لا يزال المسؤولون الأميركيون يكشفون بعض التفاصيل المتعلقة بعملية الكوماندوس التي قتلت زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، ويناقشون نشر صور مقتله من عدمه، في وقت تشهد فيه أميركا وباكستان مواجهة كلامية، من خلال تصريحات المسؤولينأعلن موقع «بوليتيكو» الأميركي نقلاً عن ثلاثة مصادر شاركت في جلسة استماع سرية في الكونغرس، أن مسؤولين رفيعي المستوى في أجهزة الاستخبارات، بينهم مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ليون بانيتا، أبلغوا أعضاء الكونغرس أنه عُثر على مبلغ 500 يورو (نحو 740 دولاراً أميركياً) مع بن لادن عند قتله، إضافة إلى رقمي هاتف خيطا في ثيابه، ما يدل على أنه كان مستعداً للفرار حال إشعاره بأي هجوم. ورداً على سؤال عن سبب عدم وجود عدد كبير من الحرس حول بن لادن في منزله، أجاب بانيتا بأن بن لادن كان يعتقد بأن «شبكته كانت قوية بما يكفي لتحذيره مسبقاً» من أي هجوم أميركي ضده.
من جهته، قدم المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني رواية أكثر تفصيلاً عن العملية، عازياً المعلومات غير الصحيحة في بادئ الأمر إلى «ضباب الحرب». وتلا بياناًً أعدته وزارة الدفاع جاء فيه: «زعيم القاعدة قاوم أثناء العملية. كان هناك خوف من أن يقاوم بن لادن عملية الاعتقال، وفي الواقع فإنه قاوم». وتابع «اندفعت امرأة، زوجة بن لادن، نحو المهاجم الأميركي فأطلق عليها النار في ساقها، لكنها لم تقتل. ثم أطلق الرصاص على بن لادن فقتل، ولم يكن مسلحاً». وبعيداً عن قصة عملية الكوماندوس والأحداث التي رافقتها، لم يحسم البيت الأبيض بعد نشر صور مقتل بن لادن من عدمه. وقال كارني «سأكون صريحاً. نشر صور بن لادن مسألة حساسة. المسألة تتعلق بمعرفة ما إذا كان نشر الصور يخدم مصالحنا أو يضرّ بها». وشرح أن «الصورة فظيعة»، قائلاً إن الرئيس باراك أوباما هو صاحب الكلمة الأخيرة في هذه المسألة.
بدوره، أعلن بانيتا أن صور جثة بن لادن ستنشر في نهاية الأمر، معترفاً بأن تقنية «الإيهام بالغرق» استخدمت مع معتقلين في غوانتنامو للحصول منهم على معلومات أدت إلى نجاح مهمة قتل بن لادن.
ويعتزم أوباما حضور حفل في نيويورك اليوم لمناسبة مقتل بن لادن، حيث سيلقي كلمة من موقع «غراوند زيرو» (موقع برجي مركز التجارة العالمي) ويلتقي مع عائلات بعض ضحايا هجمات 11 أيلول. وأعلن المتحدث باسم الرئيس السابق جورج بوش، دايفيد شيرزر، أن الأخير رفض دعوة من أوباما لحضور الحفل، بعدما «اختار البقاء بعيداً عن دائرة الضوء». وقد مرّر مجلس الشيوخ قراراً يعطي الفضل لبوش وأوباما بقتل زعيم «القاعدة».
وتجدر الإشارة إلى أن شركة «نيلسن» الأميركية أعلنت أن أكثر من 56 مليون شخص تابعوا خطاب أوباما الذي أعلن فيه مقتل زعيم «القاعدة».
ووسط الغضب الأميركي حيال باكستان، ومطالبة أعضاء في الكونغرس بمراجعة المساعدات المقدمة إليها، على خلفية كشف مكان اختباء بن لادن بالقرب من أكاديمية عسكرية قريبة من إسلام آباد، أكد وزير الخارجية سلمان بشير أن بلاده أعلمت الولايات المتحدة منذ عام 2009 بمخبأ بن لادن «من بين ملايين المواقع الأخرى» المحتملة، مضيفاً أن «أجهزة الاستخبارات الأميركية تمتلك بالتأكيد الكثير من الأجهزة المتطورة من أجل تقويم الموقع وتقديره»، فيما أكد رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني، خلال زيارته إلى فرنسا، أن اختباء بن لادن في مكان ليس ببعيد عن أكاديمية عسكرية باكستانية يشير إلى «فشل عمل أجهزة استخبارات العالم»، بما فيها الأميركية. وكانت باريس قد شكّكت في دور باكستان في «محاربة الإرهاب» وتعقّب بن لادن.
وعززت السلطات الباكستانية إجراءاتها الأمنية حول المنزل الذي كان يقيم فيه بن لادن. وأغلقت قوات الشرطة حي بلال حيث المنزل في مدينة أبوت أباد.
أما أفغانستان، فأعلنت على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع ظاهر عظيمي، أنه «كان يتحتّّّم على وكالة الاستخبارات الباكستانية معرفة أن بن لادن كان يختبئ على مقربة من العاصمة الباكستانية».
ووسط الخوف العالمي من العمليات الانتقامية، حذر وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان من أنه «يمكن التخوف من أن تواجه فرنسا أعمالاً انتقاميّة». وأضاف لإذاعة «أر تي أل» أن «التهديدات في كل مكان ويمكننا أن نخشى تعرض فرنسا مثل الولايات المتحدة ودول أخرى صديقة لأعمال انتقامية وثأرية».
وفي ردود الفعل، قال نائب رئيس مجلس الدوما الروسي، فلاديمير جيرينوفسكي، إن «قتل القوات الأميركية لبن لادن قد يكون له عواقبه السلبية على روسيا أكثر من أميركا»، فيما كررت إسرائيل مواقفها بوضوح أكثر، إذ رأى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، أهارون زئيفي فركش، أن قتل بن لادن يعطي شرعية لاغتيال من وصفهم بـ«الإرهابيين»، وأن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله يدرك ذلك. وأوضح لصحيفة «هآرتس»: «ليس صدفة أن نصر الله يقلّل من الخروج من ملجئه في السنوات الأخيرة».
أما إيران، فقد رأت على لسان وزير دفاعها أحمد وحيدي، أن مقتل بن لادن هو بمثابة «فشل ذريع» لواشنطن، وأن القرار الأميركي بإلقاء زعيم «القاعدة» في البحر يطرح تساؤلات عدة.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)