عند الساعة 11:35 من ليل الأحد، أطلّ باراك أوباما في خطاب رسمي غير متوقّع. لكن ما جاء في هذا الخطاب، على أهميته، لم يكن «إعلاناً» أو «مفاجأة»، بقدر ما كان تأكيداً لخبر تنقّل على «فايسبوك» و«تويتر» وبعض المواقع الإلكترونية منذ الساعة 9:45 من تلك الليلة.سهرة «التشويق» تلك بدأت على شبكة الإنترنت، وتحديداً من موقع التواصل الإلكتروني «تويتر». فبعدما أعلن مدير الاتصالات في البيت الأبيض دان بفايفر على صفحته على «تويتر» موعد الخطاب الرئاسي عند العاشرة والنصف من ذاك المساء، بُثّ جوٌّ من الاستغراب والترقب بين الصحافيين. «اذهبوا الى العمل»، رسالة تلقاها بعض المراسلين الصحافيين على بريدهم الإلكتروني بعيد الإعلان عن الخطاب. شائعات كثيرة بدأت تنتشر بين الصحافيين ومراسلي البيت الأبيض، وبينها توقّعات بارزة تفيد بأن خبر الليلة هو عن أسامة بن لادن. لكن وسائل الإعلام تريّثت ولم تبثّ الخبر فوراً. وعند الساعة 10:25، ضجّ موقع «تويتر» بما كتبه كبير موظفي وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد: «علمت من شخص موثوق أنهم قتلوا بن لادن».
حان موعد الخطاب الرئاسي، لكن أوباما لم يظهر بعد، وها هي شبكة «سي إن إن» تعلن أن الرئيس يكتب خطابه بنفسه وقد يتأجل ظهوره لبعض الوقت. الساعة 11:00 لم يخرج الرئيس بعد. لكن معظم القنوات الأميركية (ABC , CBS , NBC) كانت قد قطعت برامجها وبثّت خبر «مقتل بن لادن» ناسبة إياه الى مصادر في «البنتاغون» والبيت الأبيض. صحيفة «نيويورك بوست» كتبت على موقعها «نلنا منه!»، موقع «هافنغتون بوست» أشهَرَ كلمة واحدة ضخمة هي «ميت». اسم «بن لادن» ظهر بمعدل 12 مرّة في الثانية على «فايسبوك» في ذلك الوقت. انتشر الخبر في الولايات المتحدة الأميركية، لكن الكل أراد أن يسمع النبأ من فم الرئيس. وعند الساعة 11:35 «أكّد» أوباما خبر مقتل زعيم «القاعدة».
في المقلب الآخر، وعلى بعد 250 متراً من مكان إقامة بن لادن في أبوت أباد، جلس شاب باكستاني يدعى صهيب أثار في غرفته أمام شاشة الكومبيوتر، وبدأ ينشر رسائل قصيرة كالمعتاد على صفحته على «تويتر». صهيب (33 سنة) هو مستشار في شؤون المعلوماتية يعمل في لاهور كما يعرّف عن نفسه على حساب «تويتر». عند الساعة الواحدة فجراً، كتب صهيب عن سماعه صوت تحليق طائرة هليكوبتر في سماء أبوت أباد، وعلّق قائلاً «إن هذا أمر مستغرب ونادر في هذا الوقت»، آملاً أن لا يحدث «أي أمر مزعج». تابع الشاب سلسلة ملاحظاته، واصفاً الوضع في الخارج، وأرسل عشرات الجمل القصيرة لمتابعيه على «تويتر» تتحدث عن تحطّم الطائرة الأولى، ثم تحليق أخرى في سماء المنطقة. وفي وقت محدد، نقل صهيب عن «أمر ما يحصل في الحيّ الآن». ثم ما إن أذيع نبأ قتل بن لادن في أبوت أباد، حتى أدرك الشاب أنه كان يروي إلكترونياً أحداث عملية الهجوم على زعيم «القاعدة» التي حصلت على بعد أمتار من مكان وجوده في ذلك الوقت. «يبدو أنني الشخص الذي دوّن مباشرة الغارة على أسامة، من دون أن أدرك ذلك»، قال صهيب في رسالته الختامية على «تويتر».