قبل الهزيمة التاريخية التي تلقوها في الانتخابات المناطقية والبلدية منذ أسبوع، كانت الكرة بيد الاشتراكيين لاختيار خليفة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، بين نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية المحنك ألفانسو بيريز روباكالبا، وهو في الأساس عداء سريع، وبين وزيرة الدفاع الشابة كارمي تشاكون، لاعبة كرة السلة. وكان الاتفاق أن يبقى ثاباتيرو لنهاية الولاية، بعد عشرة أشهر، على رأس السلطة التنفيذية، وأن يحافظ مؤقتاً على أمانة الحزب العامة.لكن وقع الخسارة حرك المستنقع. بدأت أصوات القيادات الحزبية المناطقية تعلو لتطالب بإجراء مؤتمر عام، بدلاً من الانتخابات الأولية التي قد تقسّم الحزب وتُسهم في انكشاف الحكومة. أمام الهجمة، فضلت شاكون التريث، تاركةً لروباكالبا شرف خوض المعركة الأساس بعد 10 أشهر، وبرّرت انسحابها بأن استمرارها في السباق هدّد استقرار الحكومة، وأدى إلى انتخابات مسبقة، وهذا ما يريد الاشتراكيون تحاشيه. وخرج الاشتراكيون بعدها على وئام بعد إيجاد صفقة زمنية تناسب الجميع.
وفي المحصلة، روباكالبا هو المرشح لانتخابات 2012. وشاكون سيأتي دورها لا محالة. أما ثاباتيرو فيشرف على الحكومة والحزب قبل الانتخابات. وأول ما قاله روباكالبا، رجل المهمة المستحيلة، أن «الحزب ليس حزب الهزائم المشرفة بل الانتصارات الديموقراطية». وقد اختارته القيادة الاشتراكية لهذا السبب، كما قال له ثاباتيرو «أنت الذي ركضت 100 متر بـ10 ثوان قادر على تحقيق الفوز بـ10 أشهر». ورد له هذا الأخير التحية بأجمل منها «أنت عداء المسافات الطويلة والزمن سيبرهن أنك كنت على حق»، في إشارة إلى الإصلاحات البنيوية التي يشرف عليها ثاباتيرو للتغلب على الأزمة الاقتصادية.
أما اللاعب الثاني فهو الفائز الكبير في الانتخابات، زعيم الحزب الشعبي اليميني المعارض، ماريانو راخوي. عيّنه خوسي ماريا أثنار خلفاً له. رجل يفتقر إلى كاريزما القيادة التقليدية. خسر الانتخابات في 2008. بعد هزيمته، تحرّر من عرّابه وابتعد عن فكره العقائدي لمصلحة «وسطية باهتة»، لأنّه يرى أن إسبانيا «يسارية في تركيبتها»، وأن اليمين لا يستطيع أن يفوز إلا عندما يمرّ الاشتراكيون في حالة إحباط.
بعد فوزه التاريخي، أخذ اليمين يقتنع بخطته التي تتلخص بترك الأزمة الاقتصادية تعمل فعلها بدلاً عنهم. والتدقيق في النتائج يؤكّد نظريته، إذ لم يكسب حزبه إلا نصف مليون صوت، فيما خسر الاشتراكيون مليوناً ونصف مليون من الأصوات.
الحذر، العناد، التروي، هذه خطة راخوي. يفضل ألا يقول شيئاً كي لا يرتكب خطأً. ليس سياسياً تقليدياً، يفضل ألا تتكلم عنه إيجاباً أو سلباً.
في المقابل، لم يقل راخوي شيئاً عن اللاعب الثالث الجديد، الحركة الشبابية التي تحتل ساحات البلد والتي بدأت تنتشر في دول أخرى مثل اليونان أو فرنسا. صفحة جديدة كتبها الشباب الذين ألهمتهم الثورات التونسية والمصرية ليقولوا بدورهم «كفى» للأزمة التي تستنزف إسبانيا. حاولوا نهاية هذا الأسبوع أن يحددوا ماذا يريدون، وبأي شروط سينسحبون من الشوارع، وكيف سيتابعون المسيرة؟ لكن سرقتهم مباراة برشلونة الساحرة. وبعد محاولة إخراجهم بالقوة من شوارع برشلونة، قرروا الاستمرار، على الأقل حتى اليوم. مدريد، العاصمة هي قلب التحرك، حيث عُقد نهاية هذا الأسبوع 121 اجتماعاً في الساحات والأحياء شارك فيها نحو 20 ألفاً من الغاضبين أو الحانقين، كما يسمون أنفسهم. الوقت قصير، لكن الحماسة كبيرة لاكتشاف نمط جديد من التدخل في السياسة. همهم الأساسي ألا تنتهي «اليوتوبيا» التي ولّدوها عندما تدق لحظة الخروج من الشارع.