على وقع التظاهرات الغاضبة، وفي ظل أزمة مديونية تهدّد الاتحاد الأوروبي برمّته، أعلن رئيس الحكومة اليونانية جورج باباندرو، أمس، أن أثينا تجري محادثات مع المانحين الدوليين من أجل حزمة قروض ثانية تساوي تقريباً الحزمة الأولى، التي تقدّر بـ 110 مليارات يورو (أي ما يعادل 157 مليار دولار)، داعياً الى استفتاء على دستور يغير النظام السياسي الاشتراكي للبلاد.
وألقى باباندرو، خلال خطابه أمام البرلمان الذي دعاه إلى التصويت على إجراءات التقشف، باللوم على القطاع العام «المنتفخ وغير الفعال»، الذي أغرق البلاد في أزمتها المالية، ووعد بإحداث تغييرات عميقة مع الاستفتاء المرتقب على الدستور، الذي سيسهل عملية التخلص من العاملين والمسؤولين غير الكفوئين.
وقال «أطلب التصويت بالثقة لأننا في مرحلة حرجة. الدين والعجز مشكلتان وطنيتان جعلتا اليونان في حالة من التبعية يمكن أن تحمينا من الإفلاس، لكن علينا الخروج منها». ودعا الى استفتاء في الخريف المقبل على تعديلات في النظام السياسي، ومن ضمنها الدستور. وقال إنه سيعين لجنة مستقلة من 25 شخصاً لجمع الاقتراحات من المواطنين، ورفع تقرير إليه قبل التصويت. وأوضح أن التعديلات الدستورية ستسهل عملية ملاحقة الموظفين الحكوميين المخالفين، والمحميين حالياً بقانون عام صارم. وأضاف إن التغييرات ستتضمن أيضاً تخفيف عدد النواب، ووضع تمويل أكثر شفافية للأحزاب السياسية والمرشحين، بموجب نظام انتخابي جديد.
وأوضح رئيس الحكومة أن القرض الأساسي الافتراضي الذي كان من الممكن أن تحصل عليه اليونان من الأسواق في 2012 لم يعد متوافراً، لكنه أصرّ على أن الحكومة الاشتراكية فعلت كل ما يلزم لذلك، عبر تطبيق إجراءات تقشف صارمة، وخفض العجز من نسبة الدخل القومي بـ 5 في المئة في 2010. وألقى اللوم على وكالات التصنيف والملاذات الضريبية «مشتقات المضاربين» ووسائل الإعلام لنشر الذعر وتثبيط عزيمة المستثمرين المحتملين.
وتسديد قروض قيمتها 12 مليار يورو هو الأمر الأكثر إلحاحاً بالنسبة الى اليونان التي ترزح تحت الديون. وتحتاج أثينا الى مئات مليارات اليورو حتى نهاية 2014 توزع على قروض جديدة وعمليات خصخصة ومشاركة المصارف وجهات أخرى خاصة معنية بالديون اليونانية.
في هذه الأثناء، يستعدّ الأوروبيون لمساعدة اليونان عبر تحريك قروض تسمح لها باجتياز فصل الصيف قبل خطة مساعدة على الأمد الطويل. وأكّدت المفوضية الأوروبية أن وزراء مالية منطقة اليورو، الذين يجتمعون في لوكسمبورغ اليوم، سيصدّقون على دفع 8,7 مليارات يورو لأثينا مطلع تموز.
وهذه حصتهم من جزء من قرض بقيمة 110 مليارات يورو على ثلاث سنوات منح العام الماضي لليونان، في إطار خطة إنقاذ أولية وُضعت بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وتعدّ مسألة مشاركة القطاع الخاص التي فرضتها ألمانيا ودول أخرى مثل هولندا والنمسا وسلوفاكيا، حساسة جداً، لأنه ينبغي بأي ثمن تفادي قيام السوق باعتبار اليونان متخلفة عن السداد، مما قد يخلق أجواءً من الهلع في منطقة اليورو كلها.
وقبلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تكون مشاركة المصارف وصناديق الاستثمار «طوعية»، لكنها شدّدت على أن المشاركة يجب أن تكون كبيرة. لتكون بذلك قد انضمت الى السيناريو الذي فضلته باريس وبروكسل والبنك المركزي الأوروبي، وأُطلق عليه اسم «مبادرة فيينا».
ويدرك الأوروبيون أن رهانهم كبير لأن «إفلاس اليونان قد ينتقل الى البرتغال وايرلندا والى بلجيكا وايطاليا واسبانيا بسبب حجم الديون»، كما قال رئيس «يوروغروب» جان كلود يونكر.
على مستوى الشارع، شارك آلاف اليونانيين الغاضبين في مسيرة الى مبنى البرلمان احتجاجاً على خطط الحكومة، رغم استبعاد باباندرو وزير ماليته جورج باباكونستانتينو مهندس برنامج التقشف لخمس سنوات، الذي أشعل الاحتجاجات منذ أكثر من 3 أسابيع.
وخرج نحو 5000 محتج من الحزب الشيوعي اليوناني إلى ميدان سينتاغما في وسط العاصمة اليونانية، حيث تحولت التظاهرات إلى أعمال عنف الأسبوع الماضي وهم يهتفون «الإجراءات تقتلنا!».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)