نيويورك | مشكلة إيران الرئيسية ليست النزاع النووي أو التصدي لمؤامرة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير، ولا في بناء تكنولوجيا هي الأكثر تطوراً في الشرق الأوسط. مشكلتها الرئيسية هي «كيفية التقدم في السياسة التي أوجدتها قبل ثلاثة عقود بإقامة ديموقراطية ترتكز على الإسلام من أجل إنشاء بنية اجتماعية سياسية أكثر فاعلية». بهذه المقدمة لخّص الأمين العام للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان في إيران، الدكتور محمد جواد لاريجاني، سياسة بلاده، محذراً من أن السعودية تسير على خطى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في تنفيذ حروب بالوكالة ضد جيرانها، وملمحاً الى تغيير قد تشهده السلطة في دمشق، يكون فيه الحضور الاقوى للإخوان المسلمين الذين تربطهم «علاقات جيدة» مع طهران. المستشار القضائي الأعلى في إيران ليس خائفاً من رياح التغيير التي تعصف بالمنطقة، موضحاً أن الخواتيم «ستكون إيجابية»، وأن نجاح الثورات العربية يمثل فشلاً للسياسات التي اتبعتها الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية على مرّ العقود «بدعمها لديكتاتور عقب ديكتاتور من أجل حماية مصالحها». لذلك رأى، في حديث للصحافيين في نيويورك، أن أي تدخل في شؤون الثورات، ولا سيما التدخل العسكري ومن أي نوع كان، «سواء كان من حلف الأطلسي والولايات المتحدة في ليبيا، أو من العربية السعودية في البحرين واليمن، مرفوض». والصحيح حسب رأيه أن تترك الشعوب تقرر مصيرها «ونحن سنساعد تلك الشعوب في تحقيق خياراتها». لاريجاني، الذي رأس وفداً إيرانياً رفيع المستوى للمشاركة في اجتماعات اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة المختصة بشؤون حقوق الإنسان، لم يتجنب الخوض في الوضع السوري وتعقيداته، فهذا الوضع «يشابه الأوضاع في دول أخرى، لكنه مختلف عنها من نواح ثانية». وقال إن «في سوريا ثلاثة لاعبين: الدولة وأنصارها، وهؤلاء ليسوا قلّة. وهناك المجموعات الإسلامية، الإخوان المسلمون، الذين يدعمون (حركة) حماس والمقاومة الإسلامية في فلسطين. وهناك أخيراً مجموعة ثالثة مدعومة من الولايات المتحدة ودول أخرى وهم يقومون بانتفاضة عنيفة ربما لا تحظى بدعم الإخوان حتى».
وفي استشراف لمستقبل السلطة في سوريا، لمّح لاريجاني الى امكانية حصول تغيير في دمشق على مستوى النظام، بحيث يكون للإخوان المسلمين دور كبير، حيث قال «مستقبل العلاقة بين إيران وسوريا سيكون في نفس المستوى من القوة القائمة حالياً». وفي تعليقه على امكانية لعب الاخوان لدور ما، أوضح أن المستقبل السوري «ليس مقلقاً لنا على الإطلاق، إنما نحن ضد التدخل العسكري في المنطقة لتغيير المسار الديموقراطي. فحركة الإخوان المسلمين سيكون لها حضور جيد في البنية السياسية إذا لم يكن حضوراً شاملاً».
المسؤول الإيراني تناول قضية المؤامرة «المزعومة» لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، واضعاً اياها في إطار انهيار السياسة الأميركية في المنطقة. وقال «أما دفع السعودية لتكون في نزاع مع إيران فيشبه تشجيعهم (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين على مهاجمة الكويت». ووجّه تحذيراً شديداً لدول المنطقة التي يمكن أن تعوّل على نزاع كهذا لأن «الخاتمة لن تكون أفضل من خاتمة الآخرين».
أما المسألة الأخرى التي تعني السعودية، حسب قول لاريجاني، فهي تتعلق بوصول تأثير هذه التغيرات الحاصلة في المنطقة إلى حدودها، مشيراً إلى الوضع في اليمن والبحرين. وتساءل: «كيف سيكون مستقبل هذه الحكومة بالنظر إلى موجة الديموقراطية التي تجتاح المنطقة؟»، مضيفاً «السعوديون قلقون من أن قيمتهم لدى الولايات المتحدة يمكن أن تتضاءل، فيتحولون إلى عبء بدلاً من رصيد. لذا تخشى إيران من أن كل هذا قد يدفع بعض السياسيين السعوديين نحو إيجاد مناخ قد يحقق لهم موقعاً جديداً. من ضمنها بعض التحرك العسكري في المنطقة. ولا أظن أن لدى المنطقة معدة قادرة على هضمه».
وعن العلاقة بتركيا، قال المسؤول الإيراني إنها «لم تتأثر بالأحداث الجارية في العالم العربي، لا سيما في سوريا. وتابع أن مجالات التعاون الإيرانية التركية لا تقتصر على تصدير الطاقة والتجارة البينية. بل تمتد إلى التكنولوجيا النووية التي منعها الغرب عن تركيا، ونحن على استعداد للتعاون معهم في هذا المجال ضمن نظم معاهدة منع الانتشار التي تسمح لكافة الدول بتبادل الخبرات النووية». وأشار الى أن «تركيا تحاول منذ سنوات إقامة محطة للطاقة النووية، لكن ما من دولة في الغرب مستعدة لأن تبني لها تلك المحطة».
وفي وقت لاحق علق وزير الطاقة التركي تانر يلدز، على تصريح لاريجاني قائلاً إن بلاده لا تعتزم التعاون مع إيران في بناء محطات للطاقة النووية، مؤكداً أن «إيران جارة مهمة. بيننا تجارة في النفط والغاز لكن التعاون في مجال محطات الطاقة النووية ليس في جدول أعمالنا حالياً».