باريس | اعتادت جمعيات مناهضة العولمة تنظيم تجمعات مضادة على هامش كافة اجتماعات قادة الدول الصناعية الكبرى، سواء تعلق الأمر بمجموعة الثماني أو مجموعة العشرين المنبثقة منها، للتعبير عن معارضتها للتوجهات النيو ـــــ ليبرالية للحكومات الغربية. لكن السلطات الفرنسية اتخذت إجراءات احترازية مشدَّدة لمنع تدفُّق نشطاء مناهضة العولمة إلى البلاد، في مناسبة قمة مجموعة العشرين في مدينة «كان». ويقول الناطق باسم القمة المضادة لـG20، فرانك غاي، التي انعقدت في نيس القريبة من «كان»، إنّ تلك التشديدات بدأت قبل أسبوع من التئام قمة «كان»، من خلال إجراء غير مسبوق تمثل في إعادة إغلاق الحدود الفرنسية المطلة على الفضاء الأوروبي الموحَّد، وفرض رقابة صارمة على الراغبين في دخول البلاد براً، وخاصة عبر الحدود الإيطالية التي لا تبعد عن «كان» سوى أقل من مئة كيلومتر. ويضيف غاي أنّ شرطة الحدود «رفضت دخول كل من يُشتبه في أنهم من مناهضي العولمة، وصدّت آلاف النشطاء من مختلف الجنسيات، من دون أي سند قانوني، معتمدةً في ذلك على قوائم أمنية تتبادلها الدول التي تحتضن اجتماعات G8 وG20 منذ قمة «سياتل» الشهيرة، وما تخللها من مواجهات دامية بين الشرطة ومناهضي العولمة». ورغم كل هذه الإجراءات الأمنية، تمكّن نحو 12 ألفاً من نشطاء مناهضة العولمة من الوصول إلى «نيس»، عاصمة الكوت دازور الفرنسية. إلا أن السلطات الأمنية فرضت حصاراً أمنياً صارماً على «كان»، وجنّدت نحو 6 آلاف شرطي لمنع دخول المدينة لغير المقيمين فيها طوال يومي انعقاد القمة. وتزامن ذلك مع حملة إعلامية سعت لتحضير الرأي العام لأي أعمال عنف قد تحدث في حال زحف نشطاء مناهضة العولمة على «كان» لدخولها بالقوة. لكن هؤلاء النشطاء فضّلوا تفادي المواجهة، وقرروا أن تقتصر نشاطاتهم على «نيس»، حيث أقاموا تظاهرة ضخمة استقطبت 10 آلاف شخص، وجرت من دون أي أعمال عنف، رغم أن عمدة المدينة، كريستيان إستروزي، المقرب من الرئيس نيكولا ساركوزي، حشد ألفي شرطي لمواجهة أي نشاطات محتمل أن يقوم بها مناهضو العولمة. لكنه فوجئ بأن هؤلاء النشطاء قرروا تفادي العنف، وفضلوا أن يشهروا في وجه شرطة ساركوزي سلاح... الفكاهة، بحيث وضعوا في صدارة التظاهرات تنظيمين طريفين: الأول يحمل تسمية «جيش المهرِّجين العالمي المعادي للنيوليبرالية»، والثاني هو «جماعة 0.05». وقد أقام «جيش المهرجين» عدداً من النشاطات الاستعراضية التي جاءت أقرب إلى مسرح الشارع منها إلى تظاهرات الاحتجاج التقليدية. أما «جماعة 0.05»، التي تناضل من أجل فرض ضريبة قيمتها 0,05 في المئة على المبادلات المالية في البورصات العالمية، فقد نظمت استعراضاً آخر دعت فيه المتظاهرين والمارة إلى تأييد هذا المطلب من خلال التعرّي والاحتفاظ فقط بـ0.05 في المئة من ملابسهم.
ونظّم نشطاء مناهضة العولمة أيضاً تظاهرة أخرى احتشدوا خلالها عند مدخل إمارة موناكو، للاحتجاج على «الجنّات الضريبية» التي تلجأ إليها الأوساط المالية العالمية. ومن أطرف الشعارات التي رُفعت، لافتة خاطبت ساركوزي قائلة: «اضبط ساعتك الرولكس، فإن ساعة الثورة قد حانت».