أجرى رئيس التشيلي تعديلاً حكومياً عميقاً في مجلس الوزراء، بعد شهرين من انطلاق الحركة الطلابية، وذلك في محاولة منه لوقف النزف المتسارع في شعبيته، التي وصلت إلى 35%. وتعدّ هذه النسبة أدنى رقم لرئيس الجمهورية منذ عودة الديموقراطية إلى التشيلي. في المحصلة، دخل 4 وزراء جدد الى الحكومة، وحصلت تعديلات في حقائب ثماني وزارات. وقد التحق بالحكومة وزنان ثقيلان من حزب «الاتحاد الديموقراطي»، الذي هو الطرف الأكثر يمينية من الائتلاف الذي يمثّل قاعدة بينييرا البرلمانية. وحافظ وزير التربية، جواكيم لافين، وهو من نفس الحزب على حقيبة وزارية مع أنه ترك التربية، ما عدّته الحركة الطلابية نصراً لها. تسلّم الحقيبة مكانه في وزارة التربية وزير العدل، فيليبي بولنز، الذي قَبِل التصدي لملف التربية المتفجر، والذي سيتحول إذا نجح بمهمته إلى مرشح جدي لرئاسة الجمهورية عن «الانبعاث الوطني»، حزب بينييرا.
أخيراً، تسلّم رجل الأعمال المستقل، لورانس بولغورن، وزير الطاقة والمناجم حقيبة الأشغال العامة. وبعدما سلّط الأضواء عليه في إنقاذ عمّال المناجم قبل عام، سيترسخ بولغورن النجم الصاعد لليمين التشيلي إذا نجح في تسريع ورشة إعادة إعمار المناطق المهدمة بعد الزلزال، الذي ضرب تشيلي في بداية العام الماضي.
بذلك، يكون بينييرا قد أعاد ترتيب بيت المرشحين المحتملين ـــــ لافين، بولنز، بولغورن ـــــ من طرف اليمين لخلافته في انتخابات نهاية عام 2013، ويبقى عليه الآن أن يعود الى ترتيب وضع شعبيته وأدائه الحكومي. الحركة الطلابية ما زالت مستنفرة ومستعدة للتصدي لمشاريع الحكومة التي صنفتها بـ «غير الجدية». يبقى أنّ الأخطر بالنسبة إلى الحكومة اليوم هو إمكان تقاطع الحركة الطلابية مع انطلاق حركة احتجاج في «قطاع النحاس»، المورد الأساسي للصادرات التشيلية.
الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى منذ ثماني عشرة سنة، نفّذ عمّال «كوديلكو»، شركة القطاع العام التي هي أول منتجة نحاس في العالم، إضراباً تحذيرياً من أربع وعشرين ساعة تحسباً لإمكان خصخصة القطاع من ضمن خطط الحكومة لتحديث الاقتصاد. أما المعارضة الوسطية اليسارية، الملتفّة تحت شعار «التوافق»، التي حكمت التشيلي منذ خروج بينوشيه حتى ولاية الرئيسة ميشيل باشليه، فلم تر في التعديل الحكومي إلا «تبادل موقع الأحجار»، وهي إشارة إلى حركة في لعبة الشطرنج لا تقدم ولا تؤخر.