أمر القضاء التشيلي، الذي يحقق في ظروف وفاة الرئيس سالفادور أليندي، بنبش جثته لمعرفة إن توفي قتلاً أو انتحاراً، إثر الانقلاب العسكري الذي نفذه الجنرال أوغستو بينوشيه في 11 أيلول عام 1973. ما حدث هذا اليوم يبقى سراً مدفوناً سينجلي بدءاً من 15 أيار المقبل على يد فريق من الخبراء من مختلف الاختصاصات. وتقدّم بطلب النبش عضو مجلس الشيوخ الاشتراكية، ابنته، إيزابيل أليندي، وعدد من جمعيات أهالي الضحايا. وكانت الرواية الأكثر تداولاً أن الزعيم الاشتراكي انتحر بطلق في رأسه بواسطة رشاش أهداه إياه الزعيم الكوبي فيديل كاسترو. وهناك رواية أخرى للوثائقي باتريسيو غوزمان تقول إنه انتحر بواسطة مسدس، وأخرى للصحافي كاميلو توفيق تقول إن معاونه إنريكي هويرتا إعطاه طلقة الرحمة؛ لأن طلقة مسدسه لم تقتله.

ويتشكك أناس كانوا آنذاك في القصر بهذه الرواية الأخيرة.
وهناك روايات لا تقبل الانتحار «المتناقض مع روحية خطابه... فضلاً عن أن القصر كان تحت القصف بدون كهرباء والتفجيرات في كل مكان والدخان من كل صوب، فكيف يستطيع أن يجزم البعض بما حصل؟»، تتساءل مثلاً أليسيا، زعيمة نقابية آنذاك، وتعتقد أن أليندي قتل رمياً بالرصاص بعد اعتقاله، أو نتيجة مواجهة بعد دخول المتآمرين إلى القصر.
مهما يكن، فالتخبط في كل هذه الروايات هو الذي جعل إيزابيل أليندي ـــــ التي كانت مع عائلتها مقتنعة برواية الانتحار ـــــ تعود وتطالب اليوم بفتح التحقيق في ظروف وفاة أليندي، وبنبش جثته لـ«الحصول على إثبات أدقّ ونهائي، لا يترك المجال للتشكيك ولا للتقدير».
المتفق عليه في تعدد الروايات المتداولة أن أليندي وصل باكراً إلى القصر، ورفض أكثر من مرة عروضاً من بينوشيه تدعوه إلى الاستسلام ومغادرة البلد. وعندما اشتد القصف، طلب من العائلات ومن مستشاريه مغادرة القصر ـــــ والكثيرون جرت تصفيتهم لحظة الخروج أو بعد ساعات ـــــ ثم ساعد في تنظيم المقاومة، ثم ألقى خطابين بصوت هادئ حذر من الآتي، واعداً بقيامة شعبية جديدة... ثم اختلى في مكتبه... ثم بدأت الروايات المتضاربة. وكانت الجثة قد شرحت عام 1973 قبل نقلها إلى مدينة فينيا ديل مار الساحلية، ثم عادت إلى العاصمة عام 1990 مع عودة الديموقراطية. التشريح الأول يفتقر إلى الصدقية، وقد جرى في ذروة التجاذب، ولم يسمح للعائلة برؤية الجثة. التشريح الثاني اليوم سيزيل كل الشكوك الباقية.