بغداد | بدأت «النواة الأولى» لـ«الكتلة الأكبر» بالتشكّل شيئاً فشيئاً، مع ظهور كتلتين ــ حتى الآن، الأولى تضم مقتدى الصدر وعمار الحكيم، وسط ترجيحات بأن يلاقيهما حيدر العبادي، أما الثانية فتضم نوري المالكي وهادي العامري، وآخرين. ما تؤكّده مصادر المالكي أن حسابات الرجل تنعقد على أكثر من 180 نائباً بما يمنحه القدرة على تسمية رئيس الوزراء المقبل، أما مصادر «سائرون» فترجّح أن تكون كتلة الصدر هي المسمّية للرئيس، على أن يكون «قرارنا ضمن الحدود... ومن دون أي تدخل خارجي».بالتوازي مع اللقاء المفاجئ الذي جمع زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، بزعيم «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، في مدينة النجف مساء أمس، يواصل زعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، حراكه لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر، والتي ستسمّي بدورها رئيس الوزراء المقبل. التكتل الذي يسعى المالكي إلى تشكيله، وفق مصادره، قوامه «دولة القانون»، و«تحالف الفتح» (بزعامة هادي العامري)، و«ائتلاف الوطنية» (بزعامة إياد علاوي)، وعدد من القوائم عن «المكون السني» أبرزها «الأنبار هويتنا» و«ائتلاف قلعة الجماهير الوطنية»، إلى جانب نواب آخرين عن المكون الكردي («الاتحاد الوطني الكردستاني»، «حركة التغيير»، «الجماعة الإسلامية الكردستانية»، و«التحالف من أجل الديموقراطية والعدالة»)، فضلاً عن «التحاق» حوالى 20 نائباً من «تحالف النصر» (بزعامة حيدر العبادي) بهذا «الركب»، على أن يربو عديده على 180 نائباً. وتضيف المصادر أن «الأيام القليلة المقبلة، ستشهد الإعلان عن هذا التكتل والذي يتبنى مشروع الغالبية السياسية»، مشيرةً في حديثها إلى «الأخبار» إلى أن «الاتصالات مع مختلف الكتل لا تزال جارية، إفساحاً في المجال أمام الكتل الأخرى للانضمام لنا، إذا أرادت ذلك».
بدوره، كشف مدير المكتب الإعلامي للمالكي، هشام الركابي، أمس، عن أن «دولة القانون شكّل لجنة تفاوض تضم كلاً من حسن السنيد، وقصي السهيل، وسامي العسكري، بهدف إجراء مفاوضات ومحادثات مع الكتل والقوى السياسية حول نتائج الانتخابات، وسير التحالفات والإمكانات، والفرص المتاحة والممكنة»، إلا أن اللافت في تصريحه كان الإشارة إلى الاتصال الأول منذ سنوات بين المالكي ورئيس «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، مسعود البرزاني، والذي ناقش فيه الطرفان نتائج الانتخابات وسير التحالفات، في «أجواء من المسؤولية للخروج بنتائج إيجابية لمصلحة تعزيز الاستقرار السياسي، وبلورة خطط عمل مشتركة لتطبيق نتائج الانتخابات على أرض الواقع». وفي هذا السياق، ترى مصادر متابعة أن تحالف «خصوم الأمس - أصدقاء اليوم» قد ينشأ بين المالكي وبرزاني، خصوصاً أن الأخير «واقع في حيرة من أمره، ويرى المالكي أقرب إليه من العبادي»، لافتة في حديث إلى «الأخبار» إلى أن الاتصال بين الرجلين جاء ثمرة جهود بذلها مندوبا الجانبين لتقريب وجهات النظر.
لم تأتِ مخرجات لقاء الحكيم والصدر على قدر ما روّجت له وسائل إعلام الأول


أما في النجف، فقد بدا لقاء الصدر ــ الحكيم وكأنه يشكّل النواة الأولى لتحالفات رئيس «التيار الصدري» تحت قبة البرلمان؛ إذ أعلن زعيم «تيار الحكمة» أن «الحكمة وسائرون سينطلقان للتباحث مع القوى الأخرى لتشكيل الحكومة»، مضيفاً أن «توجهنا وطني وعابر للمكونات، وسنتجاوز المذهبية لبناء حكومة قوية». وتابع، خلال مؤتمر صحافي مشترك، أن «الشعب العراقي يرغب بوجوه جديدة، وكتلتانا مهمتان في المرحلة المقبلة»، شاكراً «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لما قدمته»، متمنياً أن «تنظر بالطعون والشكاوى المقدمة من قبل بعض الكتل السياسية». بدوره، شكر الصدر «مقاطعي الانتخابات، لأنهم لم يعطوا أصواتهم للفاسدين»، قائلاً: «إننا مقبلون على صفحة جديدة لبناء عراق موحد، وتشكيل حكومة عابرة للمحاصصة».
مخرجات لقاء الحكيم والصدر لم تأتِ على قدر ما روجت له وسائل إعلام «الحكمة» طوال الساعات التي سبقت المؤتمر الصحافي، حيث وصفته بـ«اللقاء التاريخي»، بيد أن عبارات الجانبين اقتصرت على العموميات، من دون الدخول في أي تفاصيل، وسط رفضهما إجابة الصحافيين على أسئلتهم، على رغم الدعوة المسبقة لتغطية المؤتمر «الحدث»، الأمر الذي طرح تساؤلات عدة. ومع تصاعد أسهم تحالف متوقع بين الصدر والحكيم، يبدو أن حيدر العبادي يتجه إلى ملاقاة الرجلين، لا سيما أن توحيد جناحَي «حزب الدعوة» يزداد تعقيداً مع تشبث المالكي بإزاحة العبادي، وطموح الثاني إلى البقاء لولاية ثانية. وفي هذا السياق، جاء موقف «النصر»، أمس، على لسان المتحدث باسمه حسين العادلي، الذي اعتبر أن «تشكيل الحكومة يتطلب مشاورات بين الجانبين (النصر، وسائرون) لتوحيد الرؤى»، مؤكداً أن ائتلافه متمسك بحصول العبادي على ولاية ثانية. وأضاف أن «تحالف سائرون هو الأقرب إلينا في تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة». ويرى مراقبون أن ما يجمع القيادات الثلاث هو الخطاب المتمحور حول ضرورة «حصر القرار السياسي ضمن حدود البلاد»، والذي بلغ به الصدر أمس مستوى عالياً جديداً بقوله، في تغريدة على «تويتر»، إن «قرارنا عراقي من داخل الحدود، والجميع شركاء لا أمراء ما داموا غير محتلين لبلدنا»، مضيفاً: «كلا للاحتلال، وكلا للهيمنة»، في إشارة إلى واشنطن وطهران.
في غضون ذلك، وعلى رغم إعلان «المفوضية» المسبق أن النتائج النهائية ستبصر النور يوم الخميس (أمس)، إلا أن عضو «المفوضية»، معتمد الموسوي، عاد وقال إن هذه النتائج «ربما ستعلن الجمعة»، مشيراً إلى أن «المفوضية أنجزت الكثير من صناديق الاقتراع، ولم يتبقّ منها إلا القليل، ونعمل على إكمال عد وفرز الأصوات منها، كي نعلن يوم الجمعة أسماء المرشحين الفائزين في الانتخابات البرلمانية»، مستدركاً أنه «من غير المؤكد أن يتم الإعلان عن النتائج، لكن في الوقت نفسه، نأمل بأن ننجز مرحلة عد وفرز الأصوات».