شباب إسبانيا أيضاً تحركوا على نموذج ميدان التحرير المصري، واختاروا شعار «ديموقراطية حقيقية فوراً». احتلوا نحو 65 أو 70 ساحة في مدن عدة، منها برشلونة وبلباو وأشبيليا وفالنسيا وغيرها، حتى مدريد، حيث تجمعوا في نقطة بويرتا ديل سول. قرر الشباب البقاء في الشارع حتى الانتخابات البلدية والمناطقية التي تجري غداً الأحد، وانتظموا تحت أسماء «حركة 15 أيار» أو «حركة الحانقين». هدفهم حجز بطاقة دخول إلى لعبة سياسية «حقيقية» تحركها الأزمة الاقتصادية، التي تختلف عن لعبة التجاذب في 22 أيار بين الحزبين المهيمنين، الحزب الاشتراكي الذاهب إلى هزيمة أكيدة، الذي قرر زعيمه خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو اعتزال الحياة السياسية بعد عام، والحزب الشعبي المحافظ والمعارض الذي يريد زعيمه الباهت ماريانو راخوي أن يوسّع رقعة انتصاره المرتقب ليوظفه في الانتخابات العامة بعد عام.وفي مقابل هذا الصراع، ظهر حراك شبابي أول الأسبوع، تحول إلى حراك وطني صار يضم متقاعدين وعاطلين من العمل وأناس كرهوا الفساد. ولا يبدو أن المعادلات الانتخابية التي ستخرج من صناديق الاقتراع الأحد ستغير الكثير، لذا دعا الشباب إلى عدم الاقتراع لمرشحي الحزبين.
ويبدو أن الحزب الاشتراكي ذاهب إلى هزيمة نكراء في الانتخابات المحلية أسوة بالتي تلقاها عام 1995، والتي مهدت إلى وصول خوسي ماريا أزنار إلى السلطة بعد عام. ومن المرجح أن يخسر معاقل تاريخية مثل منطقة كاستيليا ومدينة إشبيليا التي لم يخسرها منذ عودة الديموقراطية، إضافة إلى بلدية برشلونة لمصلحة المحافظين الكاتالونيين.
الاشتراكيون يعانون الإحباط: أصلاً، فقط 40 في المئة من ناخبيهم ينوون المشاركة، فيما 80 في المئة من ناخبي خصومهم سيتوجهون إلى الصناديق. الفارق بين الحزبين فاق 10 نقاط لمصلحة حزب راخوي المعارض. صراع يأتي وسط عاطلين من العمل يلامسون عتبة الـ5 ملايين، نصفهم من الشباب. أسوأ من ذلك، في بعض المناطق مثل الأندلس وجزر كانارياس وفالنسيا، تتخطى هذه النسبة 50 في المئة بين الشباب.
الفساد والمسألة الباسكية يستقطبان اهتمام الحملة. وقد برزت المسألة الباسكية بعدما أعلنت منظمة «إيتا» خلال الحملة تخليها عن «الضريبة الثورية»، وهي الخوة التي كانت تفرضها على رجال الأعمال لتمويل نشاطه.
يتساءل الإسبان كيف ستكون المساكنة الأحد بين الحراك الشبابي والحراك الانتخابي. الحكومة تحاول سحب المتظاهرين من الشوارع، ولا تدري كيف تقوم بذلك. لكن ماذا عن يوم الاثنين؟ هل يبقى الحراك الشبابي في الشارع؟ وكيف يندمج في الحياة السياسية؟ هل ينجح في إيجاد لاعب ثالث قادر على التأثير بالخيارات الاقتصادية؟ بعض المراقبين رأوا فيه صيغة مستوردة من الثورات العربية، مع أن مطالبه مغايرة.