بغداد | تنشغل القوى السياسية العراقية ــ ومن ورائها داعموها الإقليميون ــ في إعادة ترتيب بيوتاتها الداخلية، بهدف تذليل العقبات أمام تشكيل الكتلة النيابية الأكبر، والتي ستسمّي بدورها رئيس الوزراء المقبل. هذه المرة كانت القِبلة بغداد، حيث شهدت عاصمة الرشيد في اليومين الماضيين حراكاً سياسياً خلط الأوراق مجدداً. مساران متوازيان، الأول داخل «البيت الشيعي» والثاني داخل «البيت السني»، وما بينهما حديث عن عودة التحالفات الكلاسيكية، تماماً كما حدث بعد الانتخابات التشريعية عامي 2010 و2014.
الاجتماع الثلاثي لم يرقَ إلى إعلان تحالف (أرشيف)

ليل الأحد، حلّ رئيس الوزراء حيدر العبادي (ائتلاف النصر)، ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي (دولة القانون)، والأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري، ضيوفاً على القيادي البارز في «حزب الدعوة الإسلامي»، عبد الحليم الزهيري، وسط معطيات تشي بأن الرعاة الإقليميين للعملية السياسية كان لهم دورهم في تقريب وجهات النظر، وحثّ المجتمعين على ضرورة اللقاء. ما خرج من تسريبات كان شحيحاً؛ إذ اقتصر على أن الاجتماع «تمخّض عن تقارب في الآراء للاتفاق على تشكيل الكتلة الأكبر، وحسم نوعية التحالفات التي ستشكل الحكومة المقبلة». إلا أن بعض الوسائل الإعلامية العراقية ذهبت إلى القول إن «العامري والعبادي أبلغا المالكي أن المؤتمرين الصحافيين اللذين عقده كل منهما مع الصدر في الحنانة لم يكن برضاهما»، مضيفة أن «الاجتماع أفضى إلى اتفاق يقضي بدخول العبادي بقائمته أو بشخصيته ضمن تحالف مع المالكي والعامري، إضافة إلى كتلة الفضيلة». وتابعت أن «المالكي لم يضع فيتو على انضمام الصدر والحكيم للتحالف الثلاثي»، لكنه يشترط عدم دخول الصدر بصفته «متزعِّماً»، والقبول بشروط «دولة القانون» للتحالف معه.
معلومات «الأخبار» تفيد بأن الهدف الرئيس من ذلك الاجتماع وضع خريطة طريق للقاءات المقبلة التي سيعقدها موفدو الكتل الثلاث بدءاً من الأسبوع الجاري، بهدف تثبيت التفاهمات السابقة، والسعي إلى ضم كتلتي «سائرون» (مقتدى الصدر) و«الحكمة» (عمار الحكيم) إلى الائتلاف الثلاثي. بمعنى آخر، سيجري العمل على إعادة تشكيل «التحالف الوطني» (تحالف الكتل النيابية الشيعية)، إنما هذه المرة من بوابة بغداد لا من بوابة الحنانة (مقر إقامة الصدر)، خصوصاً أن الأخير أعطى انطباعاً بأنه يريد تثبيت نفسه «الرجل الأقوى»، وتظهير قدرته على إدارة عملية تشكيل «الكتلة الأكبر». ولعلّ التصريح المقتضب الذي أدلى به المتحدث باسم «دولة القانون»، عباس الموسوي، قائلاً فيه إن «القلوب مفتوحة لمن يرغب بالالتحاق»، يؤكد أن مساعي لم شمل «البيت الشيعي» ستتكثف في الأيام المقبلة.
على رغم ذلك، تؤكد مصادر «الأخبار» أن الاجتماع الثلاثي لم يرقَ إلى إعلان تحالف، مشددة على ضرورة حصر ما جرى في «إطار التشاور والتداول... ورسم خريطة طريق»، على أمل أن يكون اللقاء كسراً لـ«الجمود» الذي أصاب العملية السياسية في ظل الفراغ التشريعي الذي دخلته الدولة، أواخر الشهر الماضي. أمل لا يبدو إلى أي مدى يمكن تحققه في ظل الإشارات السلبية الصادر عن الصدر، الذي سارع إلى مهاجمة اجتماع العبادي ــ المالكي ــ العامري بطريقة «ناعمة»، داعياً «الكتل السياسية إلى قطع الحوار في شأن تشكيل التحالفات وما بعدها مع أميركا ودول الجوار»، ناصحاً إياها بـ«الابتعاد عن التخندقات والتحالفات الطائفية والعرقية.... على أن أتعاون لخلق تحالف عابر للمحاصصة الحزبية والطائفية والقومية».
أما سنياً، فإن الفريق الذي يجمع خميس الخنجر، وأسامة النجيفي، وسليم الجبوري، أعلن عن تشكيل تحالف من 51 نائباً لـ«التفاوض مع البيت السياسي الشيعي، والبيت السياسي الكردي» في تشكيل الحكومة المقبلة، على أن يكون شعاره «دعم ملف إعادة إعمار المناطق المحررة، وإطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المختفين قسرياً».