طهران | تحوّل مؤتمر «اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية»، بنسخته الثامنة، إلى مناسبة لتمهيد العمل من أجل تشكيل جبهة إعلامية موحدة في مواجهة «الارهاب» والدعاية الإعلامية الغربية، تماثل الجبهة التي جرى تشكيلها في مجالات سياسية وعسكرية للهدف ذاته. وإن كان مستوى الحضور وعدد المشاركين في المؤتمر يدل على شيء، فهو بجانب منه يظهر أهمية الحدث الذي شارك فيه ممثلون عن 220 وسيلة إعلامية من 35 دولة، من بينهم وزراء إعلام سوريا وأفغانستان وإيران، إضافة إلى الإعلاميين والمديرين العامين لوزارات إعلام بعض الدول.
وفي الجانب الآخر، يعكس المجهود الكبير الذي بذله المنظمون من أجل إظهار قدرة هذا التكتل الإعلامي وانتشاره على امتداد جغرافيا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصولاً إلى بعض دول أوروبا والقارة الأميركية.
في ردهات قاعة المؤتمرات شمالي طهران، وعلى مقربة من فندق «استقلال»، حيث استقرّت الوفود، كان الحراك مكثّفاً. حوارات جانبية ثنائية وموسعة، بعيداً عن ضجيج النقل المباشر لوقائع المؤتمر الذي افتتحته شخصيات سياسية إيرانية وعربية من الصف الأول. ترتيب الجلسة الافتتاحية رسم نتائج المؤتمر، من خلال الكلمات التي ألقاها ساسة من العراق سوريا ولبنان واليمن، ذلك أن الحرب الإعلامية تستهدف هذه الدول والانقسامات في داخلها تعكس الصورة لمجريات الأزمات على أرض الواقع.
من هنا، كان هذا الحشد لتوحيد الصف الإعلامي وانتهاج خط سياسي واضح، يتناسب مع المتغيّرات المقبلة على المنطقة، انطلاقاً من الاتفاق النووي مروراً بالتسويات الإقليمية وصولاً إلى الحرب التي ستنطلق على الإرهاب، بتحالف دولي وإقليمي مشترك، سيبصر النور بعد الانتهاء من ترتيبات ما بعد الاتفاق النووي.
لم ينحصر الكلام في الإعلام على السياسة، فعلى هامش المؤتمر الإعلامي كان «سوق الأفلام الإسلامية» حاضراً بحوالى 800 إصدار من كافة الفئات الإنتاجية والوثائقية والأفلام والمسلسلات والبرامج، بمشاركة 90 شركة إنتاج من الأعضاء المنضوين تحت عباءة الاتحاد.
تناول الكم الكبير من هذه الإصدارات سيرة تاريخ المقاومة في المنطقة ومخاطر التقسيم، حيث نال الإرهاب الحصة الأكبر من المعالجات المتنوعة وما تعانيه المنطقة من حروب وقتل ودمار.
القسم الموجه للأطفال كان منضبطاً، بشكل كبير، من حيث المحتوى والمضمون الهادئ، ليوصل رسالة بضرورة الحفاظ على مشاهدات الأطفال بعيدة عن عنف ما يرتكبه التكفير والإرهاب بحق أترابهم الذين تحولو إلى وحوش بشرية وقنابل موقوته تنتشر في المنطقة.
أما التحدي الأهم الذي يواجهه هذا التكتل الإعلامي، فيتمثل في ضرورة انتقاله من ردّ الفعل إلى الفعل، ووجوب تخطّي مرحلة الدفاع باتجاه الهجوم، لا سيما أن الطرف الآخر يضخ كمّاً هائلاً من الأخبار لمصلحته ويدفع خصومه إلى الرد والتكذيب من دون نشر صورة أو خبر، فيما كانت تجربة الإعلام الحربي في سوريا صاعقة على الإعلام في المعسكر الآخر، الذي كان يندفع للتبرير والتوضيح والارتباك، بعد مفاجأته بمشاهد ميدانية وحقائق موثقة. وهذه التجربة باتت تنسحب على اليمن، بعدما كانت الماكينة الإعلامية السعودية مسيطرة على الأجواء الإعلامية بمساعدة شركائها.
الهدف الأساس الذي يريد أن يؤسّس له هذا الاتحاد، هو توحيد الصورة والخبر كما جرى توحيد البندقية في الكثير من ساحات القتال، فاعتماد جبهة إعلامية متناسقة توزّع الأدوار، سيصل إلى أكبر شريحة عبر تعزيز التعاون الخبري وسرعة انتشاره، إضافة إلى إعطاء تصوّرات لدعم الإعلام الرقمي ومواكبته، لأنه يشكل الحجر الأساس لصناعة الصورة والخبر في المستقبل.