثمة من يقول إن «الجبهة المعارضة» لرئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، ستتشكل في خلال الأسابيع القليلة المقبلة، في مشروع يتطلّع عرّابوه في نهايته إلى إطاحة عبد المهدي، وتسمية رئيس جديد للوزراء. سيناريو بدأ التداول به في ظلّ حراك جدي يقوده زعيم «تحالف النصر»، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، هدفه العودة إلى واجهة المشهد السياسي. الدافع الرئيس لهذا الحراك مردّه «آلية تأليف الحكومة الحالية» كما يقول مقرّبون من العبادي. فهي شُكّلت باتفاق «ثنائي» بين تحالفَي «سائرون» (المدعوم من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر)، و«الفتح» (بزعامة الأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري). وعلى رغم أن الجانبين مثّلا تحالفَي «الإصلاح» و«البناء»، إلا أن القوى السياسية الأخرى المنضوية في التحالفين لم تستسغ ما نتج نن «الاتفاق». في هذا الإطار، تقول مصادر مقرّبة من زعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، «إننا ندعم الحكومة، لكننا نعتقد أنها تُدار من قِبل سائرون والفتح والحزب الديموقراطي الكردستاني»، وعليه، «لا بدّ من تقويم عملها، فلا نُحسب جزءاً منها، ولا نتحمّل أخطاءها». وتشير مصادر العبادي والحكيم إلى أن الطرفين لم يظفرا بأي منصب وزاري أو درجة خاصة أو هيئة مستقلة، بعدما «تقاسم الفتح وسائرون الكعكة الحكومية من دون الرجوع إلى حلفائهما» وفق ما تقول المصادر نفسها.في المقابل، تستغرب مصادر «الفتح» الحديث عن هذا الحراك، معتبرة أنه «لا يمكن أن تُشكّل المعارضة، ولا يمكن أن تنال مبتغاها بعودة العبادي رئيساً للوزراء»، علماً بأن الأخير يروّج أمام زواره أن الصدر داعم لحراكه، وأنه سينضم إليه لحظة انفراط «عقد دعم» حكومة عبد المهدي. وينقل بعض زوّار العبادي عنه قوله إن «الصدر مقتنع بي كخيار جدي لرئاسة الوزراء، إذا قدّم عبد المهدي استقالته أو أسقطت حكومته». وفي تعليقها على ذلك، ترى مصادر «الفتح» أن العبادي «غارقٌ في أحلامه... هي أقرب إلى التمنيات»، مشيرة إلى أن الصدر لن يضحي بالعامري ــــ حالياً ـــ، ولن يدخل في اتفاق مع العبادي قد يكون زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي شريكاً فيه، فضلاً عن أن الجانب الإيراني لن يزكّي مساراً من شأنه الدفع لإسقاط حكومة عبد المهدي.
يرفض برهم صالح تولّي نوري المالكي منصب نائب رئيس الجمهورية


لكن مصادر «الإصلاح» تصرّ على أن «خيار انتقال العبادي ــــ الحكيم إلى المعارضة بات محسوماً بنسبة كبيرة»، لافتة إلى أن المعارضة قوامها تحالف بين العبادي والحكيم والمالكي، وزعيم «حزب الحل» جمال الكربولي (الذي انسحب أخيراً من «البناء»)، إضافة إلى زعيم حزب «حراك الجيل الجديد» شاسوار عبد الواحد، مع ترجيح انضمام «الاتحاد الوطني الكردستاني» إلى هذا «الركب» لاحقاً. وتنفي المصادر أن يكون التشكيل المنتظر تجلياً لـ«تموضع جديد لهولاء»، بقدر ما يعكس «عدم استقرار داخل التحالف الواحد... فلا المالكي والكربولي مرتاحان في البناء، ولا الآخرون مرتاحون في الإصلاح». وفي هذا السياق، تداولت، أمس، بعض المواقع العراقية، أنباء عن «قرب تأسيس تحالف سياسي جديد يضم عدداً من مكوّنات الإصلاح والبناء»، قائلة إن «العبادي والمالكي والحكيم يعملون على تأسيس تحالف سياسي جديد... وقد وصلت المفاوضات بشأنه إلى مرحلة متقدمة». وإلى أبعد من ذلك، تذهب بعض المصادر في تحديد أوائل شهر أيار/ مايو المقبل موعداً لإشهار التحالف.
تحالف سيتصدّره، في حال إبصاره النور، العبادي، الذي يسعى للعودة إلى رئاسة الوزراء مجدداً. وهو، في زيارته الأخيرة إلى النجف، طرح على مرجعياتها الدينية (رفض آية الله علي السيستاني استقباله) مشروعه، في محاولة لأخذ «مباركتها»، في وقت يعمل فيه مع الحكيم وآخرين على استثمار «أخطاء» خصومه لصالح الكيان المرتقب. وفي هذا الإطار، تقول مصادر الرجل «إننا نعدّ ملفات حول إخفاق الحكومة، وهذا حقنا... وبناءً على تجربتنا السابقة في الحكم، فإننا نحظى بدعم محلي ودولي». أما الحكيم، فيدعم هذا الحراك، وفق مصادره، على قاعدة «دعم الخطوات الحكومية الإيجابية، والانفتاح السياسي والاقتصادي على جميع الدول». وبالنسبة إلى المالكي، فثمة مساعٍ لجذبه إلى التحالف الجديد بالاستفادة من رفض رئيس الجمهورية، برهم صالح، تولّيه منصب نائبه الأول، إلا أن الرجل لا يزال يرفض أي مشروع من شأنه إعادة تصدير العبادي.
وفي ما يتعلق بالدعم الدولي، فإن واشنطن «لم تعد مرتاحة لحكومة عبد المهدي، التي في مواقفها الأخيرة تثبت انتماءها إلى المحور الإيراني»، كما يقول مقرّبون من العبادي، معتبرين أن «هذا لا يخدم توجهات العراق، ولا رؤيته للمرحلة المقبلة»، و«(أننا) أمام مفترق طرقٍ يدعو إلى ضرورة الالتزام بالموقف الدولي». لكن مصادر الحكيم تخالف هذا الحديث بوصفه بـ«أنه لا يعبّر عن قناعاتنا، لأن المعارضة لا تعني إسقاط الحكومة».