تتواصل عملية انتقال مسلحي تنظيم «داعش» من الشرق السوري إلى الغرب العراقي. تفاصيل انتقال هؤلاء تتباين ما بين الرواية الحكومية، والأخرى الميدانية، لكن الجامع بينهما أن ثمة ما يشير إلى دور لواشنطن في حفظ عدد من عناصر أكثر التنظيمات تطرّفاً، بما يتيح إمكانية تشغيلهم مجدّداً. مصدر حكومي رفيع يقول، في حديث إلى «الأخبار»، إن واشنطن «أعربت عن قلقها من فرار المقاتلين من حَمَلة الجنسية العراقية، والمعتقلين لدى قوات سوريا الديموقراطية (قسد)»، طالبةً في وثيقة سرية من بغداد «الإسراع في استلامهم».
«قيادة العمليات المشتركة»: «عودة النازحين تتمّ بإشرافنا» (أ ف ب )

ويضيف أن «الإجراءات مستمرة لاستلام هؤلاء» على دفعات. إجراءاتٌ «روتينية وشكلية» بتعبير المصدر؛ لأن «قسد تريد التخلص منهم بإطلاق سراحهم أو تسليمهم، أما الأميركيون فيرون أنهم خطر على العراق، وطلبوا منا استلامهم». ويوضح أن عددهم يناهز 500 مقاتل، مؤكداً أن مصيرهم «سيكون السجن».
المصدر، الذي حافظ على اللهجة الدبلوماسية في تصريحاته، لم يمانع طرح تساؤل حول إمكانية أن يشكل المُرحَّلون من سوريا «نواةً تؤسّس في السجن لمشروع داعش 2»، على غرار النواة السابقة التي تأسّست في «سجن بوكا» بزعامة أبو بكر البغدادي، إبّان الاحتلال الأميركي للعراق. وما يغذّي هذا الاحتمال، بحسبه، «مماطلة» الدولة في تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، لحسابات محلية وإقليمية ودولية، أو إطلاق سراحهم لاحقاً لأسباب مجهولة. كذلك، يبدو لافتاً أن الأميركيين أعلموا بغداد بهذا العدد فقط من المسلحين، ما يقود مباشرة إلى التشكيك في طبيعة الأرقام المطروحة، من دون إغفال احتمال أن يكون الأميركيون أنفسهم «قد أخفوا جزءاً من عناصر التنظيم» وفق ما يقول المصدر نفسه، لافتاً في هذا الإطار إلى «رفض الدول الغربية استقبال المقاتلين من حملة جنسياتها».
مخاوف من أن يشكل المُرحَّلون «نواةً لمشروع داعش 2»


في المقابل، تبدي مصادر فصائل المقاومة أسفها لـ«الصمت الحكومي»، «إن لم نقل غياب الحكومة وعجزها عن مواجهة واشنطن أو سؤالها عما يجري». ويعتبر أحد تلك المصادر أن السلطات أرادت مجدداً «تعويض عجزها الدبلوماسي ببيان لقيادة العمليات المشتركة، أشار إلى استنفار الموارد العسكرية كافة في المنطقة الحدودية، من خلال الرصد والمراقبة لمواجهة كل التداعيات المحتملة، لمنع التسلل الانفرادي، وصدّ أي تعرض للقوات المرابطة». وأضاف البيان الصادر أمس أن «عودة النازحين (وليس المسلحين) من الأراضي السورية تتم بإشراف القيادة العسكرية، وبالتنسيق مع وزارة الهجرة والمهجرين، ومفوضية حقوق الإنسان، والجهات الأمنية والحكومية الأخرى».
في خضم ذلك، بدا مثيراً للانتباه الحديث عن وصول 6 ناقلات، فجر أمس، من المنطقة الحدودية إلى قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، بحسب المصادر الميدانية. وأوضحت المصادر أن الناقلات كانت مُحمَّلةً بمسلحي «داعش»، مضيفة أن «القوات الأميركية رافقتها من الأراضي السورية حتى دخولها الأراضي العراقية». واستغربت كون واشنطن وحدها مَن تلعب دور الوسيط في عمليات الاستلام والتسليم بين «قسد» وبغداد، وفي الوقت نفسه ترفض مصارحة الحكومة العراقية بكامل بيانات المسلحين، متابعة أن فصائل المقاومة باتت تمتلك قرائن على الدور الأميركي في «ترتيب» خروج «الدواعش»، وعليه «بات لدينا حق الردّ على تلك الانتهاكات، حفاظاً على سيادتنا»، موضحة أن ثمة إمكانية لـ«استهداف تلك القوافل المحمّلة بمسلحي داعش، أو نقاط إيداعهم».