سقط أحمد والي قرضاي، أمس، برصاصتين في الرأس والصدر، أطلقهما حارسه الخاص، في عملية تبنتها حركة «طالبان» الأفغانية. حدث سينعكس حتماً على المراسيم الختامية للحرب الجارية منذ أكثر من 10 سنوات، ويفترض أن يبدأ العد العكسي لنهايتها مع بداية الشهر المقبل وبدء انسحاب القوات الأميركية. تأثير الاغتيال على الحرب ينبع من أن القتيل هو إحدى أكثر الشخصيات الأفغانية المثيرة للجدل. شخصية مافيوية بامتياز، لعب على التناقضات، فكان العدو والصديق في آن واحد.
معادلة جعلت منه شخصية غير قابلة للاقتلاع. كان أمير حرب، وركناً أساسياً من العملية السياسية للمصالحة والاندماج، لكونه إحدى حلقات الارتباط مع الحركات المتمرّدة، رجل أعمال وتاجر هيرويين، ومن الرؤوس الكبيرة التي ضغطت الإدارة الأميركية خلال السنوات الماضية لاقتلاعها لدورها في الفساد المستشري في أفغانستان، معتبرةً أنه يعرقل أهداف الحرب. كان أيضاً زعيماً بشتونياً، رجلاً شهماً ومحبوباً من مناصريه.
الشخص نفسه هذا، كان عميلاً لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، وتلقى دفوعات منتظمة على مدى سنوات من الوكالة. ودفع أموالاً ضخمة كي يستأجر مجمعاً ضخماً لقوات العمليات الخاصة و«سي آي إيه». لذلك، كان أي قرار بإزاحته يتعارض مع علاقته الغامضة مع «سي آي إيه»، الموجودة بقوة في منطقة نفوذه، قندهار، ولا سيما أن مسؤولين أميركيين تحدثوا عن دوره الحيوي في محاربة التمرد. اختير أحمد والي قرضاي ليكون حاكماً لمقاطعة قندهار في 2002 ودخل إلى مجلس «لويا جيرغا» في 2004.
وفي تقرير موسع نُشر في عام 2008، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين أن إدارة جورج بوش السابقة تعتقد أن أحمد والي قرضاي متورط في تجارة المخدرات والفساد، وأنه يسيطر على نسبة من كبيرة من إنتاج الهيرويين في منطقة هلمند وفي المنطقة المحاذية للحدود الإيرانية. وهو ما نفاه قطعاً، وعدّ ذلك محاولة أميركية للضغط على شقيقه الرئيس الذي اعترض على الضربات الأطلسية التي خلفت أعداداً كبيرة من القتلى
المدنيين. في عام 2006، كانت هناك محاولة غربية للضغط على الرئيس الأفغاني لإبعاد شقيقه عن السلطة في لقاء جمعه مع السفير الأميركي ومدير «سي آي إيه» ونظيريهما البريطانيين، وظن ضيوفه أنه قد يُبعد شقيقه عن السلطة، ولكنّه رفض الاتهامات الموجهة إلى شقيقه، طالباً أدلة قاطعة لإدانته.
لكن لم يملك أحد هذه الأدلة القاطعة، رغم أنه في حالات عديدة ضُبطت شحنات من الهيرويين ليتبين لاحقاً أنها تعود إلى أحمد والي، أو أنه يتدخل بنفوذه السياسي والقبلي للإفراج عنها. المحاولات لم تتوقف، واستمر الضغط الأميركي لإزاحة أحمد والي. وفي عام 2010، عمل مسؤولون أميركيون على تقويم التهم الموجهة إليه وتلخيصها، فقالوا إنه يمول التمرد الطالباني، ويبيّض الأموال، ويستولي على الأراضي، ويجني أرباحاً خيالية من خلال تسهيل تجارة الهيرويين في المنطقة. تعرض القتيل لعدة محاولات اغتيال، قيل إنها مدبرة من «طالبان» قبل أن تنجح في الأخيرة.