حقّق «الغاضبون» الإسبان إنجازاً بالخروج بالآلاف إلى الشوارع ضد الخطط التقشفية في منطقة اليورو. وكانوا يلبوّن دعوة أوروبية للتحرك ضد «عقد اليورو»، الذي من المفترض أن يقرّه البرلمان الأوروبي في الأيام المقبلة.ويمثّل هذا العقد التدابير التي اتفقت عليها 27 سلطة مالية تعتمد على اليورو في محاولة منها لضبط الاضطربات الحاصلة في عدد من دولها (اليونان، إيرلندا، البرتغال وربما إسبانيا). ويهدف العقد أيضاً الى تنظيم السياسات الاقتصادية في بوتقة واحدة تحدد وصفاتها النيوليبرالية تلك التي تطبّقها ألمانيا (محركة المجموعة) على نفسها: مكافحة العجز في الحسابات العامة ومن ضمنها قوانين التقاعد، والتطابق بين الأجور والإنتاجية، وتشجيع التشغيل بالإعفاء المالي، في موازاة تشريعات مصرفية جديدة مسبقة (لاحقة ومستقلة) لمحاولة توحيد ضريبة الشركات في مجال اليورو.
في المحصّلة، تؤمن ألمانيا بأن منطق العملة الواحدة يقود إلى وزارة اقتصاد، والأصح، وزارة مالية واحدة لموازاة سلطة المصرف المركزي الأوروبي. وهذا «المنطق» العقلاني والمستحيل في آن واحد، يدلل على مأزق اليورو في غياب الأفق السياسي. أما نقابات اليونان، فهي مثل شبيبة إسبانيا تحاول الفرار من دور الحطب في هذا التعقلن الحارق.
وقد يكون إنجاز «الغاضبين» أنهم نجحوا مجدداً في تنزيل كم كبير من الشباب إلى الشوارع في كافة مدن إسبانيا (وبحشود كبيرة في مدريد وبرشلونة وفالنسيا، عصب التحرك)، وذلك بعدما واجهت الحركة هجوماً مركّزاً من كافة وسائل الإعلام، التي حمّلتها مسؤولية منع نواب البرلمان الكاتالوني من الوصول إلى مقرهم. أول من أمس، يتفق الجميع على أنه نزل إلى الشوارع أكثر من 200 ألف شاب وتظاهروا على نحو سلمي واحتفالي وطالبوا، إضافةً إلى موضوع الدعوة، بتغيير النظام الأنتخابي، كما نددوا بالفساد السياسي.
الإنجاز الذي تأكد أمس بالحشود التي نزلت أن ما حدث في 19 حزيران الماضي أهم حتى من 15 أيار، لما يمثله من عمل تمأسس في الأحياء والبلدات.
وثمة ما يؤكد أن التحرك وجد ليستمر، فبعد الانطلاقة أتى المخيم، ثم تظاهرة 15 حزيران التي كانت تحركاً متعلقاً بالانتخابات.
وكان من الممكن أن تمثّل 15 حزيران الخاتمة، إلا أن هذا التحرك الذي أعاد البطالة إلى الوسط أعاد الحركة إلى جذورها.
في موازاة ذلك، بدأت من فالنسيا مسيرة ستسافر أكثر من 500 كيلومتر وتستمر 34 يوماً وتتوقف في 29 محطة قبل أن تصل إلى مدريد في 23 تموز، وهناك ستلتقيها مسيرة ستخرج السبت من برشلونة، وموعدهما في مدريد مع «طريق الجنوب» الآتية من الأندلس و«طريق الشمال» من بلاد الباسك، وأستوياس وغاليسيا لـ «طريق الشمال الغربي» ومادورا لـ «طريق الحدود» مع البرتغال.
وعلى الطريق، ستتوقف هذه المسيرات لشرح آلية التحرك وللاستماع إلى مطالب الناس ونقلها إلى التجمع في مدريد.
والمحصلة أن ما حصل الأحد ليس خاتمة، إنه نقطة الانطلاق.