اتّهمت الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة إيران، في تقرير سرّي سُرّب مضمونه أمس، بالعمل على عسكرة برنامجها النووي، بينما ردّت طهران برفضها مضمون التقرير، واعتبرته ذا «دوافع سياسية». وجاء في التقرير أن «الوكالة لديها مخاوف جدية من وجود بعد عسكري محتمل للبرنامج النووي الإيراني»، مؤكدة أن هذه المخاوف تستند إلى معلومات «جديرة بالثقة». وتابعت الوكالة: «تؤكد هذه المعلومات أن إيران أجرت أنشطة تهدف إلى إنتاج سلاح نووي»، كذلك تشير إلى أن «هذه النشاطات حصلت قبل 2003 في إطار برنامج منظّم، وأن بعضها يمكن أن يكون مستمراً».

وناشدت وكالة الطاقة إيران التواصل معها «من دون أي تأخير» لتوضيح هذه المعلومات المدرجة في ملحق في التقرير.
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد نقلت عن مسؤولين وخبراء قولهم إن الوثائق والسجلات التي حصل عليها مسؤولو الوكالة الذرية توفّر تفاصيل جديدة عن الدور الذي أدّاه عالم الأسلحة السوفياتي السابق فياشيسلاف دانيلنكو الذي علّم الإيرانيين طوال عدة سنوات ماضية بناء متفجرات عالية الدقة من النوع الذي يستخدم في تحفيز تفاعل نووي متسلسل. وأضافوا أن تكنولوجيا مرتبطة بخبراء في باكستان وكوريا الشمالية، بينهم أبو القنبلة الذرية الباكستانية عبد القدير خان، ساعدت في دفع القدرات النووية لإيران.
واستند المسؤولون إلى معلومات استخبارية سرية حصلت عليها وكالة الطاقة طوال سنوات عدة، ليؤكدوا أن السجلات تعزز المخاوف من أن إيران استمرت بإجراء الأبحاث المرتبطة بتطوير الأسلحة بعد عام 2003، عندما ظنّت أجهزة الاستخبارات الأميركية أن القادة الإيرانيين أوقفوا مثل هذه التجارب استجابة للضغوط الدولية والمحلية. ونقلت عن المسؤول السابق في الوكالة ديفيد أولبرايت، الذي اطّلع على المعلومات الاستخبارية، قوله إن أحد الإنجازات التي حققتها إيران ولم تُعلَن هو حصولها على تصاميم آلة تُعرف باسم المولد «R265»، وهي على شكل قوقعة من الألمنيوم فيها متفجرات تنفجر بدقة كبيرة خلال أجزاء من الثانية.
وسيناقش التقرير في اجتماع مجلس أمناء وكالة الطاقة في 17 و18 تشرين الثاني الحالي.
غير أن الرد الإيراني جاء على لسان مبعوث طهران لدى وكالة الطاقة، علي أصغر سلطانية، الذي قال إن «تقرير الوكالة متحيّز وغير مهني، وله دوافع سياسية».
أما وزير الخارجية علي أكبر صالحي فقد أعلن موقفه مسبقاً من العاصمة الأرمينية يريفان، مؤكداً أن الوكالة الذرية لا تملك «أي دليل جدّي» على وجود برنامج كهذا.
وكان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد كرّر أمس أن إيران «لا تحتاج إلى القنبلة النووية» لمواجهة الولايات المتحدة وحلفائها. وقال نجاد إن «الولايات المتحدة التي تملك خمسة آلاف قنبلة ذرية تتهمنا بإنتاج السلاح الذري، لكن يجب أن يعرفوا أننا إذا أردنا قطع اليد التي أطالوها على العالم فلن نحتاج إلى القنبلة النووية». وانتقد نجاد، في حديث إلى صحيفة «الأخبار» المصرية، المدير العام للوكالة، الياباني يوكيا أمانو، «الذي لا يتحلى بأي إرادة، وينتهك قواعد الوكالة من خلال تبنّيه كل الأوراق التي يعطيه إياها الأميركيون، ولا يصدر أي تقرير عن الأسلحة النووية الأميركية».
أما قائد القوة المجوقلة لحرس الثورة، الجنرال أمير علي حجي زاده، فقد هدّد بقتل عشرة ضباط أميركيين في العراق وأفغانستان إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على قتل ضابط إيراني، وذلك ردّاً على اقتراح لخبراء أميركيين بقتل مسؤولين عسكريين إيرانيين.
في المواقف، جاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية أن «موسكو تشعر بخيبة أمل شديدة وبعدم فهم لكون تقرير وكالة الطاقة.. تحول إلى مصدر جديد لتصاعد التوترات بشأن القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني».
ورأى الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أن التهديدات الإسرائيلية بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية «يمكن أن تقود إلى نزاع بالغ الخطورة، وستكون كارثة على الشرق الأوسط».
لكن وزارة الخارجية الأميركية قالت إنها تحتاج إلى وقت لدراسة التقرير.
أما وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، فقال في مقابلة مع راديو «ار. تي. ال»، إنه يجب فعل كل شيء لتجنّب شنّ عمل عسكري على إيران، لكنه أضاف: «إذا كان الأمر يتطلب تشديد العقوبات، فإننا مستعدون لذلك».
كذلك حذّر وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله «من طرح فكرة الخيارات العسكرية»، قائلاً «هذه مناقشات.. تعزز القيادة الإيرانية أكثر ممّا تضعفها».
(أ ف ب، يو بي ىي، رويترز)