يبدو أن العلاقات الإسرائيلية ـــــ التركية تسير نحو «العودة إلى مجاريها»، مستفيدة من الأحداث في سوريا، التي يبدو أنها ساهمت في عودة التقارب بين الدولتين. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، أن تركيا طلبت تخفيف تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول الأحداث الدامية التي رافقت أسطول الحرية التركي وذلك في إطار محاولات إنهاء الأزمة في العلاقات مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية قوله إن الأتراك «قلقون جداً» من التعرض لانتقادات شديدة توجهها لجنة تقصي الحقائق ضدهم ويريدون دمج تخفيف تقرير اللجنة في إطار صفقة شاملة تتضمن إنهاء الأزمة وإعادة السفير التركي إلى إسرائيل.
وقالت الصحيفة إن اللقاء السري في بداية الأسبوع الماضي بين نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه يعلون والمدير العام لوزارة الخارجية التركية، فريدون سينير أوغلو في جنيف، عُقد بناء على طلب الحكومة التركية وتمحور حول تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية الذي يتوقع نشره خلال أسبوعين. واضافت أن إسرائيل وتركيا تسلمتا نسخاً عن تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية قبل شهر ونصف الشهر وتبين أن اللجنة وافقت بنحو كامل تقريباً على الادعاءات الإسرائيلية بشأن الأحداث التي رافقت الأسطول، وأن اللجنة أقرت بأن الحصار البحري التي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة قانوني ووفقاً للقانون الدولي، ولذلك فإن العملية العسكرية لتطبيق الحصار ووقف الأسطول كانت قانونية.
وقال المصدر الحكومي الإسرائيلي إن مسودة التقرير توجه انتقاداً شديداً لحكومة تركيا، وتشير إلى وجود علاقة بينها وبين منظمة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH) التي بادرت إلى تنظيم أسطول الحرية وأرساله. وأضاف المصدر أن تقرير لجنة تقصي الحقائق يقول إن جنود وحدة الكوماندوس البحري التي أنزلت على السفينة «مافي مرمرة» وقتلت وأصابت الناشطين عملوا دفاعاً عن النفس، لكن التقرير ينتقد القوة الإسرائيلية ويؤكد أن الجنود استخدموا قوة غير متناسبة أدت إلى مقتل 9 نشطاء.
وقال المصدر الإسرائيلي إنه «في ضوء اقتراب موعد نشر التقرير فإن الأتراك يريدون التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل يمنع نشره بصيغته الحالية، وهم يريدون تخفيف المقاطع التي تم فيها توجيه انتقادات أو قد تؤدي إلى حدوث عاصفة سياسية في تركيا». وأضافت الصحيفة أن الخلاف المركزي بين إسرائيل وتركيا هو مطلب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأن تعتذر إسرائيل على قتل النشطاء الأتراك خلال مهاجمة الأسطول. وقال المصدر الإسرائيلي إنه «يوجد استعداد لدى رئيس لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة جيفري بالمر لتعديل التقرير وفقاً للتفاهمات التي ستتوصل إليها إسرائيل وتركيا».
وفي السياق نفسه، قال خبراء ودبلوماسيون أميركيون ان الأزمة السورية أعادت الدفء الى العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، ورأوا ان قمع سوريا للاحتجاجات دفع أنقرة وواشنطن إلى التعاون بنحو أوثق. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن الدبلوماسيين والخبراء قولهم إن «الاضطراب في سوريا يحفز إشارات أولية إلى دفء العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فيما تعتمد أنقرة سياسة خارجية مطمئنة تلاقي نتائج الربيع العربي».
ولفتت الصحيفة إلى ان «آخر مؤشر كان يوم أمس الجمعة، إذ نشرت الصحف التركية مقابلة مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي المتشدد داني أيالون دعا فيها الى المصالحة مع أنقرة، وأشاد بالسياسة التركية تجاه سوريا متحدثاً عن مصلحة مشتركة باستقرار الأوضاع في بلد يتشارك حدوده مع تركيا وإسرائيل». لكن الدبلوماسيين أشاروا إلى ان تركيا وإسرائيل ما زالتا على اختلاف بشأن القضية الفلسطينية وأنقرة تشدد على هدفها بتوسيع نفوذها في المنطقة.
(يو بي آي، أ ف ب)