انطلاقاً من دور صندوق النقد الدولي في مساعدة دول أوروبية عدة مثل اليونان وايرلندا والبرتغال على معالجة ديونها الضخمة، يعدّ اختيار المرشح الأنسب لملء منصب الرئيس أمراً في منتهى الدقة. وتصرّ العديد من الدول التي لا تنتمي إلى منطقة اليورو على كسر التقليد السائد منذ إنشاء الصندوق عام 1945 بتولّي أوروبا منصب المدير، في مقابل حصول الولايات المتحدة على رئاسة البنك الدولي. صحيفة «الغارديان» البريطانية نقلت دعوة وزير المال الياباني يوشيهيكو نودا إلى تنفيذ ما توافقت عليه مجموعة العشرين، واختيار رؤساء المنظمات المالية الدولية وكبار القادة استناداً إلى قدراتهم، وعبّرت البرازيل عن أملها أن توكل المهمة إلى شخصية موثوقة من الدول النامية. الصين أيضاً دخلت على خط الجدال الحاصل، مشددةً على حق هذه الدول في تبوّء مناصب عالمية متقدمة، وخصوصاً أن عملية الانتخاب لن تنتهي قبل أشهر. وبالتزامن مع «الصراع» الدائر منذ ما قبل تخلّي دومينيك شتراوس ـــــ كان عن مهماته، بات شبه مؤكد تصدّر وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد لائحة السباق إلى المركز، وتقدمها على كل من ثارمان شانماغاراتنام من سينغافورا والبرازيلي أرمينيو فراغا نيتو والهندي مونتيك أهلواليا. وفي سياق متصل تطرّقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إلى «تأزّم» من نوع آخر في ملعب العواصم الكبرى يتعلق بمناقشات تدور حول إمكانية إسناد الأعمال الرئاسية بدايةً إلى أوروبي إلى حين انتهاء مدة الخمس سنوات الخاصة بشترواس ـــــ كان ونقلها في ما بعد إلى شخص من منطقة أخرى. غالباً ما يمثّل هذا النوع من الأحداث مفتاحاً للشخصيات يُستخدم في التنقيب عن تفاصيل تكمن في زوايا مؤسسات دولية، قلّما يخطر في بال أحد البحث عنها. ففي تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، تحدثت عن الأيام الطويلة التي يقضيها موظفو صندوق النقد الدولي في وسط واشنطن تحت إمرة أهم رجال الاقتصاد في العالم. في ذلك المبنى يكاد العاملون «يلتصقون» بعضهم ببعض لأسابيع خلال «المهمات العابرة للبحار»، حينها يصبح من الطبيعي أن تتطور علاقات وتزدهر قصص حب كثيرة، وفي بعض الحالات «يجري تخطي كل الخطوط الحمراء». وبحسب الصحيفة فقد حاول صندوق النقد الدولي «التنويع» من خلال تعيين عدد أكبر من النساء، لكن لم تشغل سوى 6 منهن مراكز إدارية من أصل 30 مركزاً.
وحاولت مجموعة كبيرة من هؤلاء تجنّب ارتداء التنانير القصيرة مخافة جذب انتباه «قد يؤدي بهن إلى مواقف محرجة»، وهناك همسات تفيد بأن المديرين يعبّرون عن رغباتهم بطريقة «تفوق حدود الصراحة». وقد توصّل تقويم داخلي أجري في المؤسسة عام 2008 إلى خلاصة مفادها أن غياب الفضائح المعلنة يعد نوعاً من «حسن الحظ» أكثر منه تصرفاً لائقاً وتخطيطاً جيداً. المقابلات والمستندات تصور النساء في الداخل عرضة لكل أنواع الاعتداءات، علماً أن قوانين الولايات المتحدة لا تطبق داخل جدرانها، وحتى نهاية الشهر الماضي تضمنت بعض القواعد الداخلية لصندوق النقد الدولي مواد «غير مبررة» ـــــ تعد بمثابة خطوط عريضة، شجعت المديرين على إغواء النساء العاملات معهم: «العلاقات الشخصية والحميمة بين الرئيس والمرؤوس لا تمثّل، بحد ذاتها، اعتداءً». وهناك العديد من محاضر التحقيقات التي أجريت داخل المؤسسة يتحدث بعضها عن سكرتيرة أقامت علاقة مع مديرها، بعدما وعدها بالتغاضي عن أخطائها العملية، وعن صبية استقالت بعدما أهمل المسؤولون شكواها على رئيسها الذي أصر على إقامة علاقة جنسية معها... واللائحة تطول. في المقابل، شددت فيرجينيا كانتر التي أوكلت إليها العام الفائت مهمة التحقيق في الادعاءات المقدمة حول التحرشات الجنسية داخل المؤسسة على الحزم الذي تبديه الإدارة في معالجة هذا الموضوع «حين لا يكون للأمر صلة بالعلاقات التي تنشأ بنحو عادي بين الزملاء».