خاص بالموقع- ألقى ألفريدو بيريز روباكالبا السبت الماضي خطابه الأول بوصفه زعيماً للاشتراكيين خلفاً لرئيس الوزراء الإسباني، خوسي لويس ثاباتيرو، في محاولة صعبة ــ البعض يقول مستحيلة ــ ومدروسة للحفاظ على الأكثرية في الانتخابات الإسبانية العامة المفترض انعقادها حتى شهر آذار المقبل. مهمة مستحيلة لأن المنطق يقتضي أن يعود اليمين إلى السلطة ــ كما حصل في البرتغال ــ لمعاقبة الحكومات الاشتراكية التي أوكل إليها إدارة البلد خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي ما زالت بعض دول منطقة اليورو تعاني آثارها القاتلة: البطالة التي تطاول أكثر من 20 في المئة من يدها العاملة وثلث شبابها.
مهما يكن الرضى والتناغم اللذان لاقاهما ثاباتيرو من الرأي العام في الشؤون المجتمعية، صار حسابه ثقيلاً في الاقتصاد والاجتماع. وفي محاولة للحد من الخسارة المتوقعة في الانتخابات المناطقية والبلدية في أيار الماضي، أعلن ثاباتيرو أنه لن يترشح لولاية ثالثة بعد سنة. وأتت النتائج أسوأ من المتوقع وزادت من ضغط الحزب الشعبي المعارض اليميني بزعامة الباهت مريانو راخوي، لفرض انتخابات مُسبقة يفوز بها من دون خوضها، مكتفياً بمراكمة أصوات مع ازدياد عدد العاطلين من العمل.
قبل أسبوع من الانتخابات البلدية، انفجرت «حركة الغاضبين» معمّقة فداحة الهزيمة الاشتراكية (فقدوا 3 ملايين ناخب فيما لم يكسب خصومهم إلّا مليوناً)، وألغت الحركة الانتخابات الأولية في صفوفها بين روباكالبا وشاكون وزيرة الدفاع الشابة، ومجبرة الجميع على الالتفاف حول روباكالبا بوصفه الوحيد القادر «على السباحة بين موجتين».
وروباكالبا من مواليد عام 1951، حفيد رجل دافع عن الجمهورية وابن طيّار شارك في انقلاب فرانكو، باحث كيميائي وعدّاء سباق، له اكثر من وجه، وله تأثير في أكثر من وسط.
وزير التربية الناطق باسم آخر حكومة فيليبي غونزاليس عام 1996، يعود إلى الحكومة عام 2006 بعدما تزعم الأكثرية في مجلس النواب إثر فوز ثاباتيرو المفاجئ عام 2004 بصفته وزير داخلية، ومنذ تشرين الماضي، صار أيضاً نائب رئيس الحكومة والمتحدث باسمها.
اليمين يخشى روباكالبا لأنه محنّك ومقنع، ويستطيع أن يدّعي أنه قضى على الـ«إيتا» ويستقطب بعض الوسط الذي هرب إلى اليمين.
في خطابه الأول الذي بدا مرتجلاً لكن مدروساً بدقة شكلاً ومضموناً، طرح روباكالبا مشروعه ومنهجه وخطف الأضواء بخطاب يساري وحديث وتحاور مع مطالب «الغاضبين». وبوجود كل الزعماء الاشتراكيين، وعلى رأسهم ثاباتيرو، نجح روباكالبا في صياغة خط اشتراكي ديموقراطي رسخ زعامته وأعاد الأمل في صفوف حزبه حول أربعة ملفات عالقة: العمالة والبطالة، الوضع الاقتصادي، دولة الحماية وممارسة السياسة.
خطته تقوم أولاً على إعادة كسب الناخبين الذين هاجروا الاشتراكية. رهانه يتوقف على تحسن ولو طفيفاً للوضع الاقتصادي لإجبار راخوي على الخروج إلى الأضواء وللسماح للرأي العام بالمقارنة بين مشروعين ورجلين. إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي فسيكتفي راخوي بمناقشة إرث ثاباتيرو.
في خطاب السبت، أعطى روباكالبا لثاباتيرو شهادة «رمز المصلحة العامة المترفعة عن الانتخابي والشخصي وحتى الحزبي»، وفي الوقت ذاته استعاد حريته إزاء العمل الحكومي، وهو شرط آخر في محاولة كسب هذه المعركة عكس التيار.
يبقى موعد الاستحقاق الانتخابي: المعارضة تريده اليوم، لكن ثاباتيرو كان يريد البقاء «حتى آخر يوم في الولاية». وروكالبا يراهن على حملة مقتضبة ومثيرة، ويفضل موعد تشرين الثاني، وقد يكون رأيه الغالب، إلا إذا غلب الوضع المالي والنقدي الجميع في النهاية.