مع بزوغ فجر اليوم، يكون الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أعلن خطته لبدء انسحاب القوات الأميركية من أفغاستان الشهر المقبل، على أن تُستكمل في عام 2014؛ سيبرّر الرئيس هذه الخطة بأنّ «المهمة قد أُنجزت» في اشارة الى مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وأن البلاد قد وُضعت على مسار المصالحة، مع إعلان وزير دفاعه روبرت غيتس قبل يومين أن الاتصالات جارية مع حركة «طالبان» لدمجها في السلطة، وأن الوقت حان لعودة القوات. وحسب التقديرات، فإن الرئيس سيعلن سحب 5 آلاف جندي هذا الصيف على أن ينسحب 5 آلاف جندي آخرين نهاية العام. وكان أوباما، فور وصوله الى البيت الأبيض، قد أرسل 33 ألف جندي إضافي الى أفغانستان في مهمة شبهها بما جرى في العراق، «الإغراق»، عبر إرسال تعزيزات عسكرية لتحقيق انجازات ميدانية ثم سحبها.
في التوقيت، الخطاب سيكون قبل أكثر من عام على الانتخابات الرئاسية الأميركية، أي إن الرئيس يهدف من خلاله الى تحقيق هجوم استباقي على الفريق الجمهوري، وسحب البطاقة الأفغانية من التداول في المعركة الانتخابية، ولا سيما أن الأصوات الجمهورية المرشحة للرئاسة بدأت تدوي مطالبةً بسحب القوات وإعادتها الى البلاد. ومع إعلان أوباما، تكون الولايات المتحدة قد بدأت فك ارتباطها بأفغانستان بعد حرب استمرت أكثر من 10 سنوات وكلفت الخزينة الأميركية مئات المليارات من الدولارات.
ويتوقع أن يفي أوباما بوعده بسحب القوات، لكن مع الالتزام بتحذيرات وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون» من أن أي انسحاب سريع يمكن أن يهدّد المكاسب التي سجلت في النزاع مع «طالبان». وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في وزارة الدفاع إن الرئيس قد «يأمر على الأرجح بعودة نحو خمسة آلاف جندي هذا الصيف وخمسة آلاف آخرين بحلول نهاية العام».
وسيسحب العشرون ألف جندي الآخرين الذين كانوا ضمن التعزيزات التي أُرسلت وبلغت أكثر من 30 ألف عنصر، بحلول نهاية العام المقبل، ما يعني أن العدد المرتفع للقوات الأميركية سيبقى لفصلي صيف آخرين في أفغانستان. واذا تأكد سحب عشرة آلاف عنصر، فسيكون أعلى من الانسحاب الأساسي المتواضع، الذي دعا اليه «البنتاغون»، فيما يسعى أوباما جاهداً الى التوفيق بين المتطلبات السياسية والاستراتيجية.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، في بيان مقتضب، «سيخاطب الرئيس الأمة من البيت الابيض لعرض خطته الهادفة الى تطبيق الاستراتيجية التي أعلنها في كانون الأول 2009 والقاضية بسحب جنود من افغانستان».
وكان أوباما قد اعلن حينها ارسال تعزيزات إضافية على أن يبدأ عملية انسحاب في تموز 2011، أي الشهر المقبل. وقد وصف كارني المعلومات حول حجم الانسحاب التي صدرت حتى الآن بأنها «تكهنات»، لافتاً الى أن أوباما اتخذ قراره ووضعت اللمسات الأخيرة عليه يوم الثلاثاء. وشدّد كارني على أنّ الشق الأساسي في المهمة هو الحاجة إلى إرساء الاستقرار في أفغانستان، لكي لا تتحول مجدداً الى ملاذ للمجموعات الإرهابية، بنحو يسمح بالالتزام باستحقاق 2014 لتسليم القوات الأفغانية المسؤوليات الامنية.
ويقول منتقدو الحرب إنه بعد مقتل اكثر من 1600 جندي اميركي وكلفة الحرب التي بلغت 10 مليارات دولار شهرياً،0 من غير الممكن ابقاء مستوى الالتزام الأميركي على حجمه الحالي البالغ 99 ألف عنصر.
يأتي هذا الإعلان فيما يواجه أوباما مزيداً من الأصوات التي ترتفع في الكونغرس مطالبةً بإنهاء العمليات العسكرية في أفغانستان. وقد أكّد السناتور الديموقراطي كارل ليفين أن الظروف الأمنية التي شهدت تحسناً ستتيح لأوباما سحب نحو 15 ألف عنصر مقاتل بحلول نهاية العام. وقال إن «مستوى خفض القوات الأميركية في أفغانستان يجب أن يكون كبيراً ليحقق هدفه، أي افساح المجال أمام الحكومة الأفغانية لتعرف مدى تصميمنا على نقل المسؤوليات الأولوية لأمنهم الى القوات الأمنية الأفغانية».
بدوره، أشار السناتور الديموقراطي جون كيري الى أن أوباما يجب أن يغير المسار الأميركي في افغانستان. وقال إن الولايات المتحدة نجحت في اضعاف «القاعدة»، مضيفاً أن «هذا الأمر ينبغي أن ينعكس على عدد الجنود على الأرض وعلى تحديد (ماهية) المهمة».
ويأتي إعلان أوباما بعد أقل من شهرين على عملية الكومندوس الأميركية التي ادت الى مقتل اسامة بن لادن. وبما أن المهمة في أفغانستان حُدّد هدفها جزئياً بأنه جهد لهزم وتفكيك وتعطيل عمل «القاعدة»، يتساءل بعض منتقدي الحرب حول أسباب ابقاء أميركا مثل هذا العدد المرتفع من القوات هناك.
وقد أظهر استطلاع للرأي نشره مركز «بيو» أول من أمس أن 56 في المئة من الأميركيين يؤيدون انسحاباً من أفغانستان في أقرب وقت، فيما يأمل 39 في المئة منهم أن يبقى الجنود في هذا البلد «حتى استقرار الوضع».
(الأخبار، أ ف ب)