الحراك الدولي في ما يخصّ الملف الفلسطيني بات كله يصبّ باتجاه احتواء استحقاق أيلول، الذي يريده الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس موعداً للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وعلى هذا الأساس جاء اقتراح باريس لعقد مؤتمر لحل الصراعذكر تقرير إسرائيلي، أمس، أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي اقترح على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد مؤتمر سلام في باريس في نهاية حزيران المقبل، تطرح خلاله مبادرة سلام تتضمن بنداً جديداً واحداً يتعلق بالاعتراف بيهودية إسرائيل. وقالت صحيفة «معاريف» إن ساركوزي قدم اقتراحه لنتنياهو خلال لقائهما في باريس الأسبوع الماضي. ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، فإن الخطوط العريضة للمبادرة الفرنسية تشمل انسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، فيما تكون إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي، بينما لا يسمح للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلا إلى الدولة الفلسطينية، وقيام الدولة الفلسطينية سيمثّل نهاية الصراع بين الجانبين.
وتطرق نتنياهو، لدى خروجه من اللقاء مع ساركوزي في قصر الإليزيه، إلى الاعتراف بالدولة اليهودية. وقال إن «أساس الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين هو قضية الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. وخلال اللقاء مع ساركوزي سمعت قولاً واضحاً عن هذه القضية».
ووفقاً للتقرير الإسرائيلي، فإن ساركوزي يقترح عقد مؤتمر سلام في حزيران المقبل في موازاة اجتماع الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، الذي سيلتئم في الوقت نفسه في العاصمة الفرنسية. ووفقاً للصحيفة، فإن ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أوضحا خلال لقائهما مع نتنياهو الأسبوع الماضي أنه إذا لم يوافق نتنياهو على استئناف المفاوضات وعملية السلام مع الفلسطينيين، فإن دولتيهما قد تؤيدان الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية لدى التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل.
وفيما لم يأت رد واضح من نتنياهو على العرض الفرنسي، جاء كلام الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز متماشياً مع المساعي الأوروبية. إذ قال، في مقابلات أجرتها معه الصحف الإسرائيلية «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» و«إسرائيل اليوم» لمناسبة ذكرى احتلال فلسطين وقيام إسرائيل الذي يصادف اليوم، إن «إسرائيل ستكون مضطرة إلى تفكيك قسم من المستوطنات في أي اتفاق مع الفلسطينيين». ورأى أن «السلام هو الخيار الوحيد لدى إسرائيل والعرب».
وأوضح بيريز «علينا أن نعلم أنه في أي اتفاق مستقبلي ستكون إسرائيل ملزمة بإزالة مستوطنات، وأنه إما أن يحصل المستوطنون على تعويض مالي، أو يضطروا للانتقال إلى الكتل الاستيطانية الثلاث مع تبادل أراضٍ». ورأى أن «بالإمكان اليوم التوصل إلى تسوية من خلال مفاوضات سرية فقط، فالفجوات صغيرة جداً وهي عبارة عن نسبة مئوية معدودة». لكنه رأى أنه «إذا أعلن قيام دولة (فلسطينية) من جانب واحد، فإن هذا يعني استمرار الصراع وسفك الدماء».
وتطرق بيريز إلى اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس»، وقال إنه «ليس هناك مشكلة لدى إسرائيل مع وحدة فلسطينية، وإنما لدينا مشكلة مع دعم الإرهاب، فالمحادثة تحتاج إلى شخصين وحماس لا تريد التحدث معنا». وأردف «إذا أرادت حماس التحدث فسنقول لها إن عليكم أولاً وقف إطلاق النار، لأنه لا يمكن التحدث وإطلاق النار في الوقت نفسه، وكان هذا أيضاً الشرط الذي وضعناه في الماضي أمام (الرئيس الفلسطيني الراحل) ياسر عرفات بأن يتوقف عن الإرهاب ويعترف بدولة إسرائيل، وتم قبول موقفنا».
ورأى بيريز أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يبقى «بالمطلق» شريكاً في السلام، رغم اتفاق المصالحة. وقال «لقد انتقدت عباس (بخصوص هذا الاتفاق)، لكن ذلك لا يلغي ضرورة الحوار معه. لا أنوي التخلي عن معسكر السلام لدى الفلسطينيين رغم أنني أنتقده».
إلى ذلك، قررت فرنسا أمس تحويل 10 ملايين يورو إلى السلطة الفلسطينية، وطالبت إسرائيل باستئناف تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة.
وذكر بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن المبلغ يأتي في إطار دعم فرنسا لبناء المؤسسات المستقبلية لدولة فلسطين، والذي ترجم بمساعدات بقيمة 68 مليون يورو سنوياً بين عامي 2008 و2010، بينها 25 مليون يورو مساعدة من الموازنة.
وقال البيان إنه «في الوقت الذي يبدو فيه الوضع المالي للسلطة الفلسطينية متوتراً، تعدّ هذه الأموال مساهمة في تسديد رواتب الموظفين». وأشار إلى أن فرنسا ترى أن «الحكومة الفلسطينية بإدارة سلام فياض، تقدم جميع الضمانات الضرورية لجهة الشفافية في المالية العامة، والاستخدام السليم للمساعدات الدولية».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)