أحيا الأميركيون، أمس، الذكرى العاشرة لهجمات 11 أيلول، وسط إجراءات أمنية مشددة وإعلان حالة التأهب القصوى بين سلطات نيويورك وواشنطن لمواجهة ما وصف بتهديد «حقيقي، لكنه غير مؤكد» من تنظيم «القاعدة». وأحيت نيويورك الاحتفال السنوي لتحية أرواح ضحايا الاعتداءات بمشاركة الرئيس باراك أوباما مع سلفه جورج بوش. وأقيم الحفل، مثل كل عام، بالقرب من منطقة «غراوند زيرو»، في حضور عائلات الضحايا. وكما في كل ذكرى، جرى الوقوف أربع دقائق صمت في الإجمال، عند اللحظات التي ضُرب فيها برجا مركز التجارة العالمي واللحظة التي انهارا فيها، وقرئت أسماء الضحايا واحداً واحداً. وعلى الأثر، شاركت أسر الضحايا في افتتاح نصب 11 أيلول وهي منطقة شاسعة مزروعة بأشجار السنديان، يتوسطها حوضان كبيران حفرا مكان البرجين ونقشمت عليهما أسماء الضحايا بأحرف من البرونز.
وكان الرئيس أوباما قد دعا الأميركيين الى الاتحاد يوم هذه الذكرى، مقدماً التحية للضحايا. وأشاد ببلد «أقوى» مما كان عليه قبل عشر سنوات. وأشار «الى أن الوقت قد حان للبدء في طي الصفحة». وقال في خطابه الإذاعي الأسبوعي «بعد عشر سنوات صعبة، يجب علينا أن ننظر الى الأمام الى مستقبل نبنيه معاً. وفي نشاطات موازية، أحيت نيويورك ذكرى رجال الإطفاء الـ 343 الذين قتلوا في 11 أيلول في كاتدرائية سانت باتريك، وآخر في بطولة الولايات المتحدة المفتوحة للتنس، وشملت الاحتفالات جميع أرجاء الولايات المتحدة.
بدورهم، أحيا المناسبة الجنود الأميركيون المنتشرون في 11 قاعدة عسكرية في أفغانستان، وأفاق مئات الجنود في قاعدة فنتي الأمامية للعمليات في مدينة جلال آباد الشرقية عند الفجر للمشاركة في مراسم الصلاة والتذكر، فيما نكس العلم الأميركي وعلم الكتيبة. وعشية الذكرى، عثرت السلطات المحلية على شيء مريب في صندوق شحن في مطار دالاس الدولي قرب واشنطن، ما أدى الى إغلاق عدة بوابات في المطار.
ولا تزال اعتداءات 11 أيلول مسيطرة على أذهان الأميركيين. وأشار استطلاع للرأي أجري أخيراً الى أن نصف الأميركيين يرون أن تلك الاعتداءات غيّرت حياتهم. لكن بعد حربين في أفغانستان والعراق خلفتا أكثر من 6200 قتيل بين الجنود الأميركيين، أصبح الكثيرون يرغبون في طي صفحة الماضي. وأسهم القضاء على زعيم القاعدة أسامة بن لادن في الثاني من أيار في دعم هذا الشعور.
وفي قراءة اقتصادية لتداعيات 11 أيلول، قدمت صحيفة «نيويورك تايمز» السبت الحصيلة المالية للسنوات العشر الماضية، وأكدت الصحيفة أن «القاعدة أنفقت فقط 500 ألف دولار لتدمير برجي مركز التجارة العالمي ومهاجمة البنتاغون. أما الولايات المتحدة فقد تكلفت 3300 مليار دولار»، نصفها على تمويل الحروب. وأضافت في صفحة كاملة أفردتها لتفاصيل هذه النفقات إن «هذا المبلغ يمثل خمس الدين الوطني» الأميركي.
من جهتها، أكدت حركة «طالبان»، في بيان، أن الأفغان يتعرضون منذ عشر سنوات لنيران الأسلحة الأميركية، فيما لم يضطلعوا بأي دور في اعتداءات 11 أيلول التي «استخدمها الاستعمار الأميركي ذريعة لاحتلال أفغانستان».
وفي المواقف الدولية من الذكرى، أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، خلال وضعه إكليلاً من الزهر عند النصب التذكاري لضحايا الحرب في كانبيرا، أن محاربة الإرهاب لم تنته وأن الخطر لا يزال قائماً، بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه بعد مرور 10 سنوات على هجمات 11 أيلول فإن «الإسلام المتطرف يبقى خطراً عالمياً يجب أن يتحد العالم ضده». ووصف رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلوسكوني الحرب التي خيضت بعد 11 أيلول بأنها كانت «حرباً مختلفة تماماً عن الحروب التي شهدتها الإنسانية في القرون الماضية» .
الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وصف، بدوره، اعتداءات 11 أيلول باللعبة المبرمجة لشن هجوم على الدول الإسلامية، وقال، خلال افتتاح أعمال المؤتمر «الدولي الخامس للمجمع العالمي لأهل البيت»، إن «هذه الحادثة كانت لعبة معقدة ومخططة للتأثير على الأحاسيس البشرية وخلق الذريعة لشن الهجوم على الدول الإسلامية، بما فيها أفغانستان والعراق.
وفي الفاتيكان، صلى البابا بنديكت السادس عشر على أرواح ضحايا هجمات 11 أيلول، وناشد أولئك الذين لديهم مظالم مقاومة إغراء اللجوء الى الكراهية والعنف لحل مشاكلهم. وبالمناسبة، بعث البابا برسالة الى زعماء الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة ندد فيها بالعنف الذي يرتكبه أناس باسم الرب، داعياً دول العالم الى المزيد من العمل لرفع المظالم التي تسهم في تصاعد العنف.
وفي لندن، ذكر مصور «فرانس برس» أن خمسين شخصاً من الناشطين الإسلاميين أقدموا على حرق العلم الأميركي أمام سفارة الولايات المتحدة، فيما كانت العاصمة البريطانية تحيي الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 أيلول. وأطلق المتظاهرون الذين ينتمون الى حركة «مسلمون ضد الصليبيين»، وفق وكالة «برس اسوسييشن» البريطانية، هتافات معادية للولايات المتحدة مثل «الأميركيون إرهابيون». ورفعوا لافتات تحمل شعارات مناهضة لواشنطن، وقالت الوكالة إن الإسلاميين أرادوا التشويش على دقيقة الصمت.
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي)