خطّطت القيادة التركية لأن تكون زيارة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان إلى مصر، ترجمةً لوزن تركيا إقليمياً وإسلامياً... وعربياً. تنقّل الرجل، في ثاني أيام زيارته المصرية التي تختتم اليوم، بين كافة مراكز صنع القرار في القاهرة، من جامع الأزهر والجامعة العربية، ومقر رئيس المجلس العسكري الحاكم، المشير طنطاوي، إضافة إلى رئاسة الحكومة. الأبرز كان بالطبع ما أدلى به أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، حين انتقد مَن يقمعون «بالقوة المطالب المشروعة» لشعوبهم، فيما فسّرته وكالات الأنباء بأنه اشارة واضحة إلى سوريا، التي سعى الضيف التركي إلى عدم ذكرها بالاسم أمام المسؤولين العرب. ومثلما كان متوقعاً، احتلّت فلسطين، وقضية الاعتراف العالمي بها كدولة في الجمعية العام للأمم المتحدة، الحيز الأكبر من كلمته، مشيراً إلى أنه حان الوقت «لرفع علم فلسطين في الأمم المتحدة»، وواصفاً هذا الاعتراف بأنه «واجب لا مجرد خيار». وقال اردوغان، في مستهل زيارة للقاهرة هي المحطة الاولى لجولته في الدول العربية الثلاث، وهي مصر وليبيا وتونس، إنّ «مزيداً من الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان يجب أن يكون شعارنا المشترك، لأنه لا أحد يستطيع الادعاء بأن شعوبنا لا تستحق أن تنظر الى المستقبل بأمل». وأضاف «نحن ملزمون بتلبية المطالب المشروعة لشعوبنا بوسائل وأساليب مشروعة». وتابع أن «هؤلاء الذين يحاولون قمع المطالب المشروعة بوسائل غير مشروعة وبالقوة، هؤلاء الذين يؤجّلون العدالة سوف يفهمون، ليس اليوم لكن غداً، أنهم يرتكبون خطأً جسيماً». وأشار إلى الشهيد محمد البوعزيزي الذي أطلق شرارة الانتفاضة في تونس، لافتاً إلى أنه «ذكّر العالم مرة أخرى بقيمة الشرف الإنساني»، مطمئناً إلى أنه «من غير الوارد بالنسبة إلى تركيا أن تتخذ موقفاً لا مبالياً من التطورات في الشرق الأوسط». وعن الطلب الذي سيتقدم به الفلسطينيون للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في غضون أيام، شدد المسؤول التركي على أن «الطريق الوحيد الصحيح هو الاعتراف بفلسطين، هذا ليس خياراً بل ضرورة وواجب، وينبغي لنا جميعاً مساندة الكفاح العادل والشجاع للشعب الفلسطيني». وبشّر أردوغان بأنه «قبل نهاية العام الجاري، سنتمكن من أن نرى وضعاً مختلفاً تماماً لفلسطين في الأمم المتحدة». وجرياً على عادته، لم ينسَ أردوغان مهاجمة إسرائيل من بوابة جريمة أسطول الحرية، مشيراً إلى أن سياساتها «العدوانية» تمثّل «خطراً على مستقبل الشعب الإسرائيلي نفسه»، جازماً بأن الدولة العبرية «لن تخرج من عزلتها إلا إذا تصرفت كدولة عاقلة مسؤولة جادة وطبيعية». وكان رئيس الوزراء التركي قد التقى صباحاً المشير محمد حسين طنطاوي، وبحث معه «سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين»، كما ناقشا «التطورات الإقليمية والمتغيرات العالمية وتأثيراتها في منطقة الشرق الأوسط»، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الحكومية. إضافة إلى ذلك، عرّج أردوغان على مشيخة الأزهر، حيث التقى الشيخ أحمد الطيب، ثم عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء المصري عصام شرف، عقدا بعده مؤتمراً صحافياً.
وبعد اجتماعه مع الشيخ الطيب، أعرب رئيس الوزراء التركي عن تقديره للدور الذي يقوم به الأزهر في «نشر ثقافة الاعتدال والوسطية». وكشف مصدر مطلع في الأزهر أن أردوغان طالب، خلال اللقاء، بزيادة حجم التعاون بين وزارة الأوقاف المصرية ووزارة الشؤون الدينية التركية، إضافة إلى تعزيز التعاون بين الجامعات التركية وجامعة الأزهر لمصلحة البلدين، بينما كان مئات المواطنين يصطفّون على جانبي الطريق لتحية أردوغان.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)