ذكرت وثائق دبلوماسية أميركية، نشرها موقع «ويكيليكس» خلال اليومين الماضيين، أن الولايات المتحدة عملت على عرقلة محاولات سورية للحصول على مكوّنات أسلحة كيميائية من شركتين هنديتين، فيما حذّر مؤسس الموقع جوليان أسانج، الذي أُفرج عنه بكفالة في لندن أول من أمس، من أن حريته المشروطة ستجعل عمله يتواصل «بسرعة أكبر» لنشر المزيد من الوثائق السرية.
ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، عن الوثائق أن الشركتين الهنديتين اللتين حجبت هويتيهما «يُعتقد أنهما تلقّتا زيارات من المؤسسة السورية في الأشهر الثلاثة الماضية، وربما كانتا قريبتين من عقد صفقات معها».
وقالت الوثائق الدبلوماسية «نودّ تذكير الحكومة الهندية بأن قانون الحدّ من انتشار أسلحة الدمار الشامل المتعلق بإيران وكوريا الشمالية وسوريا يملي علينا إبلاغ الكونغرس بالمواد والخدمات والتكنولوجيا المصنّفة على قوائم المراقبة المتعددة الأطراف، مثل مجموعة أوستراليا، التي يجري نقلها إلى سوريا، وقد تُفرض عقوبات على الأفراد والكيانات المذكورة في هذه التقارير». وأضافت «لدينا معلومات أن الشركة الهندية (حُجب اسمها) قد تكون تخطط لبيع مكوّنات ومعدات تجهيز المواد الكيمائية ذات الصلة لمستخدم نهائي في سوريا، وأن الشركة اتفقت مع شركة هندية أخرى (حُجب اسمها) على استضافة زيارة إلى الهند لممثّلين عن مجلس الأبحاث السوري المرتبط ببرنامج الأسلحة الكيميائية والجرثومية لوضع اللمسات الأخيرة على العقود الخاصة بهذه المعدات».
وذكرت وثيقة أخرى، يرجع تاريخها إلى نيسان 2009، أن رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان أبلغ الأميركيين أن إيران تحاول تجنيد بدو في شبه جزيرة سيناء للمساعدة في تهريب أسلحة إلى قطاع غزة.
وأضاف سليمان أن إيران «حاولت مرات عديدة دفع رواتب لكتائب القسام (الجناح العسكري لحماس)، لكنّ مصر نجحت في منع الأموال من الوصول إلى غزة». وأشار إلى أن الدعم المالي الإيراني لحماس «يصل إلى 25 مليون دولار شهرياً».
من ناحية ثانية، كشفت وثائق أميركية، نشرها «ويكيليكس» أيضاً، أن راهول غاندي الذي يعدّ أقوى الشخصيات المرشحة لتولّي رئاسة الوزراء المقبلة في الهند، أخبر السفير الأميركي لدى بلاده، تيموثي رويمر، العام الماضي، أن المجموعات المتطرفة الهندوسية قد تمثّل خطراً أكبر من المسلحين المسلمين.
ونقلت «الغارديان» عن برقية للسفارة الأميركية في نيودلهي، أن غاندي حذّر تيموثي من أنه رغم «وجود دليل على بعض الدعم (لمجموعة لاشكر طيبة) من قبل بعض عناصر المجتمع المسلم الهندي، إلا أن التهديد الأكبر قد يكون نموّ المجموعات الهندوسية الراديكالية».
وفي السياق، كشفت الوثائق السرية عن أن مسؤولين أميركيين حصلوا على أدلة على استخدام قوات الشرطة والأمن الهندية التعذيب على نطاق واسع. وقالت «الغارديان»، نقلاً عن الوثائق، «إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أبلغت عام 2005 الدبلوماسيين الأميركيين في دلهي، في إيجاز، أن قوات الأمن الهندية تستخدم الصعق بالكهرباء والضرب والإذلال الجنسي ضد المئات من المعتقلين في كشمير».
في هذا الوقت، أفرجت محكمة بريطانية، أول من أمس، عن مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج. وفي أول تصريح له، ردّاً على سؤال عمّا إذا كان يواجه مؤامرة أميركية، قال أسانج «سأقول إن هناك تحقيقاً قاسياً للغاية. سقطت الأقنعة عن البعض، وتقوم وظائف البعض على ملاحقة القضايا الشهيرة». وأعرب عن «القلق» من أن السلطات الأميركية تلاحقه، وقال إنه سمع شائعات أن اتهامات رُفعت بالفعل ضده سراً في أميركا، مشيراً إلى أنه «سرت شائعة اليوم، أبلغني إياها محامي في الولايات المتحدة، وهي شائعة لم تتأكد صحتها، مفادها أنه وُجّه اتهام إليّ في الولايات المتحدة».
وحذّر أسانج، لدى وصوله إلى مكان إقامته الجبرية في قصر ريفي صغير في منطقة سوفولك شمالي شرقي لندن، من أن حريته، وإن كانت مشروطة، ستسمح بتسريع بثّ التسريبات التي لا تزال تنشر على الموقع. وقال «الآن وقد عدت إلى قيادة سفينتنا، سيتواصل عملنا بسرعة أكبر».
في المقابل، رأى خبراء، أدلوا بشهادتهم أمام لجنة من الكونغرس أول من أمس، أن قانون التجسس الأميركي العائد إلى عام 1917، والذي يمكن أن يكون أساساً لمحاكمة أسانج، تشوبه عيوب كبيرة.
غير أن رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، جون كونيرز، أعلن في الجلسة أن هناك مصالح أخرى تتقدم في القضية، وهي مبدأ حرية التعبير «المقدس».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مدّعين في وزارة العدل الأميركية يحاولون بناء دعوى تستند إلى أن أسانج أدى دوراً في تشجيع المجنّد برادلي مانينغ، الجندي المسؤول المفترض عن تزويد «ويكيليكس» بالوثائق، على سرقة البيانات من كمبيوتر حكومي كان يستطيع الدخول إليه.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)