واشنطن | فيما حذّر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من مغبة اللجوء إلى التدخل البري في ليبيا، مؤكداً أن قرار مجلس الأمن الرقم 1973 لا يتضمن ذلك، قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن الدول الأعضاء في حلف شمالي الأطلسي، تبحث وسائل لتقديم تمويلات للمعارضة المسلحة في الجماهيرية. وأوضحت، في تصريحات من برلين، أن المعارضة تحتاج إلى الكثير من المساعدة على الصعد التنظيمية والإنسانية والعسكرية.وذكرت مصادر سياسية أن إدارة أوباما ترفض دعوات حكومات عربية وأوروبية للتدخل العسكري البري في ليبيا من أجل إطاحة نظام حكم العقيد معمر القذافي، مشيرة الى أن هذا الموضوع قد بحث في الاجتماع الذي عقد بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، وأمير قطر، حمد بن خليفة، الخميس الماضي في البيت الأبيض.
في المقابل، وصفت النائبة الجمهورية ميشيل باشمان، قرار الرئيس أوباما التدخل في ليبيا بأنه خطوة «حمقاء»، محذرة من أن حملة حلف شمالي الأطلسي العسكرية هناك قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز تنظيم القاعدة. وأضافت «إذا أطيح القذافي وجاء تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا وسيطر على عائدات النفط، عندها سيكون لديهم مصدر تمويل دائم لتمويل الإرهاب في جميع أنحاء العالم».
وتزامنت هذه التصريحات مع تقارير ذكرت أن نقص الذخيرة الأوروبية وعدد الطائرات المحدود التي تستخدم ضد القوات الحكومية الليبية يثيران الشكوك حول قدرة الأطلسي في الاستمرار بقوة لضمان نجاح العملية.
في السياق، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن بعض كبار مسؤولي الأطلسي والحكومة الأميركية، أعربوا عن قلقهم الشديد إزاء عدم قدرة الأطلسي على الاستمرار في نفس القدرة الهجومية التي بدأت بها القوات الأميركية العملية العسكرية، بسبب نقص بعض المعدات اللازمة مثل القنابل الذكية والطائرات الدقيقة.
ورغم عدم طلب الأطلسي رسمياً مشاركة الولايات المتحدة مجدداً في العمليات العسكرية، إلا أن العديد من المسؤولين العسكريين الأميركيين يتوقعون استدعاءهم مرة أخرى للتدخل لكون الولايات المتحدة الوحيدة التي تملك مقاتلات «إيه 10» و«إس 130»، التي لديها القدرة على التحليق على مسافات منخفضة وبسرعة أقل ما يحسّن قدرة التصويب، واستهداف جنود القذافي وقواته وتجنّب المدنيين.
من جهته، أعرب وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، عن استعداد بلاده لتقديم الطائرات في حال احتياج قوات الحلف إليها، وستكون على أهبة الاستعداد إذا استدعى الأمر، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستتفرغ في الوقت الراهن لتقديم الإمدادات اللازمة والضرورية التي وصفها بـ«القدرات الفريدة من نوعها» مثل طائرات الاستطلاع من دون طيار، ومعدات التشويش وطائرات التزود بالوقود والمعلومات الاستخبارية.
وقال نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، بنيامين رودس، «هناك جوانب تعمل بمرور الوقت ضد القذافي، إذا استطعنا حرمانه من الأسلحة والمواد والسيولة المالية، فإن ذلك سيؤثر على حسابات الناس الذين يحيطون به، لكن الأمر سيستغرق وقتاً لتشكل مجموعة معارضة».
يذكر أن المبعوث الأميركي الخاص لدى المجلس الوطني الليبي الانتقالي كريستوفر ستيفنس، موجود حالياً في بنغازي للعمل مع المجلس من أجل تحسين عمله، ووضع برامج عمل لمرحلة ما بعد القذافي.
ولم يحسم الحلفاء داخل الأطلسي خلافاتهم بشأن الكيفية، التي ينبغي أن يجري فيها التدخل العسكري ضد ليبيا. إذ بينما تؤيد فرنسا وبريطانيا توسيع المهمات الجوية من دون تسليح المعارضة الليبية، فإن إيطاليا التي تقول إنها قد قدمت بما فيه الكفاية تؤيد التسليح. وفيما تعارض ألمانيا التسليح وتوسيع المهمات الجوية وتحذر من تقسيم ليبيا الذي سيحولها إلى دولة فاشلة على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، أعلنت إسبانيا أنها لن تفعل المزيد وهي تركز على الطابع الإنساني لمشاركتها. بينما قالت كندا إنها قد لا تنظر في زيادة مساهمتها العسكرية.
من جهة ثانية، رجّحت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن مصادر مطلعة أن تكون الدولة المرشحة لإقامة العقيد القذافي بعد إزاحته عن السلطة، دولة أفريقية، فيما أشارت معظم التقارير الاستخبارية حتى الآن إلى عدم بروز شخصية من أوساط المعارضة الليبية ذات صدقية لتخلف القذافي في السلطة.
وقالت الصحيفة إن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة مع حلفائها لترتيب هذه العملية تمضي بصمت وهدوء، رغم كل الصخب الذي يثيره القذافي في الآونة الأخيرة.
وأضافت الصحيفة إن من بين المصاعب التي تعتري هذه العملية مسألة ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للقذافي. ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن وحلفاءها يسعون إلى تقديم حافز للقذافي للموافقة على التنحّي، وذلك باختيار دولة أفريقية لإيوائه من غير الموقّعين على الاتفاقية المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، التي يحاكم أمامها من يتهم بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
ويقول مسؤولون أميركيون إن المعارضة الليبية غير موحّدة تماماً ولم تتفق بعد على من قد يخلف القذافي في حال إطاحته، فيما يخشى مسؤولون من اندلاع حرب قبلية إذا لم يحدث إجماع على الشخصية القيادية التي ستخلف القذافي وتحافظ على وحدة البلاد.