هاجمت مجموعة من الطلاب الإيرانيين، أمس، مقرّ السفارة البريطانية في طهران مرتين متتاليتين، وأحرقوا العلم البريطاني ورفعوا مكانه العلم الإيراني، وذلك على خلفية قرار لندن قطع علاقاتها المالية بالجمهورية الإسلامية منذ نحو أسبوع. وجاء الموقف الرسمي في بيان لوزارة الخارجية عبّر عن استياء طهران ممّا قام به الطلاب، وأكد أن السلطات الإيرانية ملتزمة بالحفاظ على أمن الدبلوماسيين الذين حررت الشرطة ستة منهم كانوا في أيدي الطلاب، حسبما ذكرت وكالة «فارس» للأنباء. وأكد مسؤول إيراني لوكالة «رويترز» أن هذا الهجوم لم يكن مدبراً من السلطات، بل حدث عفوياً.
وذكرت «فارس» أن الطلبة «دخلوا إلى السفارة البريطانية في العاصمة طهران بعد اعتصام، ولم تنجح قوات الأمن في منعهم من الدخول» حتى وقت متأخر، إذ تمكنت من إقفال باب منطقة «بستان قلهك»، حيث تقع مباني السفارة، وحدثت مواجهات مع رجال الشرطة استخدمت فيها الأخيرة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. وبعد أن أخرجت السلطات المتظاهرين، عاد الطلاب واقتحموا السفارة من جديد. وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية أن المئات من الطلبة المحتجين تسلقوا أسوار السفارة البريطانية وأنزلوا العلم البريطاني وأحرقوه ورفعوا العلم الإيراني على البوابة.
وتمكن الطلاب الغاضبون من دخول المبنى الإداري، وأنزلوا صورة ملكة بريطانيا، في حين حطّموا زجاج المبنى وأخرجوا بعض الوثائق من الطابق الأول وأضرموا فيه النيران، وسط ترديد شعارات مناوئة لبريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل. وأشارت «مهر» إلى أن موظفي السفارة هربوا من الباب الخلفي للمبنى. وذكرت وكالة «إرنا» أن الناس انضموا إلى الطلاب المحتجین أمام بستان قلهك، وهتفوا بشعارات مناوئة لأميركا وبریطانیا.
في المقابل، دانت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي اقتحام السفارة. وحمل وزير الخارجية البريطانية وليم هيغ السلطات الإيرانية مسؤولية ما حصل متوعداً باتخاذ إجراءات.
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، في بيان، إن فرنسا «تدين بحزم كبير» اقتحام السفارة البريطانية «والتجاوزات غير المقبولة التي ارتكبت». وأضاف أن «فرنسا تحمّل السلطات الإيرانية مسؤولية أمن وسلامة كل البعثات الدبلوماسية في طهران». كذلك دان وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرزي، الحادثة، قائلاً في بيان إن «ما حدث في حرم السفارة البريطانية في طهران غير مقبول إطلاقاً».
وكان مجلس صيانة الدستور في إيران قد صدّق بالإجماع، أول من أمس، على قرار لمجلس الشورى (البرلمان) يوصي بخفض مستوى العلاقات مع بريطانيا، وبطرد السفير البريطاني من طهران رداً على فرض وزارة الخزانة البريطانية عقوبات ضد المصارف الإيرانية بدعوى مساهمتها في تمويل البرنامج النووي الإيراني.
من جهة أخرى، قال الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية، عاموس يادلين، إن إيران تمتلك الآن مادة إشعاعية تكفي لصناعة أربع أو خمس قنابل نووية. ورأى يادلين الذي يشغل حالياً منصب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب أنه عندما تعلن إيران امتلاكها للسلاح النووي، «فستنفتح أمام إسرائيل إمكانات إضافية ولن تكون وحيدة»، مشدداً على أهمية أن تكون لدى إسرائيل قنوات مفتوحة مع قوى لديها قدرات عسكرية أفضل منها.
وانتقد يادلين السجال العلني بشأن احتمال لجوء إسرائيل إلى الخيار العسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، مشيراً إلى أن الشؤون الأمنية في إسرائيل أصبحت منذ تقرير «فينوغراد» تخضع لنقاشات مطوّلة وضمن الأطر المناسبة «وليس ضمن إطار شخصين»، في تلميح إلى التقارير الإعلامية التي تحدثت عن اتخاذ كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، قرار توجيه ضربة عسكرية لإيران.
ورأى يادلين أن «البرنامج النووي الإيراني يقف أمام ستة احتمالات استراتيجية: حوار جماعي مع إيران كما حصل عام 2009، وفرض عقوبات، وصراع سري، وتفعيل قوة صلبة ضد إيران، وتغيير النظام في طهران أو التسليم بامتلاكها للسلاح النووي».
أما بالنسبة إلى الصراع السري، فقال يادلين إن هناك «أشياء تحصل في إيران تتهم بها الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذه الأشياء موجهة على ما يبدو نحو التسبّب بعرقلة البرنامج النووي». وإذ أقرّ بأن «إيران نووية ستمثّل تهديداً وجودياً لإسرائيل»، استبعد يادلين أن تبادر إيران إلى مهاجمة إسرائيل حالما تحصل على السلاح النووي.
ورفض يادلين أن يكون لدى طهران 150 ألف صاروخ، قائلاً «هناك فرق بين صواريخ قصيرة المدى وصواريخ بعيدة المدى. معظم هذه الصواريخ غير دقيق، واحتمالات إصابتها لأهدافها غير مرتفعة».
إلى ذلك، تسلمت قوات الجو ـــ فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني مجموعة كبيرة من منظومات «سعير» المضادة للطائرات بعد تصنيعها في مؤسسة الصناعات الدفاعية.
(مهر، إرنا، فارس، الأخبار)