حراك غربي لبحث ضربة استباقيّة لمنشآتها النوويّة... وساركوزي يرفض ويفضّل العقوبات

تحوّل الاحتفال الإيراني أمس بـ «يوم مقارعة الاستكبار العالمي» المتعلق بذكرى اقتحام السفارة الأميركية في طهران عام 1979، إلى مناسبة لإطلاق التهديدات ضد دول الغرب، التي تشهد حراكاً بشأن إمكان توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية
قبل أيام من صدور تقرير عن الأمم المتحدة يتناول برنامج طهران النووي، احتفلت إيران بذكرى السيطرة على السفارة الأميركية عام 1979 بإحراق الأعلام، وترديد هتافات «الموت لأميركا»، فيما خاطب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي، الحشد الذي تجمّع أمام مقر السفارة السابقة، مهدداً بدعم كل من هو ضد سياسات الإدارة الأميركية في داخل الولايات المتحدة وخارجها. وقال إن «أميركا ارتكبت أعمالاً إرهابية ضد إيران ودول أخرى... سندعم من هم ضد سياسات أميركا خارج أميركا وداخلها».
وعن اتهام طهران بتدبير مؤامرة لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير، قال جليلي إن إيران ستقدم إلى الأمم المتحدة أدلة على مخططات أميركية ضد بلاده، وإن وزارة الخارجية استدعت للاحتجاج أمس السفير السويسري الذي تمثل سفارته المصالح الأميركية، مشدداً على أن أميركا «هي المجرمة والمتهمة الرئيسية عن الجرائم والممارسات الإرهابية في العالم».
وكان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قد قال هذا الأسبوع إن لديه 100 «وثيقة لا يمكن إنكارها» تثبت أن الولايات المتحدة وراء «أعمال إرهابية» في بلاده، واصفاًً «المؤامرة المزعومة» لاغتيال سفير السعودية بأنها «سيناريو إرهابي سخيف». في المقابل، وقبل أيام من صدور تقرير جديد عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن البرنامج النووي الإيراني، خرج الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن إجماع الدول التي تبحث توجيه ضربة استباقية إلى المنشآت النووية في البلد الإسلامي، مشيراً إلى أن ثمة «طريقاً» لا يزال متوافراً بين هذا السيناريو والعقوبات التي لم تؤدّ حتى الآن إلى نتيجة كبيرة.
وقال ساركوزي، رداً على سؤال في ختام قمة مجموعة العشرين في كان، «ضربات وقائية تعني الذهاب مباشرة الى الهدف. الأمور لا تجري على هذا النحو. ثمة الحوار، وعندما لا يعطي الحوار نتيجة، هناك العقوبات، واذا لم تكف العقوبات ثمة أيضاً العقوبات، والمجموعة الدولية لا تستطيع تسوية كل الأمور بالسلاح».
وذكر ساركوزي، الذي بحث «التهديد المستمر الذي يمثّله البرنامج النووي الإيراني» مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في كان، بأن «الشيء الوحيد الذي قلناه، هو أنه اذا تهدد وجود اسرائيل فلن تبقى فرنسا مكتوفة الأيدي»، فيما رأى مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى في واشنطن، أن «أكبر تهديد للولايات المتحدة ولمصالحنا ولأصدقائنا... هو إيران».
في هذا الوقت، تواصلت المشاورات المكثّفة بين قادة الدول الغربية واسرائيل بشأن «خطر» النووي الايراني، وإمكان شن هجوم عسكري لاستهداف منشآته. وكشفت صحيفة «جويش كرونيكل»، الصادرة في لندن أمس، أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أجرى في لندن التي وصلها الأربعاء الماضي، محادثات مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، مباشرة بعد زيارة رئيس أركان الدفاع البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية أنهم فنّدوا الاقتراحات بشأن استعداد بريطانيا للمشاركة في هجوم تقوده الولايات المتحدة ضد إيران. وقال باراك، خلال لقاءات مع مسؤولين سياسيين وأمنيين بريطانيين، إن حصول إيران على قنبلة نووية سيمنحها الحصانة من مهاجمتها.
وقال المحلل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر، إن إسرائيل تتخوف من تقويمات أميركية تفيد بأنه في حال حصول إيران على سلاح نووي فإن السعودية ستكون الدولة الأولى التي سيُنقل إليها سلاح نووي من باكستان بموجب اتفاق سري بين الدولتين، الأمر الذي سيقود المنطقة إلى سباق تسلح نووي تفقد إسرائيل من خلاله تفوقها على دول الشرق الأوسط. وأضاف إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تفضل في الوقت الحالي عدم مهاجمة إيران، بل ممارسة ضغوط عليها من خلال تشديد العقوبات الاقتصادية، قدمت أجهزة الاستخبارات الأميركية والأوروبية إلى اللجنة الدولية للطاقة النووية معلومات «تُجرّم» إيران تتعلق بأنشطة نووية سرية تجريها في منشأة قرب مدينة قم.
وكانت تقارير صحيفة قد كشفت، أول من أمس، أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الأميركي باراك أوباما، يستعدان للحرب، وذلك بعد تواتر تقارير تفيد بأن إيران تملك الآن ما يكفي من اليورانيوم المخصّب لإنتاج 4 أسلحة نووية.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أن الإدارة الأميركية تراجعت عن خطتها لفرض عقوبات على المصرف المركزي الإيراني، بعدما اتهمت طهران بالتآمر لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن، لأن خطوة مماثلة قد تؤدي إلى حصول اضطرابات في أسواق النفط، وتضرّ بالاقتصاد الأميركي. وقال مسؤولون أميركيون إن فرض عقوبات على المركزي الإيراني يلاقي رفضاً لدى حكومات دول كبرى، على الأخص روسيا والصين، ما أسهم أيضاً في استبعاد الموضوع.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)