من هو اندرس براييفك؟ لا نستطيع التعرف إلى هذه الشخصية الا من خلال «المانيفستو» الذي ارسله الى الآلاف قبل وقت قصير من عمليته، ويتضمن مواضيع رئيسية تتمحور حول صعود «الماركسية الثقافية» وتقبل «التعددية الثقافية» في اوروبا الغربية، وبدء الاستعمار الاسلامي لأوروبا الغربية، وواقع حركات المقاومة، والحلول التي يراها مناسبة. ويتضمن الكتاب، المؤلف من أكثر من 1500 صفحة، اسم كاتب آخر هو فيوردمان، غير أن كثيرين يعتقدون بأنه شخصية وهمية، على عكس ما يقول براييفك في آخر كتابه.
يعادي براييفك «الماركسية الثقافية» ووجوهها كجورج لوكاش وأنطونيو غرامشي و«مدرسة فرانكفورت»، لأنهم قوّضوا اسس الحضارة الأوروبية من خلال قبول وتعزيز مفهوم التعددية الثقافية، ما يجعلها حليفة للذي يسعى الى «اسلمة اوروبا». ويرجع براييفك، في الجزء الأول، الى الكتابات اليمينية المتطرفة محاولاً ان يقنع القارئ بالتهديد الاسلامي وضرورة قيام «حرب استرداد» و«حرب وقائية ضد الماركسية وتلك التي تضمن التعددية الثقافية في اوروبا».
يعرف براييفك عن نفسه، في الجانب الآخر، على انه في ما يخص قضايا الاقتصاد، يؤمن بالليبرالية وقريب من افكار «مدرسة فيينا»، لكن في المقابل يناهض «الرأسمالية المعولمة»، التي لها تأثير كبير على إلغاء الحدود وافساح المجال امام الهجرة. وفي هذا الاطار، ينطلق براييفك من الاعتقاد بأن زمن الحوار مع «الماركسية الثقافية»، ومن يمثلها، قد ولّى، وان زمن الحرب قد حان. ويعلن في «المانيفستو» أنه يجب ان نقوم في البداية بهجمات هدفها التعريف بالقضية وخلق الانقسام في المجتمعات الأوروبية. المستهدفون الأساسيون هم الجامعيون، الصحافيون، الأحزاب اليسارية، وعموماً، كل السياسيين الذين «يشتبه» في تبنّيهم «ايديوليوجيا التعددية». في جانب آخر، يرى براييفيك أن اوروبا شهدت حربين عالميتين وأخرى باردة، واليوم قد تبدأ على ارضها حرب ستتحول الى عالمية بين المسلمين من جهة وروسيا، واوروبا، واسرائيل، والصين، والهند، والولايات المتحدة، وجنوب شرق آسيا من جهة اخرى. ويضيف «علينا أن نناقش إمكانية ما اذا كان التهديد الاسلامي سيدفع الغرب الى اعادة التفكير في قيمه واستعادة قوته».
وفي سياق حديثه عن الاسلام، يقول إن «العديد من المفكرين يعتقدون أن حظر او منع الشريعة سيحلّ كل مشاكلنا ويدفع المسلمين الى الاندماج... إن اي مقاربة مثل مقاربة اتاتورك لن تحل اي شيء سوى انها ستؤخر المحتوم». ويضيف «بالطبع يمكن أن نجبر المسلمين بالقوة على العلمنة، لكن بعد تسعين عاماً ستعود المطالبة بها الى الواجهة من جديد».
في اطار آخر، يقدم رؤيته لبعض الأحداث التاريخية على انها تؤكد «الخيانة» التي ارتكتبها حكومات اوروبية، ويقول ان الحكومات التي تتحرك وفقاً لمصالحها القريبة الأمد لا تبدي اهتماماً بالبعد التاريخي للأحداث وبالمستقبل. وفي هذا الاطار، يقول إن قصف حلف الأطلسي لصربيا في عام 1999 هو الحدث الرئيسي الذي أثر فيه، مضيفاً انه إثر ذلك بدأ مشروعه في عام 2002 في لندن، حين اسس مع ثمانية اشخاص آخرين «الرتبة العسكرية والمحكمة الجنائية الاوروبية»، في محاكاة لرتبة فرسان الهيكل الذين كانوا يقاتلون في الحملات الصليبية.
