بغداد | تختلف الدورة الانتخابية الرابعة عن سابقاتها مقارنةً بنسبة المشاركة، وعدد المرشحين، إضافةً إلى الاتهامات بالتزوير والضغط على الناخبين، إلى جانب تصاعد حدّة خطابات الكتل السياسية ودعوتها إلى إلغاء النتائج، أو إعادة فرز الأصوات بالطريقة اليدوية، بعد وقوع مشاكل كثيرة في الأجهزة الإلكترونية.وفي حديثه إلى «الأخبار»، أكّد أحد موظفي «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» حصول انتهاكاتٍ ومشاكل في عملية الاقتراع، «عدا عن محاولات التزوير من قبل مراقبي الكيانات»، مشيراً إلى أن «بعض الناخبين لم تظهر بصماتهم في أجهزة قراءة البصمة، إلى جانب تلف بطاقاتهم الانتخابية التي صدرت في عام 2013». وأضاف «في إحدى محطات الاقتراع ــ في بغداد ــ تم تشغيل أجهزة قراءة البصمة عند الساعة 11 صباحاً، على عكس ما أعلنته المفوضية أن الأجهزة قد تم تشغيلها عند الساعة السابعة صباحاً». وتابع أن «مراقبي الكيانات السياسية، خاصةً من تحالف سائرون، وحركة إرادة (برئاسة النائبة حنان الفتلاوي)، عمدوا إلى افتعال المشاكل في محاولة لإحداث شغب في بعض محطات الاقتراع»، بهدف «الحصول على فرصة تزويرٍ أو إلغاء أصوات محطة الاقتراع الخالية من أصواتهم»، موضحاً أن «الناخبين أصيبوا بالتذمر، لعدم معرفة بعض موظفي بآليات الاقتراع، وعدم معرفة آلية التصويت من قبل الناخبين».
بدورها، أكّدت منظمة «تموز»، المعنية بمراقبة الانتخابات، أن نسبة المشاركة في عمليات الاقتراع كانت 40%، مشدّدةً على «رصد ألف حالة بين خرق وملاحظة ومشاكل فنية في عمل الأجهزة الالكترونية». وقالت رئيسة المنظمة فيان الشيخ علي إن «المنظّمة سجّلت مئات حالات التلكّؤ لعمل جهاز قارئ المعلومات، والتي أدت إلى تأخّر التصويت لمدة ساعة ونصف في أحد المراكز، واستبداله بجهازٍ ثاني».
هذه المشاكل وغيرها حرمت الكثيرين من الإدلاء بأصواتهم (يسري الحديث عن حرمان أكثر من 600 ألف مواطن). الشابّة صبا وردي (قضاء المدائن)، لم تظهر بصمتها في جهاز قارئ البصمات، بالرغم من أن اسمها موجود في سجل الناخبين، الأمر الذي حال دون أن تدلي بصوتها في الانتخابات. أما المراقب الانتخابي حسين كاظم، فيلفت في حديثه إلى «الأخبار» إلى أن «مراقبي الكيانات استغلّوا الناخبين الأميّين، وقاموا بتعليمهم على تسلسلات وأرقام الكتل التي يروّجون لها داخل مراكز الاقتراع، عن طريق الكتابة على يد الناخب اسم الكتلة، وتسلسل المرشح»، حيث طلبوا من مدير إحدى محطات الاقتراع (النهراون، قضاء الرصافة) «التصويت وفق ما هو مكتوب على يد الناخب بحجّة أنّه أمّي».
شارك مراقبو الكيانات السياسية في مراكز الاقتراع في عملية التزوير


وقابلت امتعاض آلاف المحرومين من الانتخاب دعوات إلى إلغاء النتائج وإجراء الانتخابات مجدّداً بحجّة «التزوير والتضليل». وأكّد زعيم «ائتلاف الوطنية»، رئيس الوزراء الأسبق إياد علّاوي، ضرورة «إبقاء الحكومة الحالية لتصريف الأعمال، إلى حين توفير الظروف الملائمة لإجراء انتخابات تعبّر عن تطلعات شعبنا»، عازياً ذلك إلى «ضبابية الإجراءات التي اتخذتها مفوضية الانتخابات في التصويت الإلكتروني، بعد أن اعتاد المواطن إجراءات مختلفة في الدورات الانتخابية السابقة».
النائبة عن «ائتلاف دولة القانون» في محافظة البصرة عواطف نعمة، بيّنت في حديثها إلى «الأخبار» أن «نسبة التصويت في قضاء زيير كانت 15%، في حين أعلنت المفوضية أن النسبة بلغت 48%، وهذا أحد الخروقات القانونية»، مضيفةً أنه «في أحد مراكز الاقتراع تم طرد ناخبين بحجة عدم وجود مرشحين لدولة القانون، وإجبار الناخبين على التصويت لمرشحين معينين». ووفق نعمة، فإن بعض محطات الاقتراع أُغلقت قبل انتهاء فترة التصويت المحددة قانوناً (عند الساعة 6 مساءً)، لافتةً إلى أن «نوّاب دولة القانون سيرفعون دعوى قضائية ضد المفوضية التي وقفت كالمتفرج أمام الخروقات ودافعت عن الانتهاكات والخروقات»، لتحمّل مسؤولية تعكير أجواء الانتخابات إلى «جهات خارجية تابعة لأميركا، والتي أعلنت فوز ائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، وسائرون المدعومة من مقتدى الصدر قبل يوم الانتخاب».
بدوره، دعا رئيس «الجبهة التركمانية العراقية» أرشد الصالحي إلى التظاهر السلمي لإجراء عملية العد والفرز اليدوي في محافظة كركوك. وقال الصالحي إنّ «على الجماهير التركمانية مواصلة التظاهر السلمي إلى حين تلبية المطالب بإجراء عملية العد والفرز اليدويين، بعد أن شابت العملية الانتخابية في كركوك شكوكاً، مع التلاعب الإلكتروني في أصوات الناخبين، خاصّةً في المناطق ذات الكثافة السكانية التركمانية والعربية». وأضاف «اتصلنا بالرئاسات الثلاث عقب ورود أنباء عن محاولات التزوير الإلكتروني»، محذّراً «من خطورة الأوضاع في كركوك، وإمكانية خروج الأوضاع عن السيطرة».
أما في «إقليم كردستان»، فقد أعربت قيادات كردية في السليمانية عن إدانتها لعمليات التزوير، والتي «تشير إلى ضلوع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في هذه الخروقات الانتخابية». وحدّدت مصادر كردية في حديثها إلى «الأخبار» أن «عمليات التزوير الإلكترونية طالت المراكز الانتخابية في ناحية ليلان، والتون كوبرو، وقضاء داقوق»، مشدّدةً على أنه «لا يمكن السكوت عنها».
أما الأحزاب المعارضة («حركة التغییر»، و«التحالف من أجل الدیموقراطية والعدالة»، و«الجماعة الإسلامية»، و«الاتحاد الإسلامي الكردستاني») فقد أعربت أيضاً عن رفضها مجمل العملية الانتخابية ونتائجها، مطالبةً بإعادة الانتخابات في مدن «كردستان» وكركوك والمناطق المتنازع عليها.