ليس مفاجئاً أو جديداً معرفة أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع حركة «طالبان» المتمردة، فهذه استراتيجية اعتمدتها إدارة باراك أوباما منذ أن وصلت الى الحكم، لكن الحدث هو الإعلان الرسمي عن ذلك. ويكمن التحدي الرئيسي الآن في الوصول الى زعيم الحركة، الملا عمر، في خطوة من شأنها أن تسمح بخروج القوات الأطلسية من البلاد بعد 10 سنوات من الغزو. وقال وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، إن الولايات المتحدة، وعدداً من الدول الأخرى، تُجري محادثات أولية مع حركة «طالبان». وأضاف «أستطيع أن أقول إن هذه الاتصالات هي أولية للغاية في هذه المرحلة»، مؤكّداً أنّ من المهم جداً تحديد «من الذي يمثل طالبان» قبل الانتقال الى محادثات مع جهات تزعم أنها تمثل زعيم «طالبان» الملا عمر. وتابع «لا نريد أن ينتهي بنا الأمر بأن نجري محادثات في مرحلة من المراحل مع شخص يعمل لحسابه الخاص».
وكان قد أُعلن العام الماضي عن محادثات بين الولايات المتحدة وحلفائها وقيادي في «طالبان»، ليتبين لاحقاً أنه رجل عادي من كويتا سخر من المسؤولين الغربيين، وزعم أنه مسؤول بارز في «طالبان»، مبعوث الى كابول.
وكان الرئيس الأفغاني حميد قرضاي قد أعلن في مؤتمر صحفي أنه «تُجرى محادثات سلام مع «طالبان». وتقوم بهذه المفاوضات القوات الأجنبية وخاصة الولايات المتحدة نفسها»، في أوّل تأكيد رسمي على إجراء تلك المحادثات بعد عشر سنوات من الحرب. وأشار الى أن الجهد الأفغاني تجاه إجراء محادثات سلام لم يصل بعد الى مرحلة عقد اجتماع بين الحكومة والمتمرّدين، لكنّ ممثلي الطرفين على اتصال.
وتأييد زعيم «طالبان»، الملا عمر، أساسي في أي صفقة للتوصل الى وقف لإطلاق النار أو اتفاق لتقاسم السلطة، لكن مكان إقامته لا يزال مجهولاً. وقد كشف المحلل والمؤلف الباكستاني، امتياز غول، أن الممثل الأميركي الخاص لأفغانستان وباكستان، مارك غروسمان، طلب منه في وقت سابق من هذا الشهر المساعدة على تعقب الملا عمر. وأوضح أن «غروسمان أخبرني أن الولايات المتحدة تبحث عن أشخاص يستطيعون الإدلاء بمعلومات واضحة للوصول الى الملا عمر». وأضاف «أعتقد أن الولايات المتحدة ترى أن الملا عمر لا يزال عنصراً أساسياً في التوصل الى سلام في أفغانستان. فقد قال لي مسؤول أميركي: لا نريد التخلص منه. نحن مهتمون جداً بالتحدث معه».
وكانت مجلة «دير شبيغل» الألمانية قد ذكرت الشهر الماضي أن برلين ساعدت مسؤولين أميركيين على الاتصال بطيب آغا، السكرتير الشخصي وصهر الملا عمر الموثوق به، الذي يقال إنه نائب رئيس اللجنة السياسية في حركة «طالبان».
ورأى المحلل الأفغاني ومسؤول الاستخبارات الباكستاني السابق، سعد خان، أن الاتصالات في ألمانيا «مبدئية واستكشافية»، إلا أن آغا شارك فيها بـ«مباركة الملا عمر الكاملة». وأكد «أعتقد أن الولايات المتحدة و«طالبان» أدركتا أن عليهما أن تتحدثا معاً».
من جهة ثانية، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين قولهم إن حملة الغارات الجوية المكثفة والعمليات السرّية في باكستان، وخصوصاً الغارة التي أدّت إلى مقتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، تركت التنظيم في حالة من الشلل، وقادُته إما هم في عداد الموتى، أو محشورون في المنطقة الحدودية قرب أفغانستان.
وأشار المسؤولون إلى أن من بين 30 قائداً بارزاً في القاعدة حددتهم وكالات الاستخبارات كأهداف، فإن 20 قتلوا العام الماضي، منهم الرجل الثالث في التنظيم، الشيخ سعيد المصري، والياس كشميري. ورأوا أن النجاح الأميركي في حملة مكافحة «الإرهاب» سيدعم الحجج الداعية إلى تنفيذ انسحاب سريع من أفغانستان، وهي مسألة تبحثها الإدارة الأميركية. لكن إسلام آباد تحرص دوماً على إبداء معارضتها في العلن لهذه الضربات الجوية، التي تشرف عليها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي ايه» وتثير نقمة الأهالي، رغم مباركتها الضمنية لها. وقد أعلن وزير الداخلية الباكستانية رحمان مالك، في هذا السياق، أن بلاده دولة سيّدة ولن تسمح لـ«سي أي إيه» بإطلاق عمليات فيها.
على المستوى الميداني، أعلنت القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في افغانستان «إيساف» التابعة لحلف شمال الأطلسي مقتل 4 من جنودها «إثر إصابتهم بجروح غير مرتبطة بمعارك السبت في جنوب أفغانستان». ولم تذكر أي تفاصيل عن ملابسات مقتلهم أو جنسياتهم، لكن بريطانيا نعت أحد جنودها في البلاد.
(أ ف ب، يو بي آي، أب)