وفي اطار عرضه للبعد التاريخي لهذه النظرية يقدم براييفك بعض الأمثلة التاريخية مثلاً: - الرفض الأوروبي لحماية مسيحيي الشرق - الرفض الأوروبي لمساعدة الامبراطورية البيزنطية في مواجهة «الهجمات الجهادية»
- قيام نابوليون بغزو مصر في عام 1798 لحماية مسيحيي مالطا وفلسطين، في المقابل دافعت بريطانيا عن العثمانيين، فكانت النتيجة انسحاب نابوليون، وعودة الأتراك الى مصر، اما مكافأة بريطانيا فكانت ان وضعت يدها على مالطا. ويضم «المانيفستو» مسودة «اعلان اوروبي للاستقلال»، تتلخص بـ«نحن مواطني المملكة المتحدة، هولندا، اسبانيا، ايطاليا، المانيا، السويد، الدنمارك، ايرلندا، هنغاريا... نطالب حكوماتنا بالخروج الفوري من الاتحاد الأوروبي، وقف كل الدعم المقدم للسلطة الفلسطينية فوراً، الابتعاد عن كل السياسات والبرامج المدرسية التي تؤيد وتدعم تعدد الثقافات، وقف كل اشكال هجرة المسلمين وكل اشكال الهجرة الجماعية، ما يسمح للحكومات بأخذ فرصة لإعادة ترتيب النظام في اغلبية الدول». ويضيف هذا الاعلان «نحن سئمنا من الشعور كالغرباء في أرضنا، والتعرض للاغتصاب والسرقة والطعن والمضايقة وحتى القتل على يد عصابات عنيفة من السفاحين المسلمين، ويجري حتى الآن اتهامنا بالعنصرية وكراهية الأجانب من قبل وسائل إعلامنا ومجبرون من سلطاتنا حتى على قبول المزيد من المهاجرين من هذا القبيل». وتختم مسودة اعلان الاستقلال بأنه «اذا لم تطبق هذه المطالب كاملة، واذا لم يجرِ تفكيك الاتحاد الأوروبي، ورفض التعددية الثقافية ووقف هجرة المسلمين، نكون نحن شعوب اوروبا، قد تُركنا دون اي خيار آخر، نقول إن سلطاتنا تخلت عنا، وإن الضرائب التي تجمعها هي غير عادلة وإن القوانين التي تم امرارها من دون موافقتنا هي غير شرعية».
من جهة اخرى، وفي احدى الفقرات المعنونة: «الكنيسة ـــــ جزء من المشكلة او جزء من الحل»، يقول براييفك (علماً ان هذا الجزء كاتبه هو فيوردمان) «رغم اني لست شخصاً متديناً، فأنا مع اعادة احياء المسيحية في اوروبا. ومع ذلك، تساورني الشكوك عندما ارى عدداً من قادة الكنائس يلتقون في الاتجاهات الخاطئة عندما يتعلق الأمر بالاسلام وهجرة المسلمين». ويضيف «قيمنا الأخلاقية الغربية متأثرة بشكل عميق بالفكر اليهودي ـــــ المسيحي. هل انفتاحنا على الخارج، ونظامنا الديموقراطي والرحمة المسيحية، وتحديداً اكثر القيم التي نعتزّ بها، تقدم الغرب على انه غير قادر على تحمل الجهاد؟ المسيحي الجيّد عليه ان يدير خده الثاني والمحبة الى عدوه. كيف نوفق بين هذا والواقع الذي يفيد بأن المسلمين ينظرون الى ذلك على أنه ضعف؟».



جرائم ضد الإنسانية

قال محامي اندرس بيرينغ براييفك، غير ليبستاد، أمس، إن الاعتداءين اللذين نفذهما موكله يثبتان أنه «مختلّ عقلياً»، موضحاً أنه لم يقرر بعد ما اذا كان ذلك سيكون خط دفاعه. وقال ليبستاد في حديث إنه «يجب ان تجرى له فحوص طبية»، موضحاً ان موكله «لم يبد اي شفقة». وأضاف المحامي ان براييفك (الصورة) «يحتقر جميع الذين يؤمنون بالديموقراطية» و«يرى ان ثمة حرباً مندلعة». من جانبه، اعلن براييفك، خلال التحقيقات، وجود «خليتين اخريين في النروج وبضع خلايا في الخارج». وأوضح المحامي ان براييفك «فوجئ بتحقيق غاياته».
وتعتزم النروج ملاحقة المشتبه فيه بتهمة ارتكاب «جرائم ضد الانسانية» وعقوبتها يمكن ان تصل الى السجن حتى 30 عاماً. وأعلن المدعي العام النروجي، كريستيان هالتو، لصحيفة نروجية ان «الشرطة تعتزم الاستناد الى مادة جديدة من قانون العقوبات اعتمدت في عام 2008 تعاقب على ارتكاب «جرائم ضد الانسانية» وتنص على عقوبة السجن 30 عاماً حداً أقصى».
من جانبه، اعلن المتحدث باسم المدعي العام، ستورلا هاينركسبو، «لقد استندت الشرطة حتى الآن الى المادة 147 التي تتناول الارهاب، لكنها لا تستبعد اللجوء الى مواد اخرى».
(ا ف ب)