لم يكن من الممكن اختيار مناسبة أكثر تعبيراً من مرور 50 سنة على الفوز الثوري في بلايا خيرون، عندما أعلنت كوبا هويتها الاشتراكية، قبل أن تسحق محاولة غزو شنّه كوبيّون من ميامي دربتهم الولايات المتحدة وموّلتهم. يومها، حققت كوبا فوزاً على عدوها التاريخي، واليوم مطلوب منها أن تحقق فوزاً على نفسها. وبعد الانتهاء من احتفالات المناسبة، ومن العرض العسكري الذي حضره راوول كاسترو مرتدياً بزة عسكرية، ومغطّياً رأسه بقبعة قش فلاحية، وغاب عنه فيديل «لأني قد أبقى ساعة واقفاً لكن ثلاث ساعات أكثر من طاقتي»، انتقل المسؤولون إلى مناسبة أخرى لا تقل أهمية، بل على العكس، لأن عليها يتوقف استمرار الثورة وإنقاذ كوبا من الإفلاس الاقتصادي، ألا وهي انعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوبي بعد انقطاع دام 14 سنة
وبعد عدة تأجيلات. مناسبة ستتطلب مواجهة ضارية مع تقاليد وعادات مترسخة مثل «الشكلية والجمود والدوغماتية»، كما قال راوول في خطاب افتتاح المؤتمر.
ويشارك في المؤتمر «التاريخي منذ الآن»، والمستمر حتى الثلاثاء، ألف مندوب سيكون
عليهم إقرار خطة الإصلاح الاقتصادي البنيوي المخصص له المؤتمر، وأيضاً انتخاب قيادة جديدة للحزب.
وثيقة المناقشة مكرسة بمجملها للاقتصاد وبدأت مناقشتها مع المجتمع قبل 3 أشهر، وهي مؤلفة من 290 موضوعاً، قبل أن تزداد إلى 311 مع الإضافات الشعبية التي طورت فيها وأدخلت عليها
اهتماماتها التي تدور حول القلق أمام التغييرات الآتية، التي ستدوم «على الأقل 5 سنوات»، كما أوضح راوول.
ومن أبرز بنود الخطة، المخصصة للإصلاح الاقتصادي البنيوي، تقليص حجم قطاع الدولة وانفتاح الاقتصاد على المبادرة الخاصة، واستقلالية مؤسسات الدولة وإصلاح القطاع الزراعي الغذائي والانفتاح على الرساميل الأجنبية.
وأتى الإعلان الأهم في «السياسة» خلال المؤتمر، إذ اقترح راوول في خطابه حصر مدة المواقع السياسية والرسمية بولايتين، أي بعشر سنوات، مضيفاً «هذا ممكن وهذا ضروري»، و«سينطبق عليّ مثل
الآخرين».
ويمثّل الإعلان نوعاً من النقد الذاتي لممارسة أبّدت المواقع الرسمية، ومنها موقعا فيديل وراوول
منذ بداية الثورة. وتابع «مع أننا مع فيديل دائماً حاولنا دعم الشباب وتمييزهم، أثبتت الحياة أن خياراتنا لم تكن دائماً ملائمة».
قبل أن يضيف «نواجه اليوم نتائج افتقادنا بدائل لها تجربة ونضوج لتحمّل المهمات الجديدة والمعقّدة لقيادة الحزب والدولة
والحكومة».
وقد تؤدي هذه المقدمة إلى دخول الشباب بقوة في قيادة الحزب، الذي سيدعو إلى مؤتمر
وطني حاسم في شهر أيلول. وحذّر راوول من مصير مشابه للقرارات السابقة التي «نُسيت ورُميت في الأدراج».
وشدد على على أنه «هذه المرة ما سيُتفق عليه لا يمكن أن نتناساه أو ألّا نطبقه».