بينما كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، يعلن، خلال اجتماع حكام وكالة الطاقة في فيينا أمس، نيته إرسال بعثة خاصة رفيعة المستوى إلى إيران لبحث المخاوف المتزايدة بشأن النشاط النووي لطهران، تقدمت القوى الكبرى بمسودة قرار تبحثه الوكالة تعرب فيه عن «قلق عميق ومتزايد» ازاء هذا البرنامج، بعد اسبوع من صدور تقرير أثار مخاوف شديدة من إمكان قيام الجمهورية الإسلامية بالعمل على تصميم قنبلة ذرية. وتعرب المسودة، التي تقدمت بها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا اضافة الى ألمانيا، عن «القلق العميق والمتزايد بشأن القضايا العالقة المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك الايضاحات اللازمة لاستبعاد احتمال وجود بعد عسكري» لهذا البرنامج.
ولا تدعو المسودة إيران الى تبديد مخاوف الوكالة، بل تطلب بدلاً من ذلك «من المدير العام يوكيا أمانو أن يدرج ضمن التقرير الذي يرفعه امام اجتماع مجلس الحكام في آذار 2012 تقويماً حول تنفيذ هذا القرار». وقالت المسودة «من الحيوي أن تكثف ايران والوكالة الحوار بينهما»، داعية طهران الى «الوفاء بنحو كلي وبلا ابطاء بالتزاماتها بمقتضى القرارات ذات الصلة التي اصدرها مجلس الأمن الدولي». كذلك تعرب عن «مواصلة دعم حل دبلوماسي، وتدعو ايران الى الاشتراك جدباً ومن دون شروط مسبقة في المحادثات الهادفة الى اعادة الثقة الدولية في الطبيعة السلمية الحصرية» لهذا البرنامج.
ومن المقرر أن يبحث هذه المسودة ويقرّها اليوم مجلس حكام وكالة الطاقة، الذي بدأ اجتماعاته أمس.
من ناحيته، أعلن يوكيا، في مؤتمر صحافي، انه اقترح إرسال بعثة خاصة رفيعة المستوى إلى إيران لبحث المخاوف المتزايدة، قائلاً «من الواضح أن ايران تواجه قضية يجب أن ترد عليها». وأضاف أنه اضطر إلى نشر ملخص تفصيلي عن الأنشطة النووية الإيرانية التي يحتمل أن يكون لها بعد عسكري، وقال «واجبي أن أنبه العالم». وتابع أنه كتب رسالة الى رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، فريدون عباسي دواني، في وقت سابق من الشهر الجاري، يقترح فيها زيارة البعثة لايران التي ستتناول قضايا أثارها تقرير الوكالة الأخير.
وقال أمانو، في اجتماع مغلق لمجلس حكام الوكالة، «تشير المعلومات الى أن ايران مارست أنشطة مرتبطة بتطوير جهاز تفجير نووي. أتمنى الاتفاق على موعد مناسب قريباً. من الضروري أن يكون هناك تخطيط جيّد لهذه البعثة ويجب أن تتناول المسائل التي وردت في تقريري». وتابع قائلاً «أطلب من إيران أن تتعاون مع الوكالة تعاوناً حقيقياً من دون تأخير، وأن تقدم الإيضاحات المطلوبة في ما يتعلق بالأبعاد العسكرية المحتملة لبرنامجها النووي».
بدورها، أشارت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين اشتون، بعد محادثات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو، الى عرض تقدمت به القوى العالمية الست لايران سابقاً وهو عبارة عن «مجموعة من الافكار لطرق يمكن ان تمضي بها ايران قدماً معنا جميعاً وتظهر لوكالة الطاقة أنها جادة بشأن التحول عن مسار الاسلحة النووية وأنها تسعى إلى برنامج نووي مدني». وقالت «لقد طرحنا تلك (الأفكار) على المائدة وإننا منفتحون ازاء وضع افكارهم على المائدة. وما زلت أنتظر».
من جهة أخرى، تسعى الرياض الى الحصول على قرار إدانة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمؤامرة إيرانية مفترضة لاغتيال سفيرها في واشنطن، عادل الجبير بعنوان «الهجمات الإرهابية ضد الأشخاص المحميين دولياً»، وتطلب من ايران التعاون، حسبما اعلنت البعثة السعودية لدى الامم المتحدة. ومشروع القرار لا يتهم طهران مباشرة، لكن السفير الايراني لدى الأمم المتحدة، محمد خزاعي، وصف مسودة القرار بأنها «خطيرة» و«غير مقبولة»، وذلك في رسالة وجهها الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
لكن اللهجة كانت مختلفة في طهران، حيث اعلن وزير الخارجية الايراني، علي اكبر صالحي، أن مشروع القرار قد يحصل على دعم ايران في حال «تصحيح بند او اثنين في مسودة القرار يتحدثان عن السيناريو الأميركي الأخير (حول المؤامرة المفترضة)». وقال «اننا موافقون على الحيز الأكبر من المسودة وقد نوقع عليها».
ومشروع القرار «يأسف للمؤامرة الهادفة الى اغتيال سفير السعودية في الولايات المتحدة» و«يشجع كل الدول على اتخاذ اجراءات اضافية لكي تمنع على اراضيها تخطيط وتمويل وتنظيم اعمال ارهابية مماثلة». ويدعو الجمهورية الاسلامية الايرانية الى «التعاون مع الدول التي تسعى الى أن تحيل الى القضاء كل الذين شاركوا في التخطيط والدعم والتنظيم والذين حاولوا تنفيذ المؤامرة الهادفة الى اغتيال السفير». ويطالب النص ايضاً الدول الاعضاء في الامم المتحدة «برفض منح اللجوء الى الذين يخططون ويمولون ويدعمون او يرتكبون مثل هذه الأعمال الارهابية».
وفي اسرائيل، قال وزير الشؤون الاستراتيجية موشيه يعلون، إن «إيران نووية ستحدث فوضى نووية في الشرق الأوسط». ولوّح خلال مؤتمر عقده «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب أمس إلى أنه «ينبغي أن نأمل، من جهة، أن ينفذ الآخرون المهمة المقدسة (أي وقف البرنامج النووي الإيراني)، لكن من الجهة الثانية ينبغي الاستعداد على أساس «ما حك جسمك مثل ظفرك»، مؤكداً أن «الخيار العسكري هو الخيار الأخير بعد استنفاد كافة الإمكانيات الأخرى، لكنه يجب أن يكون خياراً عسكرياً ذا صدقية». بدوره، قال رئيس دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العقيد إيتي برون، إن إيران قادرة على قصف إسرائيل بصواريخ من أراضيها.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)