لم يكن انتخاب رئيس المجلس النيابي محمد الحلبوسي، بالأمر المستساغ من قِبل «تحالف الإصلاح والإعمار» (مقتدى الصدر ــ حيدر العبادي ــ عمّار الحكيم ــ إياد علّاوي)، إذ كان لافتاً في مقدمة بيان اجتماع تلك القوى في وقت متأخّر أوّل من أمس، رفض «المسار الذي شاب عملية انتخاب رئيس مجلس النواب»، والدعوة إلى «تصحيحه وفق السياقات القانونية». اجتماعٌ كان «هزيلاً» من حيث المضمون، و«إعلامياً» من حيث الشكل، خصوصاً أن العبادي بات قريباً من العودة إلى بيت «حزب الدعوة الإسلامية»، ما ينذر بخسارة تلك القوى كتلة أساسية (النصر)، يمثّل انتقالها إلى المعسكر المقابل (البناء) ضربة تعيد خلط الأوراق مجدّداً، مع الحديث عن رفض جناحي «الدعوة» (نوري المالكي والعبادي) خيار عادل عبد المهدي رئيساً مقبلاً للوزراء.وفي خطوة أثارت جملة من الأسئلة، وتهدف إلى تخفيف حدّة «التوتّر»، وفق مقرّبين من الحلبوسي، حلّ الأخير أمس ضيفاً على زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، قبيل انعقاد الجلسة البرلمانية الثانية اليوم في العاصمة بغداد. الصدر استقبل الحلبوسي، ونائبيه، حسن كريم الكعبي وبشير خليل الحداد، في مقرّ إقامته في الحنّانة (النجف)، حيث بُحثَت «العملية السياسية، وأهمية الإسراع في تشكيل الحكومة للقيام بمهماتها الأساسية في توفير الأمن والخدمات، والسعي الحثيث والجاد لتحقيق تطلعات الشعب»، وفق بيان صادر عن مكتب الصدر. وشدّد البيان على ضرورة «تعزيز الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب العراقي، والإسراع بإقرار القوانين التي تسهم في رفع معاناة المواطنين العراقيين». بدوره، دافع الحلبوسي عن قانونية انتخابه بوجه الانتقادات لجلسة الانتخاب الماضية، واعتبر أثناء جولته في محافظة النجف أن «ما يحدث في العراق لا يعفي الحكومة والبرلمان من تقديم الخدمات إلى المواطنين»، مبيّناً أن «تأخير الصلاحيات أرهق المحافظات وكبلتها مشاكل كثيرة، ويجب أن تأخذ المحافظات دورها». وكان الحلبوسي قد أوضح أن«عدد المرشحين إلى منصب رئيس الجمهورية وصل إلى 30»، مضيفاً: «سيُدقَّق في ملفاتهم على أن يُنتخَب أحدهم في موعد لن يتجاوز الثاني من الشهر المقبل وفق الدستور».
استهدف «التحالف الدولي» مقارّ «الحشد» عند الحدود العراقية ــ السورية


ويرأس الحلبوسي، اليوم، اجتماعاً من المفترض أن يناقش استهداف «التحالف الدولي» لمقار «الحشد الشعبي» في قضاء القائم غربي محافظة الأنبار، وذلك بعد استهداف القوات الدانماركية المنضوية ضمن «التحالف الدولي» أحد مقار «الحشد» بثمانية قذائف مدفعية، وفق ما أعلن قائد «عمليات الحشد الشعبي لمحور غرب الأنبار» قاسم مصلح. ورأى بعض النوّاب المنضوين في كتلة «الفتح» أن «تكرار استهداف قطعات الحشد الشعبي الماسكة للحدود مع سوريا جزء من مؤامرة أميركية لجعل حدودنا ممراً لتدفق عناصر تنظيم داعش إلى البلاد». وأضافوا في عددٍ من التصريحات الصحافية أن «نوّاب كتلة الفتح، سيطالبون مجلس النواب خلال جلسة اليوم باتخاذ قرارٍ بشأن التحالف الدولي، لتكرار تجاوزاته على قوات الحشد الماسكة للحدود الغربية بحجّة الخطأ».
وعلى خطّ انتخاب رئيس الجمهورية، يستمرّ الخلاف في الساحة الكردية بين أربيل والسليمانية على نيل المنصب. وقال القيادي في ««الحزب الديموقراطي الكردستاني»» خسرو كوران، إن «حزبه لن يسحب مرشحه فؤاد حسين لمنصب رئاسة الجمهورية»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الوطني كان بوسعه تسمية مرشح آخر للمنصب بدلاً من برهم صالح، لأنّ الطرح لم يخضع للمشاورات الثنائية، الأمر الذي دفع الديموقراطي إلى أن يطرح حسين مرشحاً رسمياً عنه لشغل منصب رئاسة الجمهورية».
وأمام «الصدام» الكردي حول اختيار رئيس الجمهورية، برز الحديث عن توجّه قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إلى إقليم كردستان العراق بهدف تقريب وجهات النظر الكردية، وإرساء الخيار على شخصية توافقية، فيما يرى البعض أن حظوظ برهم صالح لا تزال مرتفعة، وأن خيار أربيل بطرح فؤاد حسين هو لحصد مكاسب من السليمانية. لكن، ما تجدر الإشارة إليه، أن سليماني إن نجح في خطوته هذه، فسيكون قد حقّق الهدف الثاني على صعيد الرئاسات الثلاث، مسجّلاً تفوقاً على واشنطن ــ الرياض، وتأكيداً لحضور طهران القوي، ليس على صعيد «البيت الشيعي» فحسب، بل البيوتات الأخرى أيضاً.